شيّع جثمان مهندس عراقي قتل تحت التعذيب

شيّع العشرات جثمان المهندس العراقي بشير خالد، أمس الإثنين، الذي فارق الحياة إثر فشل كلوي نتيجة تعرضه للضرب والتعذيب في أحد المعتقلات في العاصمة العراقية بغداد، وسط مطالبات بمحاسبة المتورطين بالقضية التي لا تزال التحقيقات في ملابساتها قائمة.
مراسم تشييع
وأقام العشرات من ذوي ومحبي الفقيد صلاة الجنازة في جامع برهان الدين في حي الجامعة غربي بغداد، قبل أن تنطلق مراسم تشييع الجثمان.
ونعى ذوو خالد فقيدهم الذي غادر الحياة بعد أيام من الغيبوبة نتيجة التعذيب الذي تعرض له داخل أحد سجون وزارة الداخلية.
وبعد 7 أيام من الغيبوبة، توفي بشير نتيجة الفشل الكلوي، حيث فقد الوعي ورقد في المستشفى منذ أيام بعد تعرضه لتعذيب لا تزال تفاصيله غامضة ومتضاربة، عقب أن دخل مركز شرطة حطين ثم تحويله إلى السجن المركزي التابع لوزارة الداخلية إثر مشاجرة بين المهندس ولواء في الشرطة الاتحادية.
وقال أحد أقاربه، نشأت البكري، في تدوينة له أمس، انتقل إلى رحمة الله الشاب المهندس المغدور الشهيد بإذنه تعالى بشير خالد لطيف، ذهب إلى الله وجسمه مليء بآثار التعذيب لتكون شاهدة على وحشية وبربرة هذه الدولة.
وأضاف: ترك هذه الدنيا بتعذيبها وكذبها وتلفيقها وانتقل إلى رحمة رحمان رحيم. عار على الشعب العراقي إن سكت، عار على الدولة أن سكتت، عار على الإنسانية أن لم تنتفض اليوم في العراق، انتفاضة حتى القصاص.
ووصفت نقابة المهندسين العراقية ملابسات وفاة خالد بأنها اعتداء صارخ على كرامة الإنسان وانتهاك فاضح للقيم الإنسانية، مؤكدة انها لن تتخلى عن المطالبة بكشف الحقيقة كاملة، ومحاسبة جميع المتورطين في هذه الجريمة.
وذكرت في بيان صحافي أن «حادثة وفاة خالد نتيجة التعذيب ليست مجرد حادثة عابرة، بل هي اعتداء صارخ على كرامة الإنسان العراقي، وانتهاك فاضح للقيم الإنسانية التي تتأسس عليها المجتمعات المتحضرة، ويجب ان تُحدث زلزالا تصحيحيا لكل المؤسسات المعنية بالتعامل مع المواطن». وأكدت في بيانها أنها «لن تتوانى عن الدفاع عن حقوق المهندس بشير، ولن تتخلى عن المطالبة بكشف الحقيقة كاملة، ومحاسبة جميع المتورطين في هذه الجريمة، مهما كان نفوذهم أو مواقعهم»، مشيرة الى ان الكرامة والعدالة ليست شعارات فارغة، بل هي مبادئ راسخة ستبقى النقابة ملتزمة بها بكل ما أوتيت من قوة.
وأوضح البيان أن النقابة غير مقتنعة بكثرة البيانات والتوضيحات والإصدارات الإعلامية، التي تحاول التغطية على المسؤولين عن هذه الجريمة، ولن تتوانى النقابة حتى يكون مصير جميع المسؤولين عن الجريمة خلف القضبان، لافتا إلى أن أي تقاعس عن اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة سيعتبر تواطؤًا مع الظلم، وتشجيعا ضمنيا لمزيد من الجرائم بحق العدالة وكرامة الإنسان العراقي، وهو أمر لن تسكت عنه النقابة، ولن تقبله بأي حال من الأحوال.
ودعت جميع الجهات المعنية إلى الوقوف صفًا واحدًا من أجل حماية كرامة المواطن العراقي، وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات الجسيمة، ولن تقف النقابة مكتوفة الأيدي، بل ستتخذ كل الخطوات القانونية والمهنية للدفاع عن حق المهندس بشير، وضمان تحقيق العدالة لأسرته وللمجتمع الهندسي بأسره»، مؤكدة أن «العدالة ليست مطلبا، إنها ضرورة لاستقامة المؤسسات، ونقابة المهندسين العراقية ستظل صوتًا قويًا ضد الظلم والقمع، مدافعةً بكل حزم عن حقوق المهندسين وكرامتهم.
وكانت لجنة حقوق الإنسان النيابية قد طالبت بفتح التحقيقات الفورية والعاجلة ومحاسبة المسؤولين عن حادثة الاعتداء على بشير.
وأعربت في بيان صحافي عن بالغ الاستنكار والإدانة الشديدة لما تعرض له المهندس بشير خالد لطيف في أحد مراكز الاحتجاز التابعة لوزارة الداخلية من تعذيب شنيع وسوء المعاملة، في انتهاك واضح وصريح للقانون والدستور العراقي والمعاهدات الدولية التي تجرم التعذيب وتضمن كرامة الإنسان وحقوقه الأساسية.
وأفادت بأن الدستور العراقي قد نصّ في المادة (333) من قانون العقوبات العراقي على (يعاقب بالسجن أو الحبس كل موظف او مكلف بخدمة عامة عذب أو أمر بتعذيب متهم أو شاهد أو خبير لحمله على الاعتراف بجريمة أو لأدلاء بأقوال ومعلومات بشأنها أو لكتمان أمر من الأمور أو لإعطاء رأي معين بشأنها ويكون حكم التعذيب استعمال القوة والتهديد).
وأكدت أن العراق طرف في الاتفاقية الدولية المناهضة للتعذيب التي وقع وصادق عليها والتي تلتزم الدولة بموجبها باتخاذ جميع التدابير اللازمة لحماية الأفراد من التعذيب ومعاقبة كل من تورط في هذه الجريمة.
وطالبت اللجنة في بيانها بفتح التحقيقات الفورية والعاجلة ومحاسبة المسؤولين أيّاً كانت مناصبهم بما يضمن الشفافية والنزاهة التامة، وجلب الجناة الى العدالة، وأن يتم تعويض ذوي الضحية لما تعرضوا له من ضرر نفسي ومعنوي، داعية إلى ضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات من خلال تفعيل آليات الرقابة والمساءلة، واحترام حقوق الإنسان وصون كرامة المواطنين داخل جميع المؤسسات الأمنية.
الدفاع عن العدالة
واعتبرت أن صمت المجتمع أو تجاهله لمثل هذا الجرائم هو تواطؤ ضمني لخرق مبادئ حقوق الإنسان، لذا نهيب بكافة الجهات الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني أن ترفع صوتها عاليا دفاعا عن العدالة وضمان حقوق الإنسان.