الأزمة الاقتصادية تتواصل في مصر ومجلس النواب يتجاهل انتقادات المعارضة للإجراءات الجنائية
تواصلت الأزمة الاقتصادية في مصر مع استمرار انخفاض قيمة العملة المحلية، في وقت استمرت الانتقادات لملف مصر الحقوقي، في وقت تصر السلطة على تمرير مشروع الإجراءات الجنائية الذي يعرف بالدستور الثاني للبلاد، متجاهلة رفض أحزاب المعارضة والنقابات والمنظمات الحقوقية التي طالبت بإجراء حوار مجتمعي حول مشروع القانون، بينما أثار تأسيس رجل الأعمال السيناوي إبراهيم العرجاني اتحاد قبائل العربية جدلا واسعا، وسط مخاوف أن يتحول إلى ما يشبه قوات الدعم السريع في السودان.
وفي آذار/مارس الماضي، أقدم البنك المركزي المصري على تحرير سعر صرف الجنيه في قرار هو الخامس من نوعه منذ عام 2016، وانخفضت قيمة العملة المحلية أمام الدولار، ليسجل الأخير وقتها 48 جنيها، قبل أن يقترب من حاجز الـ51 خلال الأيام الأخيرة.
ويأتي قرار المركزي في إطار تنفيذ اشتراطات صندوق النقد الدولي لمنح مصر قرضا قيمته 8 مليار دولار، التي تضمنت بجانب تحرير سعر الصرف بيع أصول مملوكة للدولة والجيش، وتتهم أحزاب المعارضة نظام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بالتسبب في الأزمة الاقتصادية بانتهاج سياسة قائمة على الاستدانة. وفي الملف الحقوقي، أيدت محكمة النقض المصرية قبل أيام حكم سجن المعارض المصري أحمد الطنطاوي ومدير حملته الانتخابية المحامي محمد أبوالديار السجن لمدة عام ومنع الطنطاوي من الترشح في الانتخابات لمدة 5 أعوام في القضية المعروفة إعلاميا بـ التوكيلات الشعبية.
وتعود القضية إلى اتهامات طالت أحمد الطنطاوي ومجموعة من أعضاء وأنصار حملته الانتخابية، بتزوير توكيلات شعبية خلال استعداداته لخوض الانتخابات الرئاسية الأخيرة. وأصدرت المحكمة في درجتها الأولى حكمها بحبسه سنة مع وقف التنفيذ لحين الاستئناف، الذي تم رفضه لاحقا وتأييد حبسه ومدير حملته و21 من أعضاء وأنصار الحملة.
وفي أيار/مايو الماضي آثار إعلان تأسيس «اتحاد القبائل العربية» في مصر برئاسة رجل الأعمال السيناوي إبراهيم العرجاني الذي ارتبط اسمه بانتقادات واسعة تتعلق بتحصيل آلاف الدولارات من أهالي قطاع غزة الراغبين في دخول مصر عبر شركة «هلا» للسياحة المملوكة له، جدلا واسعا في مصر، ومخاوف من أن يمثل الاتحاد تكرارا لنموذج «حميدتي» وقوات «الدعم السريع» في السودان.
ويواجه العرجاني، انتقادات كبيرة في مصر بسبب الدور الذي تلعبه شركة «هلا للسياحة» المملوكة له، وتتبع مجموعة سيناء للاستثمار، في معبر رفح، والاتهامات التي تلاحقها بسبب تحصيل آلاف الدولارات من راغبي دخول مصر من أهالي قطاع غزة فيما عرف بـ تنسيق هلا.
وتحول العرجاني أحد شيوخ قبيلة الترابين من أكبر قبائل سيناء، خلال العقد الماضي من مطلوب ومتهم بقتل وخطف عناصر من الشرطة المصرية، إلى أحد مؤسسي «اتحاد قبائل سيناء» التي ساندت الجيش المصري في مواجهة المسلحين الإسلاميين بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي عام 2013.
وتعرض عام 2008 للاعتقال لمدة عامين بتهمة اختطاف عناصر من الشرطة ردا على مقتل 3 من قبيلته، قبل أن يشارك في تأسيس «اتحاد قبائل سيناء» الذي لعب دورا في القضاء على تنظيم ولاية سيناء.
وبات واحدا من أهم رجال الأعمال المصريين، من خلال مؤسسة أبناء سيناء التي تولت إحدى شركاتها عمليات إعادة الإعمار في قطاع غزة، ضمن المبادرة التي أعلنها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بقيمة 500 مليون دولار في أيار/مايو 2021.
وفي كانون الأول/ديسمبر وافق مجلس النواب المصري من حيث المبدأ على مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، متجاهلا موقف النقابات وأحزاب المعارضة والمنظمات الحقوقية الداعية لإرجاء إقرار القانون وعقد حوار مجتمعي. وواجه مشروع هذا القانون الذي تقدمت به حكومة رئيس الوزراء مصطفي مدبولي رفضا واسعا من أحزاب المعارضة والمنظمات الحقوقية ونقابات المحامين والصحافيين والمهندسين.
وأعرب مسؤولون أمميون، في خطاب أرسلوه إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، عن مخاوفهم من تعديلات القانون، فضلا عما تضمن المشروع من صياغات غامضة وفضفاضة لبعض الأحكام.
وحمل الخطاب توقيع كل من المقررين الخاصين للأمم المتحدة المعنيين بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، وبالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، وبحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، وباستقلال القضاة والمحامين، وبتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، والفريق العامل المعني بحالات الإخفاء القسري أو غير الطوعي.
وجاء في الخطاب، أن مخاوف المقررين الخاصين بالأمم المتحدة لا تزال قائمة بشأن الصلاحيات الموسعة التي من شأنها أن تمنحها التعديلات الجديدة لموظفي إنفاذ القانون والمدعين العامين من دون مراجعة قضائية، فضلا عما تضمنه مشروع القانون من صياغات غامضة وفضفاضة لبعض الأحكام، والتهديد المزعوم لضمانات المحاكمة العادلة.