بعد دعم طويل للنظام.. كيف ستتعامل الجزائر مع سوريا الجديدة؟
مع سقوط نظام بشار الأسد على يد المعارضة المسلحة، تثار تساؤلات حول الموقف الجزائري الذي لطالما دعم النظام سياسيا ودبلوماسيا حتى اللحظات الأخيرة في “مواجهة الجماعات الإرهابية”، بحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية الجزائرية عقب اتصال جمع وزير الخارجية أحمد عطاف بنظيره السوري بسام الصباغ في 3 كانون الأول/ ديسمبر الجاري.
وأكد البيان موقف الجزائر الثابت في التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة، دولة وشعبًا، في مواجهة التهديدات الإرهابية التي تهدد سيادتها ووحدتها وحرمة أراضيها، وكذا أمنها واستقرارها.
رغم التطورات المتسارعة في دمشق، واصلت الجزائر تأكيد قلقها بشأن الأوضاع في سوريا بعد سقوط النظام، داعية في بيان آخر إلى الوحدة والسلم والعمل من أجل الحفاظ على أمن الوطن واستقراره ووحدة وسلامة أراضيه.
وشددت على أهمية الحوار بين السوريين وتغليب المصالح العليا لسوريا، والحفاظ على أملاك ومقدرات البلاد، والتوجه نحو بناء وطن يسع الجميع في ظل مؤسسات نابعة من إرادة الشعب السوري، بعيدًا عن التدخلات الأجنبية.
وتمسكت الجزائر منذ البداية بموقفها الداعم للنظام، حيث دعت في شباط/ فبراير 2020 إلى “رفع التجميد عن عضوية سوريا في الجامعة العربية”. ووصف وزير الخارجية الجزائري الأسبق، صبري بوقادوم، تجميد العضوية بأنه خسارة لكل الدول العربية.
وكانت الجزائر من بين الدول القليلة التي رفضت قرار الجامعة العربية تجميد عضوية سوريا في تشرين الثاني/ نوفمبر 2011.
كما أنها عملت على إعادة دمشق إلى الجامعة بمناسبة القمة العربية التي استضافتها في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022.
وفي أيار/ مايو 2023، أعلنت الجامعة العربية رسميا عن عودة النظام السوري المخلوع إلى مقعد سوريا بعد غياب دام 11 عامًا.
ومع سيطرة المعارضة المسلحة على الحكم في سوريا، تُطرح تساؤلات حول كيفية تعامل الجزائر مع هذا الواقع الجديد، خاصة في ضوء مواقفها الحازمة ضد الجماعات الإسلامية المسلحة، بحسب تقرير نشره موقع الحرة.
ويرى المحلل السياسي إدريس عطية أن الجزائر ستتعامل مع النظام الجديد من منطلق الحكومة القادمة التي ستتجسد شرعيتها من خلال الاعتراف الدولي بها على الأقل بشكل مؤقت.
وأوضح عطية في حديثه لـ”الحرة”، أن الجزائر “تلتزم دائمًا بالقانون والشرعية الدولية وسيادة الدول”، مشيرا إلى أن هذا النهج هو ما حكم علاقتها مع سوريا على مر السنين.
وأضاف أن العلاقات الجزائرية-السورية كانت قائمة على الروابط التاريخية بين الشعبين، وهو ما سيدفع الجزائر إلى “ترسيخ” العلاقات الدبلوماسية مع النظام الجديد في إطار الجامعة العربية والمنظمات الأممية.
من جانبه، يشير الدبلوماسي الجزائري مصطفى زغلاش إلى أن “الواقعية والطموح” ستكون الأساس في تحديد علاقة الجزائر مع النظام الجديد في سوريا. وقال إن الجزائر ستتعامل مع دولة بحكومتها ومؤسساتها، وليس مع تنظيم أو فصيل مسلح.
وأردف زغلاش لـ”الحرة” بأن رحيل نظام بشار الأسد “ليس ظاهرة جديدة”، مستشهدا بسقوط نظام معمر القذافي في ليبيا، والذي لم يمنع الجزائر من بناء علاقات قوية مع طرابلس.
وأوضح أن الدبلوماسية الجزائرية ستتعامل مع الوضع الجديد في سوريا وفقا لمبادئها التي تركز على احترام خيارات الشعب السوري وإرادته، مع الحرص على وحدة البلاد.
وختم زغلاش حديثه بالتأكيد على أن التعامل الجزائري مع دمشق مستقبلا “لن يشهد تعقيدات كبيرة”، لأن الدبلوماسية الجزائرية تعتمد الواقعية السياسية كأساس لتحركاتها.
وفجر الأحد 8 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، دخلت فصائل المعارضة السورية إلى العاصمة دمشق، وسيطرت عليها مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاما من حكم نظام حزب البعث، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
وقبلها في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بدأت معارك بين قوات النظام السوري وفصائل معارضة، في الريف الغربي لمحافظة حلب، استطاعت الفصائل خلالها بسط سيطرتها على مدينة حلب ومحافظة إدلب، وفي الأيام التالية سيطرت على مدن حماة ودرعا والسويداء وحمص، وأخيرا دمشق.
وجرى تكليف المهندس محمد البشير، وهو رئيس حكومة الإنقاذ التي كانت تدير إدلب، بتشكيل حكومة لإدارة شؤون البلاد في المرحلة الانتقالية، إلى غاية الأول من شهر آذار/ مارس المقبل.