أخبار عالميةالأخبار

الجيش الروسي يسيطر على مدن في أكرانيا ينتقد التأخير في شحنات الأسلحة الغربية

بعد عامين ونصف من القتال الدامي، انسحب الجيش الأوكراني هذا الأسبوع من مدينة فوغليدار الواقعة بمنطقة في دونيتسك شرق البلاد، لتعلن القوات الروسية سيطرتها على المدينة، في تطور يُشكل وفق مراقبين ومحللين، هزيمة استراتيجية ورمزية لكييف، التي زارها بالتزامن مع هذه الانتكاسة العسكرية الجديدة الأمين العام الجديد لحلف الشمال الأطلسي «الناتو» مارك روته، فكانت هذه الزيارة فرصة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لتجديد انتقاده للتأخير الغربي في توريد الأسلحة بعيدة المدى التي تُشدد أوكرانيا على أنها ضرورية لمحاربة الغزو الروسي.

ففي خطوة بمثابة ضربة قاسية لكييف، أعلن الجيش الأوكراني، الأربعاء 2 تشرين الأول/اكتوبر، انسحابه من مدينة فوغليدار، حيث أوضح تجمع القوات الأوكرانية في المنطقة على تلغرام أن «القيادة العليا أعطت الإذن بمناورة الانسحاب للسماح بإنقاذ الرجال والمعدات العسكرية واتخاذ مواقع جديدة لمواصلة العمليات». وفي اليوم التالي، أعلنت روسيا سيطرتها على هذه المنطقة الواقعة في شرق أوكرانيا. وقالت وزارة الدفاع الروسية على تلغرام: بفضل الإجراءات الحازمة لوحدات تجمع القوات الشرقية، تم تحرير بلدة فوغليدار.

موقع استراتيجي للغاية

بدأ القتال في هذه البلدة، التي كان يسكنها حوالي 15 ألف نسمة قبل بدء الحرب في 24 شباط/فبراير 2022 في الأسابيع الأولى من الهجوم الروسي. وكانت مدينة تعدين الفحم هذه الواقعة في منطقة دونيتسك (شرق البلاد) أحد الأهداف ذات الأولوية بالنسبة للروس. فبالإضافة إلى وجود مناجم الفحم، فإن المدينة، التي دمرت اليوم إلى حد كبير بسبب القصف المتواصل، توفر ميزة كونها تقع على ارتفاع وتسمح للقوات التي تسيطر عليها بالحصول على رؤية بانورامية للمنطقة. كما أنها تعتبر مفترق طرق استراتيجي لإمدادات كلا المعسكرين، حيث تقع عند تقاطع الجبهتين الشرقية (منطقتي لوهانسك ودونيتسك) والجنوبية (منطقتي زابوريجيا وخيرسون). ويرى خبراء عسكريون أن بلدة فوغليدار «تشكل عقدة لوجستية» حيث إن خسارتها تعني ميكانيكيًا تراجعًا عن الخط الدفاعي، لأنه سيتعين على الأوكرانيين بعد ذلك الاعتماد على نقاط لوجستية أخرى تقع في عمق أكبر. كما أن خسارة المدينة من المحتمل أن تهدد أمن الجزء الجنوبي الغربي بأكمله من منطقة دونيتسك.
العديد من المسؤولين الأوكرانيين، كانوا قد اعتبروا، في بداية أيلول/سبتمبر المُنصرم، أن الدفاع عن مدينة فوغليدار بات في غاية الصعوبة، حيث يقصف الروس هذه المنطقة باستمرار بقنابل جوية موجهة قوية للغاية. مع ذلك، تمكنت القوات الأوكرانية من صد الروس العام الماضي، حيث فقد الروس العشرات، بل المئات من المركبات المدرعة والدبابات، التي دمرتها المدفعية الأوكرانية وحقول الألغام المثبتة منذ أشهر، كما أكدت حينها وسائل إعلام غربية.
ولكن على الرغم من هذه المقاومة الشرسة، اضطرت القوات الأوكرانية إلى الاستسلام في نهاية المطاف، لاسيما في مواجهة القوة الضاربة الروسية. وقال قائد أوكراني مسؤول عن الدفاع عن المدينة لوكالة فرانس برس: «لديهم المعدات والأسلحة وعدد الأشخاص أكثر منا». وقبل إعلان هذا النصر والسيطرة على فوغليدار توخت روسيا الحذر أولاً، وقال إيان غاغوين، مستشار قائد قوات في منطقة دونيتسك، لوكالة الأنباء الروسية الرسمية ريا نوفوستي: جنودنا موجودون في فوغليدار، وقد وضعنا العلم الروسي على مبنى الإدارة المحلية.
ومع ذلك، من السابق لأوانه الحديث عن السيطرة على المدينة. ما تزال هناك وحدات متفرقة من الجيش الأوكراني، وتجري عملية التطهير وستستغرق بعض الوقت.
وأتت السيطرة الاستراتيجية الروسية على فوغليدار في سياق التقدم الذي أحرزه الروس خلال هذا الخريف، لاسيما في شرق أوكرانيا مع اقترابهم أكثر من أي وقت مضى من بوكروفسك، وهي مدينة رئيسية للخدمات اللوجستية الأوكرانية. ويرى مراقبون ومحللون أن هذا النصر يريح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي قدم للتو مشروع قانون ميزانيته لعام 2025 والذي ينص على زيادة بنسبة 30 في المئة في الإنفاق العسكري في العام المقبل، وذلك بعد أن شهدت الميزانية العسكرية الوطنية ارتفاعاً بنسبة 70 في المئة تقريبًا في عام 2024. وكان الرئيس الروسي قد وضع في منتصف أيلول/سبتمبر «تعزيز القدرة الدفاعية للبلاد» و«دمج المناطق الأوكرانية المحتلة ضمن الأولويات.

مارك روته في كييف

تزامن إعلان روسيا عن السيطرة على فوغليدار مع زيارة الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي «الناتو» الهولندي مارك روته، إلى كييف، وذلك بعد يومين من توليه منصبه، حيث أوضح أن الهدف منها هو «التأكيد على أن الحلف يقف إلى جانب أوكرانيا، وعلى أن أولويته تتمثل في المضي قدما بهذا الدعم». للإشارة، يعد رئيس الوزراء الهولندي السابق من أشد داعمي أوكرانيا وسبق أن زارها مرات عدة منذ الغزو الروسي. كما أن الحكومة الهولندية تعد أحد أهم الداعمين الأوروبيين لكييف، وكانت القوة الدافعة وراء تسليم طائرات مقاتلة متطورة من طراز إف-16 إلى كييف.
وجاءت زيارة الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلس في لحظة صعبة بالنسبة لأوكرانيا، التي تشهد قواتها تراجعا على الجبهة، في ظل النقص في الرجال والعتاد. فأوكرانيا قد تواجه عدة أشهر حرجة قادمة، وربما سيكون أصعب شتاء تشهده على الإطلاق، في ساحة المعركة.
ولم يفوت الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي فرصة استقباله لمارك روته لتجديد انتقاده التأخير في الشحنات الغربية من الأسلحة، وللقيود التي يقول إنها تحد من قدرة كييف على الرد. وشدد على أنه بلاده بحاجة إلى كمية ونوعية كافية من الأسلحة، بما في ذلك الأسلحة بعيدة المدى.
وقال إنه بدون المساعدات الغربية، لن يكون لدى أوكرانيا أي فرصة للفوز بالحرب.
ومن المقرر أن تستضيف كرواتيا يوم الأربعاء المقبل قمة لقادة دول البلقان بشأن أوكرانيا يحضرها الرئيسُ الأوكراني، وفق ما أعلن رئيس الوزراء الكرواتي أندريه بلينكوفيتش في وقت سابق من هذا الأسبوع، موضحا أن الهدف من القمة التي ستعقد في منتجع دوبروفنيك المطل على البحر الأدرياتيكي الجنوبي، هو تأكيد أن «المنطقة بأكملها تدعم أوكرانيا والشعب الأوكراني في نضاله من أجل الحرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.

زر الذهاب إلى الأعلى