تحريض إسرائيلي ضد رئيسة جامعة كولومبيا الجديدة بعد طرد المصرية نعمت
تتعرض الرئيسة المؤقتة لجامعة كولومبيا، كاترينا آرمسترونغ، لحملة تحريض إسرائيلية بعدما اعتذرت للمتظاهرين الداعمين لفلسطين والمناهضين للاحتلال الإسرائيلي الذين اعتقلتهم الشرطة، على خلفية قرار إخلاء الحرم الجامعي من الاحتجاجات.
وقالت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية إن جامعة كولومبيا أصبحت “رمزا للاحتجاجات العنيفة في الجامعات بالولايات المتحدة، عندما وصلت المظاهرات في الجامعة إلى أبعاد غير مسبوقة، وأعربت الدكتورة آرمسترونغ عن أسفها في مقابلة مع صحيفة الجامعة “كولومبيا سبكتاتور”، بعد أن تعرضت للعنف”.
وردا على سؤال عن طلب الجامعة من شرطة نيويورك تفريق مخيم كبير وإبعاد المتظاهرين عن هاميلتون هول في نيسان/ أبريل الماضي، قالت آرمسترونغ: “أعلم أن هذا أمر صعب بالنسبة لي أن أقوله، لكنني أفهم أنني أجلس في هذه الوظيفة، لذا إذا كان بإمكانك إخبار الجميع بمن تأذى من ذلك، فأنا آسفة للغاية، أعلم أنه لم يكن أنا، لكنني آسفة حقًا”.
وتأتي تصريحات آرمسترونغ في أول مقابلة لها مع صحيفة الجامعة “كولومبيا سبكتاتور” واعتذرت خلالها لأولئك الذين أصيبوا أو تأذوا بسبب عمليات الفض التي نفذتها شرطة نيويورك في نيسان/ أبريل الماضي لمخيم التضامن مع غزة، حيث قامت الشرطة بأكثر من 200 اعتقال.
ماذا قالت آرمسترونغ؟
سألت صحيفة الجامعة عن ما إذا كانت توافق على قرار رئيسة الجامعة السابقة نعمت شفيق بالسماح لشرطة نيويورك بدخول الحرم الجامعي مرتين، ما أدى إلى أكبر اعتقالات جماعية في كولومبيا منذ احتجاجات الجامعة في الحرم الجامعي عام 1968.
وقالت آرمسترونغ: “أعلم أن هذا أمر صعب بالنسبة لي أن أقوله، لكنني أفهم أنني أشغل هذه الوظيفة الآن، لذا فإنه إذا كان بإمكانك إخبار جميع من تأذى أو أصيب من ذلك (فض الاحتجاجات)، فأنا آسفة للغاية، وأعلم أنه لم يكن أنا (لم تكن في المنصب) ، لكنني آسفة حقًا، لقد رأيت ذلك، وأنا آسفة حقًا”.
وأكدت التزامها بضمان التوازن بين حرية التعبير والمهمة الأكاديمية للجامعة، معلنة عن تحديثات لإجراءات الجامعة للتعامل مع الاحتجاجات وأن قواعد سلوك الجامعة هي السياسة التي تحكم المظاهرات في الحرم الجامعي.
وأضافت: عندما نواجه أي شيء، فإنه يتعين علينا أن نكون ملتزمين للغاية بالمبادئ، ومبادئنا هي طلابنا وبيئة حيث يمكن للناس أن يتمتعوا بحرية التعبير، ونحن ندعم المناقشة، ونفعل هذه الأشياء، ويتعين علينا أن نلتزم بمبادئنا من حيث ضمان استمرار أنشطتنا الأكاديمية، وأن نكون واضحين للغاية بشأن ذلك، لأن هذا هو الالتزام الذي قطعته لطلابنا وأساتذتنا.
وأكدت: أريد فقط أن أقول إنني أرى الضرر الذي حدث، وأنا ملتزمة بشدة بالعمل معكم جميعًا، وأعمل مع المجتمع بأكمله لمعالجة هذا الضرر وفهمه.
وتولت آرمسترونغ منصبها الحالي بعد استقالة رئيسة جامعة كولومبيا السابقة نعمت شفيق فجأة في أغسطس، بعد أن واجهت انتقادات شديدة بسبب تعاملها مع المظاهرات المناهضة لـ”إسرائيل” المستمرة في ظل العدوان الذي تشنه قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة والمستمر منذ 7 أكتوبر الماضي وحتى الآن.
حملة تحريض
ووصف تقرير لصحيفة “معاريف” جاء بعنوان “الانحطاط الأخلاقي ومعاداة السامية: رئيسة جامعة كولومبيا تعتذر للمؤيدين للفلسطينيين”، تصريحات آرمسترونغ بـ الخطوة المثيرة للجدل، وأنها تماما عكس ما تحتاجه جامعة كولومبيا.
وتلقت آرمسترونغ انتقادات شديدة من أعضاء الجالية اليهودية في الجامعة بعد أن اعتذرت لأولئك الذين شعروا “بالإهانة” من قرار الإدارة إخلاء المظاهرات المناهضة لـ”إسرائيل” في الحرم الجامعي في الربيع الماضي.
وقالت الصحيفة إن جامعة كولومبيا “أصبحت رمزا للاحتجاجات العنيفة في الجامعات بالولايات المتحدة، عندما وصلت المظاهرات في الجامعة إلى أبعاد غير مسبوقة، وتولي آرمسترونغ منصبها بعد استقالة شفيق التي تعرضت لانتقادات شديدة بسبب تعاملها مع الاحتجاجات المستمرة والمدمرة المؤيدة للفلسطينيين في أعقاب هجوم حماس الإرهابي في 7 أكتوبر”، على حد وصفها.
ونقلت الصحيفة عن الطالبة مايا زوكرمان، وهي عضو في رابطة الخريجين اليهود بالمدرسة: بدلاً من الاعتذار للمتظاهرين المعادين للسامية، يجب عليها (آرمسترونغ) الاعتذار للطلاب اليهود لفشلهم في حمايتهم من التمييز والمضايقات المستمرة.
وتضمن تقرير الصحيفة تصريحات روري لانكمان، وهو خريج كلية الحقوق بجامعة كولومبيا، جاء فيها أن اعتذار آرمسترونغ علامة مشؤومة مع بدء العام الدراسي الذي يفتتح باعتذار عن فرض القيود الأساسية في الوقت والمكان والأسلوب على المتظاهرين المناهضين لإسرائيل الذين أرهبوا المجتمع اليهودي في كولومبيا وأثروا على الطلاب والموظفين الآخرين في الحرم الجامعي.
ووصف فاري شاراغا، الذي يرأس رابطة الخريجين اليهود بالجامعة تصريحات آرمسترونغ بأنها غير حساسة، لماذا تعتذر؟ الاعتذار يبعث برسالة مفادها أنه لا ينبغي أن تكون هناك عواقب لخرق القواعد، هذا هو عكس ما تحتاجه كولومبيا تمامًا في الوقت الحالي.
بدوره، قال الدكتور يوئيل بروكس، عضو هيئة التدريس في كلية الطب بالجامعة: هذا عار على الجامعة. أريد أن أعرف أين الاعتذار للطلاب اليهود الذين عانوا من معاداة السامية وتم استهدافهم من قبل خيام الاحتجاج المؤيدة للفلسطينيين؟.
وأضاف: هذا الاحتجاج امتد إلى ما هو أبعد من الحرم الجامعي، ويشكل اليوم تهديدًا لليهود أينما كانوا. هذا يؤثر عليّ في مواصلة عملي. أريدها أن تعتذر للطلاب اليهود.
من جانبه، وصف البروفيسور أساف زيفي، من كلية إدارة الأعمال وعلوم الكمبيوتر في الجامعة اعتذار آرمسترونغ بأنه “غير ضروري ومخيب للآمال”، موضحا أن هذا الاعتذار يعكس ضعف القيادة ويفتح الباب لتصرفات غير مسؤولة.
وأكد أن الطلاب الذين شاركوا في الاحتجاجات وانتهكوا لوائح الجامعة وحتى ارتكبوا جرائم، يتلقون دعمًا بهذا الاعتذار.
وأعرب طالب إسرائيلي في برنامج الماجستير بكلية الأعمال عن قلقه من أن آرمسترونغ اختارت الاعتذار في أول مقابلة عامة لها للمتظاهرين المناهضين للسامية، بدلاً من حماية الطلاب اليهود القلائل المتبقين في الجامعة.
وردت جامعة كولومبيا على التحريض الإسرائيلي والانتقادات للاعتذار بالقول إن آرمسترونغ عملت على إشراك مجموعة واسعة من الطلاب ومجتمعات الحرم الجامعي والاستماع إليها وسمعت عن الضرر الذي تعرضوا له في العام الدراسي الماضي.
الرئيسة السابقة
في آب/ أغسطس الماضي، استقالت رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق من منصبها بعد أشهر من الاحتجاجات الطلابية الغاضبة المناهضة لـ”إسرائيل” والمساندة لغزة، وذلك بعد عام واحد فقط من استلامها رئاسة الجامعة، والذي تميز باحتجاجات متواصلة، مناهضة للاحتلال تم خلالها اعتقال مئات الطلاب.
وتأتي استقالة شفيق في سياق التوترات المتصاعدة بين مختلف الأطراف في الجامعة، ما جعل الوضع أكثر تعقيدا ويزيد من التحديات التي تواجه الرئيسة الجديدة، كاترينا أرمسترونغ، في محاولتها لتحقيق التوازن بين حرية التعبير والأمان داخل الحرم الجامعي.
وحينها، قالت شفيق في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى الموظفين والطلاب: “كانت أيضا فترة من الاضطرابات، إذ كان من الصعب التغلب على تباين وجهات النظر في مجتمعنا. لقد كان لهذه الفترة أثر سلبي على أسرتي، كما كان الأمر بالنسبة لآخرين في مجتمعنا”.
وواجهت شفيق دعوات متزايدة للاستقالة لعدة أشهر بسبب تعاملها مع الاحتجاجات التي اندلعت في أعقاب العدوان الإسرائيلي على غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر والمجازر اليومية التي ارتكبها جيش الاحتلال بحق المدنيين المحاصرين في القطاع.
وكانت شفيق قد اتُهمت بـ”الإهمال الجسيم” أثناء الإدلاء بشهادتها أمام الكونغرس بعد رفضها القول إن عبارة “من النهر إلى البحر ستكون فلسطين حرة” تعتبر معادية للسامية.
وزعم منتقدون لشفيق أنها لم تقمع الاحتجاجات في الحرم الجامعي بشكل كاف حتى استولت معسكرات الخيام على حديقة مدرسة آيفي ليغ في الأسابيع التي سبقت التخرج، وفقا لصحيفة نيويورك بوست.
وتم اعتقال مئات الطلاب بتهمة التعدي على ممتلكات الغير لرفضهم فض خيام الاعتصام، لكن المظاهرات تصاعدت عندما استولى حشد على مبنى هاملتون هول الأكاديمي في أبريل/ نيسان الماضي.
وتأتي استقالة شفيق بعد أسبوع واحد فقط من استقالة ثلاثة عمداء جامعيين من كولومبيا في أعقاب الكشف عن سلسلة من الرسائل النصية التي وصفت بأنها “مزعجة للغاية” واتهموا على أثرها بـ”معاداة السامية”.