أخبار عالميةالأخبار

أزمة في أقدم صحيفة يهودية في العالم بعد فبركات عن حرب غزة

نشرت صحيفة “أوبزيرفر” تقريراً أعدّه بيتر بيومنت قال فيه إن أقدم صحيفة يهودية في العالم تواجه “أزمة”، بعد سحب عدد من القصص والتقارير التي بُنيت على اختلاقات مسعورة.
وقال الكاتب إن “جويش كرونيكل”، التي تصدر في بريطانيا، سحبت عدداً من التقارير والمقالات المتعلقة بالحرب في غزة، بعد اكتشاف أن التقارير قامت على “فبركات”، وأعدّها صحافي مستقل قدّمَ معلومات غير صحيحة عن سيرته الذاتية.
وبعد تحقيق جرى الأسبوع الماضي مع الصحافي المستقل إيلون بيري، وضعت صحيفة “جويش كرونيل” إعلاناً من فقرتين، ليلة الجمعة، قالت فيه إنها لم ترضَ بالتأكيدات التي قدمها الصحافي في ما يتعلق بمقالاته.

وجاء في الإعلان: “لقد توصلتْ جويش كرونيكل، ومن خلال تحقيق مع الصحافي المستقل بأن إيلون بيري، بدأ بعد توجيه اتهامات بشأن جوانب من سيرته الصحافية. ورغم أننا ندرك أنه خدم في قوات الدفاع الإسرائيلية، إلا أننا لم نكن راضين عن بعض ادعاءاته”، وعليه، قُمنا بسحب تقاريره من موقعنا، وأنهينا أيَّ تعاون معه.
وجاء في الإعلان: تظل جويش كرونيكل من أكثر الصحف التزاماً بالمعايير الصحافية في فضاء معلوماتي متنازع عليه. ونعتذر عن التسلسل الزمني للأحداث، والذي قاد إلى هذه النقطة، ونعتذر لقرائنا الأوفياء، وقمنا بمراجعة العملية الداخلية، والتأكد من عدم تكرار الأمر.
وأُنشئت الصحيفة في عام 1841، وتُعرف عادة بمختصر “جي سي”، وظلت مؤسسة صحافية بريطانية محترمة، وجذبت إليها صحافيين محترمين وكتاباً بارزين، إلا أن الأحداث الأخيرة أثارت غضباً حول مسار الصحيفة التي انحرفت بشكل كبير تحت قيادة محررها الحالي جيك واليس سيمونز، ووسط خلافات حول ملكيتها.
وتعود أحداث الأسبوع الماضي غير العادية، والتي سحب فيها عدد من التقارير، إلى عدة أشهر، عندما قام صحافي، وُصِفَ بأنه بريطاني مقيم في إسرائيل، بالمساهمة في سلسلة من التقارير التي زعم أنها تقوم على مصادر استخباراتية ونشرت في الصحيفة.
وكانت المقالات مثيرة للغاية لأنها تصف خطوة بخطوة، وبتفاصيل حساسة، وتقدم معلومات استخباراتية يزعم أن إسرائيل جمعتها عن زعيم “حماس” يحيى السنوار وخططه. وتَشَكَّكَ الصحافيون الذين يغطون أخبار غزة من المزاعم، ولم يتمكّنوا من إثبات صحة المواد المنشورة في الصحيفة. وخرجت هذه الشكوك إلى العلن الأسبوع الماضي، بعد أن وصفت سلسلة من التقارير في وسائل الإعلام الإسرائيلية مقالات بيري بأنها مختلقة.
وظهرت تقارير الإعلام الإسرائيلي، خلال الأشهر الأخيرة، تقترح أن تقارير تم زرعها في الصحافة الأوروبية، بما فيها صحيفة “بيلد” الألمانية، لخدمة موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من المفاوضات في غزة.
وفي مؤتمر صحافي عقده في 4 أيلول/سبتمبر، قال نتنياهو إن محور فيلادلفيا بين غزة ومصر يجب أن يظل تحت السيطرة الإسرائيلية، لأن السنوار قد يستخدمه لهروبه وتهريب الأسرى الإسرائيليين معه إلى الخارج.
إلا أن التقرير الذي أرسله بيري إلى “جي سي” حوّلَ المقترحات إلى حقيقة، حيث زعم أن المعلومات الاستخباراتية الموجودة تكشف عن خطط هروب للسنوار ومعه الأسرى إلى إيران. وقد توصلت الاستخبارات الإسرائيلية إلى هذه المعلومة من تحقيقات مع مسؤول بارز في “حماس”، ووثائق تم العثور عليها في آب/أغسطس.
والتقطت القصة عدة صحف إسرائيلية، وروّجت لها زوجةُ نتنياهو سارة، ونجلُه يائير. لكن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي نفى القصة، وقال إنها عبارة عن “فبركة جامحة”، ولا أساس لها.
وفي البحث عن مسيرة بيري، قام به صحافيون إسرائيليون، وفي أماكن أخرى، كشف، وبسرعة، أن مزاعمه بشأن عمله الصحافي والأكاديمي وخدمته العسكرية ليست صحيحة، وتثير التساؤلات. ومن ذلك زعمه بأنه خدم في الجيش، وشارك في عملية عنتيبي عام 1976، وأنه عمل أستاذاً في جامعة تل أبيب لمدة 15عاماً.
ويقول بيومنت إن سحب المقالات بعد تحقيق رسمي للصحيفة جاء قبل يوم من الأسئلة حول محرر “جي سي”، واليس سيمونز، وهو روائي سابق ساهم بمقالات في ديلي ميل وديلي تلغراف وسبكتاتور.
وعلى الرغم من توجيه “أوبزيرفر” أسئلة لواليس سيمونز و”جي سي”، إلا أنهم رفضوا التعليق عن الكيفية التي نشرت فيها مقالات وتقارير بيري، الذي ليس لديه سيرة صحافية مميزة، وليس بالصحافي الاستقصائي، ونشر مساهماته، بدون ممارسة التدقيق اللازم في تقارير كانت من صنع الخيال.
وقد أخبر بيري صحيفة “أوبزيرفر” بأن جي سي ارتكبت خطأ في البيان الذي أصدرته”، ووصف النقد لمقالاته بأنه “عملية تصيّد سببها حسد الصحافيين والمؤسسات الصحافية الإسرائيلية الذين لا يستطيعون الحصول على المعلومات مثلي.
وتتزامن قضية بيري والفبركات بشأن غزة مع حالة عدم الارتياح من المسار الذي تمضي إليه الصحيفة. ففي شباط/فبراير، عبّر مراسل الشؤون الحكومية في صحيفة “صاندي تايمز” غابرييل بوغراند عن عدم ارتياحه من الصحيفة عبر منصات التواصل الاجتماعي، بما في ذلك ترتيبات الملكية الغامضة للصحيفة، والتي حيّرت المراقبين. وكتب قائلاً: “إن فظاظة وعدوانية القيادة الحالية لجي سي مؤسف ولايخدم المجتمع” اليهودي، ويثير مرة أخرى السؤال: من هو المالك لها؟ وكيف لا يملك اليهود البريطانيون صحيفتهم، وأكثر من هذا، كيف لا تقوم صحيفة بالكشف عن ملاكها؟ إنه تناقض لفظي. وأكره طرح السؤال علناً، لكنني طرحته بشكل خاص منذ أكثر من عام، دون جدوى.

وهناك مواقف مماثلة لتحفظات بوغراند بين اليهود الليبراليين البريطانيين الذين لا يرون أن الصحيفة تمثّلهم كما كانت.
وقال شخص يعرف بدور الصحيفة وتاريخها: كان هناك شعور بأن الصحيفة ليست في جيب أحد، وعملت لخدمة المجتمع اليهودي أجمع، ولهذا كان لها تأثيرٌ مؤسسي في المجتمع اليهودي، ولكنها أصبحت ضيقة النظرة، وتدافع عن مجموعة من القضايا.
ونشرت مجلة “بروسبكت”، هذا العام، مقالاً للمحرر السابق لـ “الغارديان” آلان روزبريجر، تساءل فيه عن ملكية الصحيفة، واقترح أنها مدعومة من ميلياردير أمريكي، نفى هذا الزعم.
ومن بين الذين علّقوا على سحب “جي سي” مقالات بيري كان أيلون ليفي، المتحدث الصدامي السابق باسم الحكومة الإسرائيلية، والذي اعتذر لمتابعيه، البالغ عددهم 200,000، شخص على نشرها. وكتب على منصة إكس: “سحبت جويش كرونيكل قصصاً مشكوكاً فيها من “صحافي مستقل، إيلون بيري وأنهت عملها معه”، وهذه هي الطريقة التي يجب على الإعلام معاملة مراسلين يستندون إلى مصادر مشكوك فيها، وأعتذر لكل شخص لنشري هذه التقارير.
لكن هناك من شك في أن سحب مقالات بيري ستنهي الممارسة، ومنهم بين ريف، محرر مجلة +972، وهي النشرية الإسرائيلية التي تعمل على كشف الفبركات.
وكتب ريف على منصة إكس: “تأمل جويش كرونيل من خلال طرد إيلون بيري بوضع كل الفضيحة وراء ظهرها وكأن القرار لم يتخذ من القمة لتوظيف صحافي مزيف نشر تسع مقالات مزيفة، وبدون التدقيق بالمصادر، واستخدم الصحيفة كعميل نشط لعمليات التأثير المؤيدة لبيبي”، أي بنيامين نتنياهو.

زر الذهاب إلى الأعلى