وزيرة تغضب المغاربة بفضيحة صفقة السيارات الفاخرة
لم تهدأ بعد عاصفة الغضب التي أثارتها صفقة سيارات فاخرة طرحتها وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة في المغرب، من أجل اقتناء 17 سيارة من النوع الرفيع.
وأفادت صحيفة “الأخبار” أن الوزارة المذكورة خصصت مبلغًا ضخمًا جدا من أجل تعزيز أسطول الوزارة بسيارات فاخرة، وكان موعد فتح أظرفة طلبات العروض هو الثلاثاء، وحددت الوزارة التي ترأسها غيثة مزور، المنتمية لحزب “الأصالة والمعاصرة”، نوعية السيارات المطلوبة وكلها صنفت في خانة الفاخرة بحكم أسعارها المرتفعة وماركاتها أيضا، في حين هناك أنواع من السيارات تصنع محليا ولا تكلف ربع ذلك الثمن.
المبالغ المطروحة في طلب العروض أثارت استياء المغاربة خاصة في ظل مكابدة فئات عريضة من الشعب من أجل اللحاق بمستلزمات المعيش اليومي، ناهيك عن دعوات رئيس الحكومة، عزيز أخنوش إلى نهج سياسة التقشف لمواجهة الأزمة.
الجدل احتد بين ناشري الخبر، وبين الوزيرة غيثة مزور، التي لجأت إلى منصات التواصل الاجتماعي ونشرت تدوينة نفت فيها بعض التفاصيل، لكنها في المقابل أكدت معطيات أخرى، ولم تحتفظ بما كتبت بل عمدت إلى حذفه، غير أن بعض المواقع تلقفته بسرعة مثل “أش كاين”، ونشرت ما ورد في تدوينة الوزيرة مع تفاصيل الصفقة، مؤكدة أن طلب العروض هذا يأتي في إطار تجديد حظيرة سيارات وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة التي لم يتم تجديدها منذ عدة سنوات مع ما يتطلبه ذلك من تكاليف الصيانة وتقادم السيارات.
الرأي العام الرافض لمثل هذا “التبذير”، لم يناقش ضرورة تجديد سيارات الوزارة المذكورة، بل التركيز على ماركات معينة ومواصفات محددة تدخل في باب الرفاهية ولا تتوفر إلا في السيارات الفاخرة، كما عابوا عليها تفضيل المنتج الأجنبي على المحلي الذي على المؤسسات الحكومية أن تكون في مقدمة مشجعيه.
ومن بين شروط الوزارة في بعض السيارات، أن تكون بقوة دفع 320 حصان إضافة إلى خصائص أخرى للسلامة والمساعدة على القيادة، وهو ما قال عنه الصحافي اليوبي في تدوينة ساخرة، إن سائق السباق الألماني الشهير شوماخر لا يتوفر على مثل هذه السيارة.
تفاعلات الصفقة المثيرة للجدل، دفعت الوزيرة غيثة مزور إلى الرد والتوضيح، وهو ما زاد الطين بلة وفق عدد من المتتبعين، حيث إنها نفت أن يكون الأمر يتعلق بسيارتين، بل بـ17 سيارة، واعتبرت أن ما نشر من أخبار حول الموضوع كان “دون تدقيق بسبب عدم الاطلاع على دفتر التحملات” (عقد الالتزامات).
ودخلت الوزيرة في بعض التفاصيل التقنية الخاصة بحصص طلب العروض ونوعيات السيارات وعددها، كما دافعت عن إطلاق طلب العروض على المستوى الدولي، وهو ما بررته بكون طلبات العروض التي تتجاوز قيمتها مليون درهم لا يمكن أن تبقى محصورة على المستوى المغربي حسب المادة 19 من المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية، واستطردت قائلة، إن طلبات العروض الدولية مفتوحة في وجه المتنافسين المغاربة أيضا.
مواقع التواصل الاجتماعي دخلت على الخط، واعتلت تدوينات نشرها الصحافي محمد اليوبي قائمة تلك المنشورات، والسبب هو استناده على الأدلة والتي هي عبارة عن وثائق تتعلق بالصفقة المذكورة.
وكتب في إحدى تدويناته، أن “الوزيرة غيثة مزور تنفي وأنا أنشر الوثائق”، ودافع عن منبره جريدة “الأخبار” بقوله إنها اعتمدت في نشر الخبر على وثيقة طلب عروض الصفقة، مكتوب فيها سيارة باللغة العربية وvoiture باللغة الفرنسية، يعني سيارة في كل حصة، وليس 10 سيارات كما تقول الوزيرة”، وأضاف متسائلا: “لماذا طلب عروض دولي مفصل على مقاس ماركة تجارية، ألا يوجد في المغرب منتج محلي للسيارات؟.
تدوينة أخرى نشرتها صفحة تعود لموقع “ديما تيفي”، جاء في عنوانها أن “غيثة مزور تنفق ملايين الدراهم على سيارات فارهة لنفسها”، مبرزة أنها “قررت استخدام ميزانية ضخمة من المال العام لشراء سيارات فارهة لها ولديوانها” وهي (صفة لمستشارين يستقدمهم أي وزير من حزبه أو بناء على علاقاته الخاصة).
وانتقدت الصفحة الوزيرة مباشرة، بإشارتها إلى أن الصفقة تأتي في ظل عدم سماع المغاربة عن أي مشروع هيكلي للانتقال الرقمي الفعلي منذ تولي وزيرة الانتقال الرقمي المنصب، كما يبدو أن الأولوية للوزيرة كانت في استغلال الميزانية العامة لشراء سيارات فاخرة بدلاً من تطوير مشاريع تخدم المواطنين وتعزز التحول الرقمي في المملكة.
وختمت التدوينة بكون الوزيرة ستعرف بفضيحة اقتناء سيارة مرسيديس فاخرة بهذه القيمة الخيالية، وهو ما سيثير موجة من الانتقادات والتساؤلات حول إدارتها للمال العام واهتمامها بمصلحة البلاد.
أما الصحافي مصطفى الفن، فقد تساءل في بداية تدوينة “من هي غيثة مزور التي خرجت اليوم ليس لتنفي أخبارا صحيحة فقط”، ووصف الوزيرة بـ”الشبح” التي ترأس “قطاعا هو أصلا شبح ووهمي وافتراضي ومكلف للمال العام ليس إلا”، وأضاف أن غيثة مزور “ذهبت أبعد من ذلك”، بحيث إنها هددت حتى بالمتابعة القضائية كل من اقترب من أسطولها وحظيرة سياراتها الفاخرة و(المقدسة).
وتابع الصحافي الفن تدوينته، إن هذا حصل في وقت كان على الوزيرة المعنية أن تعتذر للمغاربة عوض أن تخرج ببيان ينفي كل شيء إلا الحقيقة”، لأنها وفق رأيه “بددت قرابة نصف مليار من المال العام في الفراغ وعلى الفراغ في الوقت الذي يستقيل فيه بعض الوزراء في بلدان أخرى بسبب تبديد يورو واحد.
وبعد أن أكد أن “مهمة وزيرة للانتقال الرقمي هي أكبر من ذلك بكثير، بل ليس لها حتى الوقت الكافي لإلقاء نظرة على حظيرة سيارات”، سمى مصطفى الفن تنصيبها وزيرة بـ”المبني للمجهول” الذي كان ربما أشبه بحادثة سير لا أقل ولا أكثر.