هل يؤثر وضع تركيا الداخلي على زيارة الرئيس التركي أردوغان لواشنطن؟
تحت الأضواء المتزايدة للأحداث العالمية والتطورات الجديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين، يستعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لزيارة واشنطن في التاسع من مايو/أيار المقبل، لأول مرة منذ تولي الرئيس الأميركي جو بايدن الرئاسة في 2020.
وشهدت العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا مؤخرا تحسنا ملحوظا، لاسيما بعد أن وافق البرلمان التركي على طلب السويد للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بعد تعليقه لمدة تقارب العامين.
كما أقرت واشنطن صفقة بيع 40 طائرة من طراز “إف-16” المحدثة بقيمة 23 مليار دولار لتركيا، إضافة إلى موافقتها على توريد 79 مجموعة من قطع الغيار لتحديث قدرات القوات الجوية التركية بقيمة 20 مليار دولار.
ويرى محللون، أن موافقة الرئيس الأميركي بايدن -الذي توعد سابقا بإسقاط الرئيس أردوغان، ووصفه بالمستبد، وتوعد بدعم معارضته- على استضافته في البيت الأبيض، تعكس رغبة أميركية في تعزيز العلاقات نظرا للدور التركي المتزايد الأهمية في القضايا الدولية، بما في ذلك الحرب الروسية الأوكرانية.
تطور في العلاقات الثنائية
وتناولت وسائل إعلام عالمية مؤخرا تسريبات تشير إلى نية الولايات المتحدة سحب قواتها من شمال العراق وشرق سوريا، وهو ما يتوافق مع الرغبات التركية، إذ يمنح الجيش التركي المزيد من الحرية لشن عمليات أوسع ضد قوات حزب العمال الكردستاني.
من جانب آخر، يُتوقع أن يؤدي هذا الانسحاب إلى تقليل الدعم الأميركي لوحدات حماية الشعب الكردية في سوريا، التي تعتبرها تركيا منظمة إرهابية وتربطها بحزب العمال الكردستاني المنخرط في تمرد طويل الأمد ضد الدولة التركية، إلا إن واشنطن تصر على أن وحدات حماية الشعب تعد حليفا رئيسيا في الحرب ضد تنظيم الدولة في سوريا.
يقول المحلل السياسي أحمد أوزغور في حديث للجزيرة نت، إن الولايات المتحدة تسعى لتعزيز علاقاتها مع تركيا في الوقت الحالي بنفس القدر الذي تسعى له أنقرة، وقد برز هذا الجهد بوضوح خلال الاجتماع الذي جمع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ونظيره التركي هاكان فيدان في واشنطن في مارس/آذار الماضي، والذي تناول موضوعات رئيسية مثل التعاون العسكري، ومكافحة الإرهاب، والأزمة في غزة، والصراع الروسي-الأوكراني، خاصة بعد التقدم الملحوظ الذي شهدته العلاقات بين البلدين عقب حل أزمة انضمام السويد إلى الناتو.
وفي ظل حديث عن تطلع الولايات المتحدة معرفة ما إذا كان بإمكان أنقرة الالتزام بفرض حظر على البضائع “ذات الاستخدام المزدوج” مثل المواد الكيميائية والرقائق الدقيقة إلى روسيا، يشير أوزغور إلى أن الولايات المتحدة تفرض بالفعل عقوبات على بعض المنتجات التي توردها شركات تركية لروسيا، مؤكدا أنه لا ينبغي توقع تغييرات جوهرية في هذا الإطار في المستقبل القريب.
الانتخابات والاقتصاد
ولا يأتي توقيت زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى واشنطن في أفضل الظروف له، حيث يواجه حزبه تحديات كبيرة بعد تلقيه هزيمة ثقيلة في الانتخابات المحلية الأخيرة، مما يعكس عدم رضا المواطنين الأتراك عن سياسات الحكومة بالتزامن مع أزمة اقتصادية متفاقمة، تتمثل في ارتفاع التضخم وتراجع قيمة الليرة التركية، وهو ما أثار تساؤلات حول مدى الضغوط التي قد تمارسها الولايات المتحدة على القيادة التركية لحملها على تقديم تنازلات بشأن بعض القضايا الخلافية بين البلدين.
وفي سياق متصل، أشار أوزغور إلى أن الزيارة المرتقبة قد تفضي إلى توقيع اتفاقيات اقتصادية من المتوقع أن تلعب دورا مهما في تعزيز الاقتصاد التركي ومساعدته على استعادة عافيته، لافتا إلى حاجة تركيا الماسة إلى الدعم المالي والاقتصادي من كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لتحقيق هذا الهدف، وهو ما قد يفهم على إمكانية تقديم تركيا تنازلات في العلاقات مع روسيا على حساب العلاقات مع الولايات المتحدة.
ويُذكر أن وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك أعلن عن التوصل لاتفاق مع البنك الدولي لتمويل البلاد بـ18 مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وفي تصريحات للجزيرة نت، أكد الرئيس السابق للمخابرات الجوية التركية، غورسال توكماك أوغلو، أن الاهتمامات الرئيسية لتركيا في الأشهر القادمة ستركز على تعزيز الأمن القومي والاستقرار الاقتصادي، مشيرا إلى أن التحديات الأمنية والاقتصادية تظل على رأس أولويات الدولة رغم الاضطرابات السياسية المحتملة التي قد تأتي مع الانتخابات المحلية.
كما أشار إلى أن تفسير الزيارات الدبلوماسية للولايات المتحدة يجب أن يتخطى النظرة المرتبطة بنتائج الانتخابات المحلية، مؤكدا على أهمية تلك الزيارات في إطار تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وتوسيع مجالات التعاون المشترك بما يخدم المصالح الإستراتيجية لكل من تركيا والولايات المتحدة.
توكماك أوغلو لفت النظر إلى المخاوف القائمة حيال تعميق التعاون الدفاعي بين تركيا وروسيا، موضحا أن هذه التحركات قد تثير قلق الحلفاء، خاصة وأن روسيا تسعى لاستخدام العلاقات مع تركيا كرافعة لتحقيق مكاسب جيوسياسية في وجه الضغوط الدولية.
وبخصوص الوضع في الشرق الأوسط، شدد على أن تركيا والولايات المتحدة قد تبدآن عملية إستراتيجية جديدة تستهدف تحقيق الاستقرار في المنطقة، خاصة في ظل التفكير الأميركي حول إعادة تموضع قواتها بالعراق وسوريا.
وفيما يتعلق بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة فلا يتوقع توكماك أوغلو أن يشهد اللقاء تركيزا على تفاصيل الحرب، إلا إنه من المتوقع أن تؤكد الولايات المتحدة وتركيا في بيان مشترك ضرورة حل الدولتين كخطوة نحو تحقيق السلام في المنطقة.
أبرز التوترات الأميركية-التركية
رفض البرلمان التركي استخدام الولايات المتحدة للأجواء التركية أثناء الغزو الأميركي للعراق عام 2003.
اعتقال القس الأميركي المقيم في تركيا والمتهم بالتجسس وارتباطه بشبكة غولن وحزب العمال الكردستاني في أكتوبر/تشرين الأول 2016.
فرض إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عقوبات اقتصادية على تركيا في أغسطس/آب 2018.
محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا 2016، واستضافة الولايات المتحدة لزعيم الانقلاب فتح الله غولن.
الدعم الأميركي لوحدات حماية الشعب الديمقراطي في سوريا (قسد)
شراء تركيا لأنظمة الدفاع الصاروخي الروسية إس-400 عام 2019.
الدعم التركي لأذربيجان لاسترداد إقليم ناغورني قره باغ.
تأخر أنقرة لمدة 20 شهرا في الموافقة على عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي.