السجن 7 سنوات في مصر لمن يتعرض لأفراد الشرطة بالإشارة أو القول
يناقش البرلمان المصري، في سابقة تشريعية من نوعها، نص مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل قانون العقوبات، على تشديد عقوبة الاعتداء على أفراد الشرطة بالإشارة أو القول بالحبس مدة لا تقل عن 5 سنوات ولا تزيد على سبع سنوات، وذلك وفقا للمواد التي وافقت عليها اللجنة التشريعية بمجلس النواب من حيث المبدأ.
وتضمن مشروع قانون تعديل قانون العقوبات تعديل المادة 137 مكرر والنص، بحسب مواقع محلية، على أنه يعاقب مرتكب الجرائم المنصوص عليها في المواد 133 و136 و137 من القانون بالحبس الذي لا تقل مدته عن خمس سنوات ولا تزيد على سبع سنوات إذا كان المجني عليه فيها من أعضاء هيئة الشرطة أو رجال الضبط.
وضم مشروع القانون أعضاء هيئة التعليم، أو أعضاء هيئة التدريس بالجامعات، أو العاملين بالمنشآت الصحية العامة، أو موظفًا عموميًا، أو مكلفًا بخدمة عامة بالسكك الحديدية، أو غيرها من وسائل النقل العام، إذا وقع الاعتداء في أثناء سيرها أو توقفها بالمحطات.
فئات معصومة من الناس
وشمل القانون تعديل المادة 133 بالنص على أن كل من أهان بالإشارة أو القول أو التهديد موظفًا عموميًا أو أحد رجال الضبط أو مُكلفا بخدمة عامة أثناء تأدية وظيفته أو بسبب تأديتها يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على سنتين وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه، ولا تجاوز خمسين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وأثار نص مشروع القانون انتقادات حقوقية وسياسية واسعة، واعتبرها البعض سابقة تشريعية في تاريخ البلاد، تمنح المشمولين بالقانون ميزة لا توجد لأحد وأنهم فوق الانتقاد ومعصومين من الناس ومن الاقتراب منهم حتى بمجرد القول أو الإشارة.
وانتقدوا في تصريحات لـ”عربي21″ ما أسموه بمحاولة تقديس تلك الفئات، واستغلال القانون في رمي الاتهامات والزج بالناس في السجون لسنوات طويلة بزعم الإشارة إلى أحد تلك الفئات المعصومة أو المقدسة، ويؤشر على تحسب النظام من حدوث أي قلاقل بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية.
قوانين قراقوش
وصف رئيس المنتدى للبرلمانيين المصريين بالخارج، الدكتور محمد عماد صابر، مثل تلك القوانين “بأنها تجاوزت قوانين قراقوش؛ لأن النظم الاستبدادية مثل نظام السيسي تخاف من مواجهة الشعوب فتأتي هذه القوانين التي أفقرت الناس وخربت الحياة الاجتماعية، وجعلت الشعب طبقات فوق طبقات، وهذا “برلمان البصمجية” هو أداة تشريعية للسيسي، والذي يوافق في جلسة واحدة على جملة من القوانين، بما فيها من تجاوزات وخروج عن الدستور والمألوف والعادي والرقابة والحساب وتفتح الباب للفساد والاستبداد والاستعلاء.
وحذر في تصريحات من أن إقرار هذا القانون سيكون له تداعيات مجتمعية شديدة الخطورة، ومنها أنه سيضع الشرطة في مواجهة مباشرة مع الشعب، كما أن تجريم التعامل باللفظ والقول والإشارة مع رجال الشرطة هو نوع من تكميم الأفواه والعقول وبالتالي تحجيم وتلجيم المواطن، بل إن توقيت تمرير مشروع هذا القانون يعني أن مصر مقدمة على أزمة اقتصادية خطيرة تواكبها ارتفاع أكثر في الأسعار والخدمات، ما قد يتسبب في “تحرك الشارع المصري والخروج إلى الشوارع على غرار أحداث ثورة يناير.
وتابع صابر: ومن ثم؛ يعتقد نظام السيسي أن مثل هذا القانون هو محاولة استباقية ستمكن رجال الشرطة من إحكام السيطرة على أي حراك في الشارع المصري في ظل حماية دستورية لرجال الشرطة.
قوانين جمهورية الموز لإرهاب الشعب
على المستوى الحقوقي، فند الناشط والحقوقي، هيثم أبو خليل، مشروع القانون الذي تقدمت به الحكومة للبرلمان المصري بمنح أفراد الشرطة حصانة “غير مسبوقة”، وقال: “إن القانون يأتي في إطار سياسة إرهاب الدولة، وتعزيز سلطة عصا الدولة الغليظة ضد المواطنين وهي الشرطة، وهي ترضية لأفراد الشرطة في مواجهة الشعب حيث يتمتع أفراد الجيش بحصانة بالقضاء العسكري”.
وأضاف: هذا القانون يهدف إلى زيادة مساحة جدار الخوف، ورسالة إنذار للمواطنين أن من يقترب من أفراد الشرطة أو حتى يشير إليه ويتم اتهامه بأي من تلك الاتهامات سوف يزج به في السجن 5 أو 7 سنوات وكأنه ارتكب جرما كبيرا لا يغتفر، وهو بذلك يمنح أفراد الشرطة صلاحيات واسعة لممارسة المزيد من القمع والسطوة وإرهاب الدولة على الشعب ويخيف الناس ويرعبهم، بالتالي سوف تزيد الهوة بين الشرطة والشعب.
وأعرب أبو خليل عن مخاوفه “من وقوع تجاوزات بسبب الصلاحيات المفرطة المغرية لأفراد الشرطة بحق الشعب، واستخدامها في أعمال شخصية وانتقامية لأسباب شخصية، في إطار الاعتزاز والتفاخر بالأنا، وهو أمر لا يوجد إلا في جمهورية الموز، وغير متعارف في بلدان العالم التي تطبق الحد الأدنى من الحريات والديمقراطية”.