دراسة علمية من 50 عالم ينبهون أن الاحتباس الحراري يسير بوتيرة أسرع من المتوقع
نبّه مجموعة من 50 عالما في مجال المناخ، في دراسة علمية جديدة، إلى أن الاحتباس الحراري الناتج عن الأنشطة البشرية بلغ رقما قياسيا جديدا.
واستخدمت الدراسة التي نشرت مؤخرا في دورية “إيرث سيستم ساينس داتا” (Earth System Science Data) العلمية، بيانات حديثة أظهرت أن انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري استمرت في الارتفاع، ووصلت بدورها لمستويات قياسية جديدة خلال العام الماضي.
تقارير موثوقة لكنها غير محدثة
الدراسة أعدها فريق دولي من العلماء، وتأتي في إطار تحديث المؤشرات المناخية الرئيسية لتقرير مجموعة العمل التي تعمل على محور الأساس المادي لتغير المناخ في التقرير السادس للفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ، والذي نُشر في أغسطس/آب 2021.
ورغم أن هذا التقرير الأخير والتقارير السابقة تحظى بثقة كبيرة بوصفها مصدرا موثوقا للمعلومات من قبل الحكومات والمفاوضين بشأن سياسة المناخ، فإنه يتم نشرها بفارق يتراوح بيم 5 و10 سنوات تقريبا.
ونظرا للسرعة التي يتغيّر بها نظام المناخ العالمي، يعتقد العلماء أن صانعي السياسات والمفاوضين بشأن المناخ بحاجة للوصول إلى أدلة علمية محدثة وقوية يمكن على أساسها اتخاذ القرارات.
في الدراسة الجديدة، قام فريق العلماء بتحديث مجموعة واسعة من المؤشرات، بما في ذلك تقدير انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، والاحترار الناجم عن الأنشطة البشرية، واختلال توازن طاقة الكوكب، وميزانيات الكربون المتبقية.
وتيرة أسرع
أظهرت النتائج الرئيسية للدراسة أن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وصلت إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق في عام 2022، مع انبعاثات سنوية تعادل 54 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون، مما يعزز تراكم الحرارة في نظام المناخ والاحتباس الحراري، وفق ما أورده بيان نشر على موقع جامعة ليدز (University of Leeds) في الثامن من يونيو/حزيران الجاري.
وكشفت النتائج كذلك أن البشرية تسببت منذ أواخر القرن الـ19 في ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض بمقدار 1.14 درجة مئوية في المتوسط على مدى العقد الماضي (2013-2022). وهذا الاحترار يتزايد بمعدل غير مسبوق يزيد عن 0.2 درجة مئوية لكل عقد.
وأشار المؤلفون إلى أن هذا الرقم يفوق الاحترار المسجل بين عامي 2010 و2019، والمقدر بحوالي 1.07 درجة مئوية، والذي تم الإبلاغ عنه في التقرير الأخير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.
وبيّنوا أن هذه التغييرات تعني أن كمية ثاني أكسيد الكربون التي لا يزال بإمكان المجتمع العالمي نفثها في الجو مع الحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة دون 1.5 درجة مئوية، تبلغ الآن حوالي 250 مليار طن فقط، مما يمثل نصف الكميات التي قدرها التقرير السادس للفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ. ومع مستويات الانبعاث الحالية، من المتوقع أن تنفد هذه الكمية في أقل من 6 سنوات وبسرعة أكبر مما توقعه التقرير الأممي الأخير.
ويرجع الانخفاض في ميزانية الكربون المتبقية المقدرة، وفق البيان، إلى مجموعة من الانبعاثات المستمرة منذ عام 2020، وإلى التقديرات المحدثة للاحترار الناجم عن النشاط البشري.
بيانات مفتوحة
هذه الدراسة هي الأولى في سلسلة من التقارير العلمية ستصدر سنويا في إطار مبادرة تسمى مؤشرات تغير المناخ العالمي، كما يقول أستاذ علم المناخ في جامعة ليدز والمؤلف الرئيسي للدراسة بيرز فوسترز في مقال نشره على موقع “ذي كونفرسيشن ” (The convesation).
والهدف من هذه الدراسة تتبع الاحترار الذي يسببه الإنسان بقياس انبعاثات كل من غازات الدفيئة والتلوث الجسيمي، وتأثيراتها على تغير درجة حرارة السطح.
في هذه التقارير الجديدة، سيتم إشراك مجتمع علمي أوسع في السنوات القادمة للعمل على تتبع الظروف المناخية المتطرفة مثل موجات الحر والفيضانات وحرائق الغابات، كما يقول بيرز.
وكشفت الدراسة الحالية أن زيادة درجات الحرارة القصوى اليومية فوق اليابسة ترتفع بوتيرة أسرع مرتين من متوسط درجة الحرارة، وقد بلغت إلى حد الآن 1.74 درجة مئوية فوق ما كانت عليه في القرن الـ19.
ويأمل الباحثون أن يتم استخدام هذه البيانات التي ستكون مفتوحة للعموم، من قبل الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ قبيل مؤتمر المناخ “كوب 28” (COP28)، الذي سيعقد في الإمارات في ديسمبر/كانون الأول القادم لتقدير الإجراءات التي يتعين اتخاذها لمكافحة تغير المناخ.