وزيرالخارجية الأفغاني: حققنا خطوات إيجابية عدة
شدد وزير الخارجية الأفغاني بالوكالة المولوي أمير خان متقي أن اللعبة التي استمرت 50 عاما انتهت وحان الوقت لفتح أبواب جديدة، وتحسين العلاقات، وتضميد الجراح في أفغانستان.
كلام متقيجاء في مقال نشره، الخمس، في موقع “الجزيرة الإنكليزية” الإلكتروني.
وقال: ها قد مضى أكثر من عام ونصف منذ التحول الذي حصل في الخامس عشر من شهر أغسطس 2021م، وأوضاع أفغانستان تسير بشكل إيجابي، خلافاً لجميع تلك التوقعات السلبية والتكهنات المرعبة التي كانت تُطرح قبل هذا التحول، فأثناء المفاوضات في الدوحة كانت تكهنات تكرار سيناريوهات التسعينيات من القرن الماضي من الحروب الأهلية المرعبة تتردد على ألسنة غالبية الدبلوماسيين الأجانب في صالات فنادق الدوحة؛ لكن مسؤولينا كانوا ينظرون إلى الأحداث من زاوية أخرى، وقمنا بالتأهب والاستعدادات اللازمة في وقت مبكر، فنحن لم نسيطر على العاصمة والمدن الكبرى فحسب، بل اتخذنا تدابير محكمة تجاه الاحتمالات الضئيلة بخصوص نشوب حرب أهلية، وبرسالة “العفو والأخوة” الإنسانية والإسلامية قمنا بالرد بشكل عملي على جميع المخاوف الموجودة.
وتابع مولوي قائلا: واليوم، لم تنته الحرب فحسب، بل أصبحت أفغانستان وللمرة الأولى منذ أكثر من أربعة عقود تدار من قبل حكومة مركزية مسؤولة ومستقلة ومقتدرة ومتوحدة، كما أننا خلال هذه الفترة الوجيزة سعينا ولازلنا نسعى إلى أفغنة الشؤون عن طريق إعداد وتدريب القدرات الأفغانية للخروج من حالة الاتكاء المهلك للحقبة السابقة ، وهذا مما يزيد ويقوي إحساس الملكية لدينا تجاه أرضنا.
وأضاف: نحن نعلم أن العلاقات الدولية في العالم المعاصر حققت تطورات جيدة نتيجة التعامل البناء بين اللاعبين الحكوميين وغير الحكوميين، كما أن العلاقات المبنية على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة ضرورة الوقت والسبيل الأمثل لتأمين وحفظ مصالح جميع الأطراف، والنظام الحالي في أفغانستان بناء على هذه النظرية يمد يده من أجل التعاون الإيجابي إلى العالم، ونحن نعتقد بأنه قد سنحت الآن فرصة مثالية لبناء علاقات حسنة بين أفغانستان والعالم.
وشدد أنه على المستوى الداخلي فقد أصبح تلاحم المجتمع الأفغاني أقوى من أي وقت مضى، ونحن نفتخر على الهيكلة التنوعية الفریدة ، فإننا لا نؤمن بالتقاسم المبني على الأغلبية والأقلية، بل كل فرد من هذا البلد يعتبر جزء لا يتجزأ من الكل الواحد.
ولفت مولوي إلى أن الأوضاع الآن ملائمة جداً لتنهض أفغانستان كعضو مسؤول ومستقل في المجتمع الدولي، وذلك بأداء مسؤوليتها في مجال الأمن العالمي، و يجب أن يرحب بها المجتمع الدولي احتراماً للحرية، ويساعدها في الوقوف على أقدامها.. علاقاتنا مع بقية العالم ستكون – بعيدة عن المنافسات الداخلية للآخرين – مبنية على التوازن والاحترام المتبادل والمصالح المشروعة والعيش المشترك وبناء المستقبل.
وأوضح أنه بخصوص تلك القضايا الداخلية التي أسيء فهمها في الخارج، فيجب أن تتم التوعية الصحيحة حيالها؛ حتى يتحقق إدراك دقيق تجاه قيم أفغانستان وتكوينها الحالي، ويجب أن يتم التعامل مع الحساسيات الدينية والثقافية لمجتمعنا بحذر واحتياط.
لقد أثبت التاريخ المعاصر بأن أي نظام لم يوفر التعادل المطلوب هنا، فإنه قد واجه تحديات جادة.
وتابع أنه حيال تسوية الخلافات وإساءة الفهم الموجود حالياً أو في المستقبل مع الآخرين، فإننا نؤمن بالحوار الصادق وفي أجواء خالية من الضغوطات السياسية والاقتصادية والأمنية ؛ فالتجارب أثبتت أن خيارات الضغط في أفغانستان غير مجدية.
وأكد مولوي أن الحالة الإنسانية المتواجدة في أفغانستان مسؤولية إنسانية مشتركة بيننا وبين العالم، ومحاولة تحقيق الأهداف السياسية من خلال فرض الأزمات الإنسانية ليست طريقة أخلاقية وحضارية. السبب الرئيسي للمشكلات الاقتصادية في أفغانستان هي القيود والعقوبات المفروضة من قبل الولايات المتحدة على نظامنا المالي والمصرفي ، والتي جعلت كثيراً من المشاريع المدنية والإنسانية تواجه تعويقاً وتأخيراً، والحل الأساسي للأزمة الإنسانية والاقتصادية الحالية هي رفع العقوبات عن الأنظمة المالية والمصرفية للأفغانستان، وأن تعطى الفرصة للأفغان أن يخلقوا حلولاً بقدراتهم وابتكاراتهم لهذه المشكلات الإنسانية.
وتابع: وعليه، فإن المسؤولية التي تعود إلى الولايات المتحدة الأمريكية هي أن تفرج عن الأصول المالية للشعب الأفغاني عاجلاً، وأن ترفع جميع العقوبات المفروضة امتثالاً لاتفاقية الدوحة.
وتساءل: تُرى أي توجيه سياسي وحتى أخلاقي تستند إليه أمريكا في فرض عقوبات مالية ومصرفية على شعب أنهكته الحروب؟.
وتابع قائلا: نريد أن نذكر حكومة أمريكا وحلفائها بأن فرض العقوبات الاقتصادية وغيرها من الضغوطات لا تستطيع إزالة التباعد، بل الثقة هي التي تستطيع أن تقلل من الفواصل”.
وشدد وزير الخارجية الأفغاني أن بلاده لها تاريخ في فشل الأنظمة وتبعثرها، حتى القوى والتحالفات العالمية لم تستطع أن توقف هذه الدوامة، لكن النظام الحالي وضع أساس حكومة لإيقاف هذه الدوامة المنبوذة، ماذا ستكون نتيجة تضعيف الحكومة الحالية في أفغانستان سوى وقوع أزمة إنسانية شاملة لن تنحصر على أفغانستان فحسب بل ستمتد إلى دول الجوار والمنطقة والعالم، مصحوبة معها تحديدات جديدة في مجال الأمن، والاقتصاد، والصحة، واللجوء.
ولفت إلى أن اقتصاد أفغانستان كان منذ العقدين الماضيين متكئاً على المساعدات الأجنبية إلى حد الإدمان من دون توجيه، فحري أن يتم اعتناء جاد في تقديم مساعدات شاملة بمستوى رفيع للشعب الأفغاني في هذه الأوقات العسيرة.. إننا نقترح أن تحول المساعدات الدولية إلى فرص عمل، وأن تمول المشاريع الحكومية المتوقفة والجديدة من أجل إيجاد تأثير مستدام.
وأوضح أنه ما لم ينعش الاقتصاد الداخلي، فإن أموال المساعدات لا تستطيع أن تطعم ملايين السكان، وأهم شروط إحياء اقتصاد أفغانستان ك الأمن، والإرادة السياسية، والشفافية، والمحاسبة متحققة الآن بشكل أفضل من أي وقت مضى، والضرورة الآن تقتضي رفع العقوبات حتى يتمكن الأفغان من أن يسعوا بأنفسهم من أجل الاكتفاء الاقتصادي.
وتابع مولوي أنه إلى جانب ذلك، يجب أن تزال العوائق الموجودة أمام التجارة الدولية، واستخراج الثروات المعدنية البكر لبلادنا، وتطبيق المشاريع الوطنية والدولية الكبرى، حتى يعود المسير الاقتصادي للبلاد إلى وضعه الطبيعي.
وقال: من جهتنا فإننا من ناحية الأمن المستتب والإرادة السياسية مستعدون للشراكة المبنية على المصالح المشتركة مع أي بلد، فأفغانستان الواقفة على قدميها في مصلحة الجميع، وأفغانستان الجاثية على ركبتيها مضرة للجميع.
وشدد أنه على المجتمع الدولي أن يخلق علاقات سياسية واقتصادية مع إمارة أفغانستان الإسلامية، وأن يبدأ تعامله مع أفغانستان بصفتها دولة مستقلة، والبحث عن البدائل وتكرار التجارب الفاشلة السابقة ليست من مصلحة أي أحد.
وتابع: لقد ورثت الإمارة الإسلامية من النظام السابق وحلفائه الدوليين بنوك خاوية، وفواتير الكهرباء المستوردة، والمواد المخدرة، و4 ملايين مدمن، والفساد الإداري، والمجاعة، والبطالة، واقتصاد راكن، ومدارس مغلقة بذريعة جائحة كورونا وغيرها الكثير من المشكلات، لكننا رغم ذلك في غضون عام ونصف قطعنا أشواطاً كثيرة نحو التقدم، على سبيل المثال:
تمكنت قواتنا الأمنية المجهزة من تحقيق أمن شامل، ولم تمسح لأحد أن يستخدم أراضي أفغانستان ضد الآخرين .
المواد المخدرة التي كانت تشكل ضرراً للعالم أجمع، قمنا بخفض مستوى زراعته إلى الصفر، ومن يكابر فليأت وليستعرض الأمر عن كثب.
للمرة الأولى استطعنا إعلان الميزانية التي كانت تعتمد 70% على المساعدات الأجنبية من عوائدنا المحلية، وجعلنا الأصول الاقتصادية وطنية وصوبنا ها نحو مسارها الصحيح، وتقرير البنك الدولي الأخير خير دليل على ذلك.
أفغانستان التي كانت قد حققت الرقم القياسي في الفساد على المستوى العالم، ها قد خرجت من تلك الحالة السيئة، وتقرير منظمة الشفافية الدولية شاهد على ذلك.
جهزنا تسهيلات السفر الجوية والبرية للمواطنين إلى جميع الوجهات، وهذا ما كان يطالب به المجتمع الدولي أيضاً.
احتفظنا إلى جانبنا خمسمائة ألف موظف من موظفي الإدارة السابقة.
نعم نقرّ بأنه قد توجد مشكلات ونقائص؛ لكن حلها يحتاج إلى وقت، ودعم، وإمكانيات. ولا تخلو دولة من دول العالم إلا وفيها شيء من المشكلات و التي يتحملها الآخرون.
وأضاف مولوي: نقبل هذا أيضاً أن المجتمع الدولي خلال السنوات العشرين الماضية جلبت إلى أفغانستان عشرات الآلاف من القوات المسلحة، وتكبدت خسائر فادحة، واستخدمت أحدث الأجهزة والتقنيات، وأنفقت مئات المليارات من الدولارات، فهل حققت نتيجة إيجابية؟ والآن خلال العام ونصف العام المنصرم هل قدمت شيئاً سوى المساعدات الإنسانية؟.
وتسائل أيضا: هل لأحد أن يثبت أنهم مدوا يد حسن النية مقابل الخطوات الإيجابية التي حققتها حكومة أفغانستان؟ أم أنهم فعلوا شيئاً آخر دون الدعاية وتوجيه الاتهامات وممارسة الضغوطات؟.
وختم مولوي مشددا أنه يجب الاعتراف بهذه الحقيقة أن اليد الواحدة لا تصفق.
يذكر أنه في 15 آب/أغسطس 2021، سيطرت “طالبان” على أفغانستان بالكامل، بموازاة مرحلة أخيرة من انسحاب عسكري أمريكي اكتملت نهاية الشهر ذاته.
وفي 18 آب/أغسطس 2021، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: نحن مستعدون لأي نوع من التعاون فيما يتعلق بسلام الشعب الأفغاني ورفاهية أقربائنا الأتراك الذين يعيشون في هذا البلد وحماية مصالح بلادنا.
وأضاف أن الوقوف بجانب أفغانستان في السراء والضراء أحد متطلبات الوفاء بالعهد والأخوة أيا كانت الجهة الحاكمة.