انهيار بنك سويسري عملاق يثير الرعب مجددا بالأسواق
أثار الانهيار التاريخي لثاني أكبر بنك في سويسرا الرعب مجددا في أسواق العالم، وسجلت الأسهم الأوروبية، الأربعاء، أسوأ أداء يومي منذ أكثر من عام، كما تراجعت معظم أسواق الأسهم الخليجية، وافتتحت المؤشرات الرئيسية في وول ستريت على انخفاض.
وفي أسواق النفط هوت أسعار الخام بأكثر من خمسة دولارات، لتصل لأدنى مستوى في أكثر من عام إذ تسبب قلق يتعلق بوضع بنك كريدي سويس المالي في مخاوف في الأسواق العالمية وفاق أثر آمال تعافي الطلب الصيني على النفط.
جاء ذلك وسط هبوط قياسي جديد لسهم بنك كريدي سويس، الأربعاء، أكثر من 30 بالمئة بعدما قال المساهم الرئيسي فيه إنه لن يقدم المزيد من المساعدة المالية للعملاق المصرفي السويسري المتعثر.
وانخفض سعر سهم ثاني أكبر بنك في سويسرا، في الساعة الـ 13:12 بتوقيت غرينتش، بنسبة 30,13 في المئة إلى 1,565 فرنكا سويسريا فقط للسهم، ليصل إلى أدنى مستوى تاريخي جديد له.
وشهدت القيمة السوقية لمصرف كريدي سويس انخفاضات شديدة هذا الأسبوع بسبب مخاوف من انتقال عدوى انهيار مصرفين أمريكيين بالإضافة إلى تقريره السنوي الذي أشار إلى “نقاط ضعف جوهرية” في الضوابط الداخلية، وفقا لموقع “يورو نيوز”.
وقال المحلل في شركة “فينالتو” التجارية نيل ويلسون: “إذا كان بنك كريدي سويس يواجه فعلا مشكلة وجودية، فإننا سنكون أمام واقع مر حقيقي. فالمصرف يُعتقد أنه أكبر من أن يقع”.
وبنك كريدي سويس هو واحد من 30 مصرفا على مستوى العالم تعد أكبر من أن تنهار، ما يجبره على تخصيص المزيد من السيولة النقدية لمواجهة أي أزمة. وسجل المصرف خسارة صافية مقدارها 7,3 مليارات فرنك سويسري (7,8 مليارات دولار) لسنة 2022 المالية. وزاد حجم خروج أموال العملاء من البنك في الربع الأخير إلى 110 مليارات فرنك سويسري (120 مليار دولار).
وكان البنك الأهلي السعودي، أكبر بنوك المملكة، قد استحوذ على حصة تقارب عشرة بالمئة العام الماضي في بنك كريدي سويس بعد مشاركته في زيادة رأس مال البنك، والتزم باستثمار ما يصل إلى 1.5 مليار فرنك سويسري (1.63 مليار دولار) فيه.
أسهم أوروبا تسجل أسوأ إغلاق يومي في عام
وخلال تعاملات الأربعاء، سجلت الأسهم الأوروبية أسوأ أداء في يوم واحد منذ أكثر من عام، مع استئناف عمليات بيع أسهم البنوك بعد تجدد مخاوف المستثمرين بشأن ما يتعرض له القطاع من ضغوط عقب انخفاض سهم بنك كريدي سويس إلى مستوى قياسي جديد.
وأوقفت البنوك الأوروبية التداول مع هبوط الأسهم، إذ تم إيقاف التداول على أسهم العديد من البنوك الأوروبية عدة مرات من قبل مشغلي البورصات، بما في ذلك “كريدي سويس”، و”سوسيتيه جنرال”، و”Monte dei Paschi”، و”يونيكريدت” الإيطاليون مع انخفاض الأسعار.
وأغلق المؤشر ستوكس 600 الأوروبي اليوم على انخفاض ثلاثة بالمئة. وهبط مؤشر قطاع البنوك 7.1 بالمئة ليسجل أكبر انخفاض له في يوم واحد في أكثر من عام. وتراجع مؤشرا البنوك في إسبانيا وإيطاليا بأكثر من أربعة بالمئة لكل منهما.
وفشلت جهود الهيئات التنظيمية والمديرين التنفيذيين في تهدئة مخاوف المستثمرين من انهيار بنوك أخرى عقب الانهيار المفاجئ لبنك سيليكون فالي.
وكانت شركات الطاقة أيضا من بين العوامل الرئيسية التي أدت إلى تراجع السوق بعد انخفاض سهمي شركة شل وبي.بي بأكثر من ثمانية بالمئة لكل منهما مع بلوغ أسعار النفط أدنى مستوى لها في أكثر من عام.
وانخفضت أسهم شركات التجزئة 4.4 بالمئة بعد هبوط سهم شركة إنديتكس التي تملك زارا، أكبر بائع تجزئة للأزياء في العالم، بنسبة 4.6 بالمئة بعدما أعلنت عن ارتفاع الإنفاق على الاستثمارات.
النفط يهبط بأكثر من 5 دولارات
وفي أسواق النفط، هبطت أسعار الخام، الأربعاء، بأكثر من خمسة دولارات للبرميل، لتصل إلى أدنى مستوى في أكثر من عام. وتلاشت المؤشرات على العودة إلى الهدوء والاستقرار بعد أن قال البنك الأهلي السعودي، أكبر مستثمر في كريدي سويس، إنه لا يستطيع تقديم المزيد من السيولة للبنك السويسري مما أدى إلى انخفاض سهمه والأسهم الأوروبية الأوسع نطاقا.
وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت 5.03 دولارات أو 6.5 بالمئة إلى 71.98 دولارا للبرميل بحلول الساعة الـ 16:34 بتوقيت غرينتش. كما انخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 4.76 دولارات، أو 6.6 بالمئة عند 66.58 دولارا للبرميل.
وخسر خاما القياس أكثر من أربعة بالمئة أمس الثلاثاء ليسجلا أدنى مستوياتهما في ثلاثة أشهر بضغط من مخاوف من أن يؤدي انهيار بنك سيليكون فالي وبنك أمريكي آخر إلى أزمة مالية من شأنها أن تؤثر على الطلب على الوقود.
كما صعد الدولار مقابل سلة من العملات مما جعل شراء النفط المقوم بالدولار أكثر تكلفة على حائزي العملات الأخرى.
وأظهرت بيانات حكومية ارتفاع مخزونات الخام الأمريكية 1.6 مليون برميل في الأسبوع الماضي وهو ما يفوق توقعات لمحللين في استطلاع لرويترز بارتفاع قدره 1.2 مليون برميل.
وقدم التقرير الشهري لوكالة الطاقة الدولية اليوم الأربعاء دعما من خلال التوقع بزيادة الطلب الصيني على النفط، بعد يوم من رفع أوبك لتوقعاتها المتعلقة بنمو الطلب الصيني لعام 2023.
قلق يسود أسواق مصر والخليج
وسيطر القلق على قرارات المستثمرين في معظم أسواق الخليج، حيث واصلت الهبوط مقتفية أثر البورصات العالمية. وواصلت أسهم القطاع المصرفي التي تعرضت لضربة بعد انهيار بنك سيليكون فالي خسائرها مع هبوط سهم بنك كريدي سويس إلى أدنى مستوياته على الإطلاق.
وتراجعت أسهم البنك الأهلي السعودي 2.7 بالمئة مسجلة أدنى مستوياتها منذ فبراير/ شباط 2021. وخسر البنك الأهلي السعودي نحو 25 مليار دولار من قيمته السوقية منذ 27 أكتوبر/ تشرين الأول بعد أن تعهد بالاستثمار في بنك كريدي سويس الذي يعاني من أزمات.
وتراجع المؤشر السعودي 1.6 بالمئة متأثرا بانخفاض سهم شركة أرامكو 2.9 بالمئة لدى تداوله بعد انتهاء الحق في الأرباح النقدية وهبوط سهم رتال للتطوير العمراني 1.2 بالمئة. كما تراجع المؤشر القطري واحدا بالمئة مع هبوط معظم الأسهم المدرجة فيه، بما في ذلك سهم بنك قطر الدولي الإسلامي الذي انخفض 5.8 بالمئة. وهبط مؤشر بورصة أبوظبي 0.7 بالمئة.
وأغلقت البورصة المصرية، جلسة تداولات الأربعاء، على هبوط حاد لمؤشراتها الرئيسية مدفوعة بهبوط حاد لأسهم المجموعة المالية هيرمس، شركات القلعة القابضة، وسيدي كرير للبتروكيماويات ومصر الجديدة للإسكان.
وخسر رأس مال السوق للبورصة المصرية مع نهاية التداولات أكثر من 43 مليار جنيه (نحو 1.5 مليار دولار) بعدما تراجع مؤشر “إيجي إكس 30” بنسبة 4.15 بالمئة، وانخفض مؤشر “إيجي إكس 30 محدد الأوزان” بنسبة 4.98 بالمئة، كما تراجع مؤشر الشركات الصغيرة والمتوسطة “إيجي إكس 70 متساوي الأوزان” بنسبة 8.22 بالمئة.
وول ستريت تفتح على انخفاض
وفي السياق، فتحت المؤشرات الرئيسية في وول ستريت على انخفاض اليوم الأربعاء، مدفوعة بمخاوف انهيار بنك “كريدي سويس”، في وقت أبقت فيه بيانات اقتصادية أمريكية الآمال على تحرك السياسة النقدية بوتيرة أقل من جانب مجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأمريكي) الأسبوع المقبل.
وتراجع المؤشر داو جونز الصناعي 395.53 نقطة بما يعادل 1.23% إلى 31759.87 نقطة. وفتح المؤشر ستاندرد آند بورز 500 منخفضا 1.09% إلى 3876.74 نقطة، في حين نزل المؤشر ناسداك المجمع 1.20% إلى 11291.17 نقطة.
ونقلت وكالة بلومبيرغ الأمريكية اليوم الأربعاء عن أكسيل ليمان رئيس بنك كريدي سويس استبعاده اللجوء لمساعدة الدولة، قائلا إنها “غير مطروحة” للبنك.
وقال ليمان أيضا إنه ليس من الدقة مقارنة مشكلات كريدي سويس مع الانهيار الأخير لبنك واد السيليكون لا سيما وأن البنكين يخضعان للوائح مختلفة.
الذهب ينتعش
وفي خضم خسائر الأسواق العالمية، ارتفع الذهب خلال تعاملات الأربعاء أكثر من واحد بالمئة، وهو أعلى مستوى للمعدن الأصفر منذ أوائل شباط/فبراير. في ظل عزوف المستثمرين عن الأصول الأكثر مخاطرة وقادتهم إلى المعدن الأصفر كملاذ آمن.
وصعد الذهب في المعاملات الفورية 1.1 في المئة إلى 1923 دولارا للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة الـ 13:53 بتوقيت غرينتش وزادت العقود الآجلة الأمريكية للذهب 0.9 في المئة مسجلة 1928,60 دولارا.
وزاد الذهب على الرغم من قفزة حادة في الدولار عادة ما تضع ضغوطا على الطلب على الذهب المقوم بالعملة الأمريكية. ولا يزال التركيز منصبا على التحرك المقبل من مجلس الاحتياطي الاتحادي (المركزي الأمريكي) بشأن أسعار الفائدة.
وعادة ما يعتبر الذهب وسيلة تحوط في مواجهة التضخم لكن أسعار الفائدة الأكثر ارتفاعا تزيد من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب الذي لا يدر عائدا.
وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، زادت الفضة في المعاملات الفورية 2.1 في المئة إلى 22,15 دولارا للأوقية بينما تراجع البلاتين 2,6 في المئة إلى 957,01 دولارا والبلاديوم 2,6 بالمئة إلى 1467,73 دولارا.
انتعاشة مؤقتة
وعاد الذعر للأسواق العالمية، على الرغم مما حققته من انتعاشة مؤقتة، حيث انتعشت أسهم البنوك الأمريكية، أمس الثلاثاء، وسط تفاؤل بأن مخاطر العدوى من انهيار بنك وادي السيليكون قد تم احتواؤها. كما كانت العقود الآجلة للأسهم الأمريكية ثابتة في وقت مبكر من صباح اليوم الأربعاء.
وفتحت أسواق الأسهم الأمريكية على ارتفاع يوم الثلاثاء، وشهدت بعض البنوك المحلية مكاسب كبيرة. بعدما تحرك المنظمون في بريطانيا والولايات المتحدة وآسيا بسرعة لمحاولة احتواء أي تداعيات لانهيار سيليكون فالي. وكذلك تحرك بنك اليابان للحفاظ على استقرار الأسواق المالية، لكن سرعان ما تلاشى ذلك بعد الهبوط التاريخي لأسهم بنك كريدي سويس، ثاني أكبر بنك في سويسرا.