مساعي السيسي إلى استرضاء الخليج لإعادة الدعم
نشرت وسائل إعلام غربية خلال الأيام الماضية، عدة تقارير تتناول جهود رئيس الانقلاب المصري، عبد الفتاح السيسي في سبيل استرضاء دول الخليج، بعد التوترات الأخيرة التي ظهرت على شكل سجالات إعلامية بين كتاب محسوبين على حكومات القاهرة، والرياض، وأبو ظبي.
وقالت وكالة “أسوشييتد برس”، إن الإشادة الكبيرة التي وجهها السيسي لحكام الإمارات، خلال حضوره مؤتمرات الحكومات العالمي بأبو ظبي الأسبوع الماضي، تأتي في سبيل مساعيه لإعادة الدعم الخليجي للقاهرة.
وذكرت الوكالة أن دول الخليج قدمت لمصر أكثر من 100 مليار دولار، خلال الفترة التي أعقبت انقلاب السيسي على الرئيس الراحل محمد مرسي عام 2013.
وأضافت الوكالة أن دول الخليج، بدأت خلال الأسابيع الأخيرة، في الإشارة إلى أنها تريد رؤية المزيد من الإصلاحات من الدول التي تتلقى مساعداتها، خاصة أن الدول في جميع أنحاء العالم تكافح مع التضخم وتداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا.
وتابعت أن هذه الإشارات التي صدرت من مسؤول رسمي سعودي من المحتمل أن تؤثر على مصر التي تتعرض بالفعل لضغوط من صندوق النقد الدولي للإصلاح.
وقال وزير المالية السعودي محمد الجدعان في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس في كانون الثاني/يناير الماضي: “اعتدنا على تقديم منح وودائع مباشرة دون قيود ونقوم بتغيير ذلك، نحن بحاجة لرؤية الإصلاحات. نحن نفرض الضرائب على شعبنا. نتوقع أيضًا أن يفعل الآخرون الشيء نفسه، ليبذلوا جهودهم”.
وفي الكويت، بدأت الأسئلة عن القروض المليارية الممنوحة لمصر تطرح في مجلس الأمة (البرلمان)، في حين أن القادة في الإمارات لم يعلقوا علنًا على حزم المساعدات الخاصة بها، إلا أن لديها أيضًا خططها التنموية الخاصة ويطلب منها تقديم المساعدات إلى تركيا وسوريا اللتين ضربهما الزلزال، بحسب الوكالة.
وتطرقت “أسوشييتد برس” إلى السجال الإعلامي، ومعركة المقالات بين كتاب مصريين، وسعوديين، مشيرة إلى أن جميع هذه المقالات، والتغريدات تم حذفها لاحقا.
تماشي مع الاستراتيجية
قال علي متولي، المحلل الاقتصادي لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والمقيم بلندن إن “ما يحدث يتماشى مع الاستراتيجية المقررة في مصر ودول الخليج بزيادة نسبة مشاركة القطاع الخاص في اقتصاداتها”.
وأكد أن هذه الاستحواذات “تدعم الدخل غير النفطي والذي تسعى بلدان الخليج جميعها إلى زيادته”.
ولفت متولي في حديث مع وكالة “فرانس برس” إلى أن بلدان الخليج “تركز على الالتزام المالي وكفاءة الإنفاق وترشيد الاستهلاك بعد أزمتي أسعار النفط في 2015 و2022”.
بدورها، نشرت وكالة “رويترز” الأمريكية، تقريرا، تحدثت فيه عن مساعي السسيسي إلى تخفيف وقع النزاع الإعلامي الذي وصفته بـ”النادر” مع دول الخليج.
وقالت الصحيفة إن الخلاف بدأ بعد انتقادات وجهها الصحفيان تركي الحمد، وخالد الدخيل للنظام المصري.
ووصفت الوكالة الحمد والدخيل بأنهما “مقربان من الديوان الملكي”.
ولفتت الوكالة إلى أن السيسي ومنذ رد الصحفي عبد الرازق توفيق من صحيفة الجمهورية المصرية المملوكة للدولة بشتائم للخليج، ووصفهم بـ”الحفاة العراة”، سعى إلى استرضاء الخليج في عدة مناسبات.
فقبل إطرائه على الخليج، ومهاجمته “الأقلام المأجورة” بحسب وصفه، في أبو ظبي، كان السيسي أطرى بشدة على “الأشقاء”.
وقال السيسي خلال زيارة لمصنع لإنتاج الأغذية اليوم “أقل حاجة نعملها… إن مكناش نقول كلام طيب يبقى احنا نسكت…. يا جماعة احنا مش بنكتب إلا دايما… لصالح تحسين ودعم العلاقات مش العكس”.
وأضاف: ميصحش أن احنا نسيء لأشقائنا، ومش هأقول نسيء بقى، ومننساش (لا ننسى) وقفة أشقائنا معانا.
بيع الأصول
وكالة “بلومبيرغ” بدورها، تحدثت عن الخلاف الأخير، وقالت إن مصر كانت تتوقع أن يقوم حلفاؤها لنجدتها، “لكن تلك الآمال لم تكن في محلها”.
وأضافت أن التلميحات السعودية والخليجية بعدم الاستمرار في تقديم الدعم لمصر، قد يفهم منه أنه ضغط من أجل شراء استثمارات سيادية، أو أصول في الدولة التي يحكمها السيسي منذ 10 سنوات.
وقالت “بلومبيرغ” إن كل ما يجري “يعني أن الصفقة الكبيرة التالية، من المحتمل أن تتضمن بيع حصة مملوكة للدولة المصرية في شركة كبرى إلى الإمارات أو قطر أو السعودية”.
وأضافت أن “المستثمرين الخليجيين يرون أن الجنيه قد وصل إلى القاع”، في إشارة إلى أن الوضع مناسب لتقديم عروض لشراء حصص مملوكة للدولة.
بدوره، علق الخبير في مركز كارنيغي للدراسات في الشرق الأوسط، يزيد صايغ، بالقول إن “الغياب التام للشفافية المالية للشركات العسكرية، يمنع طرحها بالأسواق، لا من خلال البورصة ولا حتى عبر صندوق الثروة”.
وضرب صايغ مثلا بشركة “الوطنية” للمواد البترولية التابعة للجيش والتي أبدت شركة أدنوك الاماراتية رغبتها في الاستحواذ عليها في العام 2021 وقال “بات من الواضح أن الإمارات قد تراجعت عن فكرة شراء حصة في شركة الوطنية العسكرية، بدليل انها اشترت بدلا عن ذلك حصة في شركة توتال مصر”.
وتابع: يبدو ان المعوّقات تعلّقت بطبيعة الادارة المالية الداخلية لهذه الشركة العسكرية، والتي تجعل من الصعب على أي مستثمر جاد أن يغامر برأسماله.