كبرى يغيت باشي.. أول والية محجّبة في تاريخ تركيا الحديث
في مشهد لم يكن مألوفا في تركيا، حيث يؤدي الضباط والجنود التحية العسكرية لسيدة محجبة؛ تفاعل معه الآلاف من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، فالأمر كان مثيرا للفضول؛ فمن هذه السيدة؟ وما سيرتها ومسيرتها ووظيفتها الجديدة؟
كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أصدر قرارا جمهوريا -نُشر في الجريدة الرسمية- يقضي بتعيين كبرى يغيت باشي “والية” على مدينة أفيون قره حصار، لتكون أول سيدة محجبة تشغل هذا المنصب في تاريخ الجمهورية التركية.
والوالي أو المحافط هو المسؤول عن تطبيق القانون داخل حدود المُقاطعة، ويتخذ كافة الإجراءات اللازمة لمنع الجريمة وحماية النظام العام، وتوظيف كافة الوسائل والأدوات لتنفيذ القانون وحماية الممتلكات العامة والخاصة.
وعقب صدور القرار الرئاسي بتعيينها، أعربت “يغيت باشي” عن سعادتها بالقرار في تغريدة على تويتر، وقدمت الشكر لكل من الرئيس أردوغان ووزير الداخلية التركي سليمان صويلو قائلة “أرجو أن يكون منصبي والية لأفيون قره حصار -الذي عُيّنت فيه بقرار من رئيسنا أردوغان- مثمرا”.
سيرة يغيت باشي
كبرى يغيت باشي من مواليد 1979 في أنقرة، ودرست في مدارس الأئمة والخطباء الثانوية، ثم أكملت دراستها الجامعية في جامعة أنقرة، بكلية الاتصال والإعلام قسم الراديو والتلفزيون والسينما، وأكملت درجة الماجستير في جامعة إسطنبول التقنية قسم علم النفس التطبيقي، وكانت أطروحتها بعنوان “تأثير حرمان الأب على الأطفال”.
وبعد ذلك درست الدكتوراه في قسم الصحافة بكلية الاتصال في جامعة مرمرة، وحصلت على درجة الدكتوراه عام 2012، وكانت أطروحتها بعنوان “تصميم الرسالة السياسية في عملية الاتصال الإقناعية”، ثم عملت أستاذا مساعدا وأستاذا مشاركا في الكلية نفسها، وتقلدت مناصب إدارية مثل مساعد عميد الكلية، وعضو مجلس الكلية، ومنسقة العلاقات المؤسسية في الجامعة.
“يغيت باشي” مؤلفة وكاتبة، وشغلت عام 2019 ممثلة للجمعية العامة لمؤسسة الإعلانات الصحفية، وفي أغسطس/آب 2021 شغلت منصب نائبة وزيرة الأسرة والشؤون الاجتماعية، وهي متزوجة ولديها 3 أطفال.
وألقت محاضرات في موضوعات: الصحافة الاستقصائية، ودور الإعلام في المجتمع المدني، والكتابة الإبداعية، وأخلاقيات الاتصال، والإعلام والأطفال، والخطاب السياسي، واللاجئون في وسائل الإعلام.
ومعروف عنها مشاركتها في أنشطة المجتمع المدني المختلفة، لا سيما المتعلقة بفئتي الشباب والأطفال، وهي عضو في مجلس إدارة وقف الشباب والتعليم في تركيا، وعضو في المجلس الأكاديمي لجمعية المحتوى للأطفال.
أنتجت فيلما وثائقيا بعنوان “مقاومة القلوب”، وتدور أحداثه حول دور المرأة في مواجهة انقلاب 15 يوليو/تموز 2016 الفاشل، وتم عرضه في مهرجان البوسفور السينمائي وبثه على قناة “تي آر تي” الوثائقية.
واحتفت العديد من المؤسسات النسوية بتعيين “يغيت باشي” في هذا المنصب الحساس كأول امرأة محجبة.
وعبرت الناشطة النسوية مروة دويغوجو عن سعادتها بهذا التطور في القرار الحكومي، وقالت إن هذا القرار يفتح المجال بشكل أوسع للنساء المحجبات بتولي العديد من المناصب.
حظر الحجاب في تركيا
يُذكر أن حظر الحجاب بدأ في المؤسسات الحكومية والمدارس والجامعات التركية مع “قانون اللباس العام” الذي صدر بعد انقلاب 12 سبتمبر/أيلول 1980، وظل ساري المفعول نحو 31 عاما.
وكانت المؤسسة العسكرية الأشد تطبيقا لقرار حظر الحجاب؛ إذ منعت أمهات وأقرباء الموظفين والجنود العاملين في بنيتها من دخول الثكنات العسكرية بالحجاب، وأثار تنفيذ حظر الحجاب -خاصة على طالبات الجامعات- جدلا استمر سنوات طويلة بين مؤيدين ومعارضين له.
ودافعت أحزاب يسارية -في مقدمتها حزبا الشعب الجمهوري والاشتراكي الديمقراطي- عن حظر الحجاب بذريعة الحفاظ على النظام العلماني، في حين عارضت القرار أحزاب محافظة وإسلامية وقومية مثل أحزاب “الوطن الأم” و”الرفاه” و”العدالة والتنمية” و”الحركة القومية”، باسم حرية المعتقد.
وفي السادس والتاسع من فبراير/شباط 2008، تم قبول التعديل الدستوري الخاص بمنح الطالبات حرية ارتداء الحجاب في الجامعات بأغلبية 411 صوتا مقابل 103 في التصويت البرلماني الذي شارك فيه 518 نائبا.
ويوم 27 فبراير/شباط 2008، قدّم 112 نائبا من حزبي الشعب الجمهوري واليسار الديمقراطي طلبا رسميا إلى المحكمة الدستورية العليا لإلغاء التعديل الدستوري الذي ينص على حرية ارتداء الحجاب في الأماكن العامة من دون الحصول على النتيجة المرجوة.