غضب شعبي يتصاعد في الجنوب الليبي اتزايد عدد ضحايا انفجار شاحنة الوقود
أثارت حادثة احتراق شاحنة الوقود ببلدية بنت بية بالجنوب الليبي غضباً شعبياً واسعاً ما زالت ملامحه تضح يوماً بعد آخر، بعد أن تسببت هذه الحادثة في موت تسعة أشخاص وجرح عشرات آخرين معظمهم جروحهم خطيرة والباقي متوسطة، ما دعا الحكومتين إلى التحرك خوفاً من تصاعد الأحداث.
حيث نقلت مصادر من داخل بلدية بنت بية أن متظاهرين غاضبين من أسر ضحايا انفجار صهريج وقود في بنت بية أقفلوا مبنى البلدية، وأحرقوا سيارة قبالة البلدية فضلاً عن إقفالهم مبنى البلدية على خلفية أدائها الضعيف في التعامل مع كارثة انفجار صهريج الوقود.
وفي السياق ذاته، قامت مجموعة من شباب منطقة الفجيج بخط الوادي جنوب غرب ليبيا، مساء الثلاثاء، بإقفال الطريق الرابط بين مدينتي سبها وأوباري أمام السيارات المتجهة إلى الحقول النفطية الواقعة بالمنطقة.
واحتج مقفلو الطرق على تردي الأوضاع المعيشية وتدهور الخدمات ونقص الوقود في المنطقة منذ فترة.
وجاء إقفال هذا الطريق بعد أن هدد عدد من أهالي بلدة الوادي الأبيض في أوباري بإغلاق طريق الحقول النفطية، إذا لم يتم توفير الوقود بصورة مستمرة للبلدة بشكل خاص والجنوب بشكل عام خلال سبعة أيام.
وفي الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة المكلفة من مجلس النواب نقل جميع المصابين في انفجار صهريج الوقود في بنت بية من بنغازي إلى مصر لتلقي العلاج، كشفت الناطقة باسم مركز سبها الطبي أن مستشفى الجلاء في بنغازي باشر بنقل جميع الحالات المصابة لتلقي العلاج في مصر، باستثناء أربع حالات حرجة، من بين إجمالي عدد الحالات في بنغازي البالغة 32 حالة.
وتنافست الحكومتان في رعاية المصابين، حيث أعلن رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، أنه جرى التنسيق لإيفاد مصابي انفجار بنت بية إلى دول تونس وإسبانيا وإيطاليا، مع إصدار التعليمات بضرورة الاهتمام بالمرافقين وتوفير السكن المناسب لهم تقديراً لظروفهم.
إلا أن وكالة الأنباء الإيطالية قالت عقب ذلك إن السفارة الإيطالية في طرابلس لم تستلم بعد قوائم أسماء وجوازات سفر والسجلات الطبية لمصابي حادث بنت بية المقرر علاجهم في إيطاليا.
ووصل فريق طبي تونسي إلى مستشفى الحروق والتجميل في طرابلس، الأربعاء، لمساعدة الكوادر الوطنية في تقديم الرعاية الطبية اللازمة لضحايا حادث انفجار صهريج الوقود في بنت بية، حسب بيان وزارة الصحة على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي، وعقب تعليمات باستجلاب الفريق من وزارة الصحة.
كما أعلنت وزارة الصحة بحكومة الوحدة الوطنية أن قافلة طبية انطلقت صباح الأربعاء من مستشفى العيون في طرابلس إلى المنطقة الجنوبية، لإجراء عمليات جراحية متنوعة داخل عدد من المستشفيات العامة، تحت اسم بنت بية تضامناً مع ضحايا انفجار صهريج الوقود.
وحسب الوزارة، تتضمن القافلة فرقاً طبية متخصصة في إجراء جراحات الماء الأزرق والأبيض، وجراحات انسداد القناة الدمعية للصغار والكبار، وإزالة الأكياس الدهنية. ومن المقرر أن تجري القافلة عمليات جراحية في مستشفيات ومراكز طبية في مناطق براك الشاطئ، وسبها، وتراغن، وفق بيان صادر عن الوزارة.
وحول مستجدات التحقيقات في الواقعة، أعلن جهاز المباحث الجنائية في ليبيا أن تقرير خبير الحرائق المكلف بالتحقيق في حادثة حريق صهريج الوقود في بلدية بنت بية قد توصل إلى أن السبب الرئيسي لاشتعال الوقود بالصهريج هو استخدام المواطنين لمضخة كهربائية للتفريغ دون توفر أدنى شروط السلامة .
وكشف تقرير الخبير التابع لجهاز المباحث الجنائية فرع الجنوبية أن المواطنين الذين تجمعوا لتعبئة براميل الوقود من الصهريج استعانوا ببطارية سيارة قوة 70 أمبير لتشغيل المضخة بديلاً عن الكهرباء لعدم توفرها في تلك المنطقة شبه النائية.
وأضاف أن السيارة التي كانت تجر الصهريج كانت مفصولة عنه تماماً قبل اندلاع الحريق، وأن السائق اضطر لفصل الشاحنة عن الصهريج تحسباً لأي طارئ عند الساعة الواحدة ظهراً من يوم الأحد الماضي.
وأوضح تقرير الخبير أن توافد المواطنين للتزود بالوقود من الصهريج بالطريقة المشار إليها بدأ بعد غروب شمس نفس اليوم حسب شهود عيان، وحدث الانفجار نتيجة الشرارة المنبعثة من البطارية عند ساعات الصباح الأولى ليوم الإثنين.
وتابع، حسب كتاب مكتب المباحث الجنائية أوباري الموجه لرئيس جهاز المباحث الجنائية فرع الجنوبية، أن 9 مواطنين فارقوا الحياة نتيجة الانفجار، فيما أصيب 70 آخرون بحروق متفاوتة الخطورة، واحتراق 11 سيارة من سيارات المواطنين الذين كانوا في المكان.
والثلاثاء، أصدر عمداء بلديات أوباري والغريفة وبنت بية جنوب غرب ليبيا بياناً مشتركاً وجهوا فيه رسالة إلى الحكومة محملينها المسؤولية الكاملة عما آلت إليه الأوضاع المعيشية المتردية في فزان بشكل عام، معلنين ستة مطالب لمعالجتها.
وأدان عمداء بلديات أوباري والغريفة وبنت بية وأعيان وحكماء ومنظمات المجتمع المدني في بيان مصور، الحادث الأليم الذي تعرض له سكان بلدية بنت بية جراء انفجار صهريج الوقود على الطريق العام سبها-أوباري وتسببه في إزهاق أرواح خيرة شباب هذه المنطقة، وإصابة وجرح آخرين منهم .
وأعلن المشاركون في البيان تنكيس الأعلام لمدة ثلاثة أيام وإعلان الحداد العام بمختلف بلديات الوادي وإعلان بلدية بنت بية منطقة منكوبة مطالبين بنقل المصابين في حادث انفجار صهريج الوقود إلى خارج ليبيا لتلقي العلاج.
ودعا العمداء النائب العام إلى فتح تحقيق شامل في الحادثة التي راح ضحيتها أبناء بلدية بنت بية والبلديات المجاورة، وزيادة كميات الوقود للمحطات ووضع آليات في عملية انسياب الوقود ووصوله إلى مستحقيه والعمل على استكمال مصفاة الجنوب بشكل عاجل والبدء الفعلي في استكمال طريق أوباري-سبها .
وطالب عمداء بلديات أوباري والغريفة وبنت بية وأعيان وحكماء ومنظمات المجتمع المدني أعضاء مجلسي النواب والدولة والمجلس الرئاسي والحكومة عن فزان بالحضور والاجتماع في بلدية بنت بية بشكل عاجل.