أكبر إفطار جماعي في تاريخ مدينة إسطنبول بمناسبة ليلة القدر على مضيق البوسفور
كما هو الحال في كافة بلدان العالم الإسلامي يستقبل الأتراك ليلة الـ27 من رمضان في كل عام باهتمام وإجلال كبيرين، لكنهم اختاروا أن يكون لـ”ليلة القدر” هذا العام احتفاء استثنائي خاص بها يشارك فيه آلاف الصائمين.
فعلى رصيف ساحل برج الفتاة الشهير المطل من الشرق على مضيق البوسفور -وهو واحد من أهم معالم الشطر الآسيوي لمدينة إسطنبول- شارك 80 ألفا في مأدبة إفطار جماعي هي الأكبر في تاريخ المدينة منذ عقود. وكانت الدعوة للإفطار الجماعي تمت عبر نشر فيديو على صفحة بلدية أوسكودار.
التحضيرات للإفطار الجماعي
وأغلقت بلدية أوسكودار المنظمة للإفطار شوارع الحي -الذي يعرف بازدحامه الشديد- منذ ساعات العصر في وجه المركبات وحركة السير، وأوقفت تدفق السياح الذين يستقلون المراكب المائية إلى برج الفتاة “كيز كولاسي”، لتفتح المجال لفرقها وطواقمها العاملة على تنظيم الموائد وتوزيع الطعام.
ونشرت صفحة بلدية أوسكودار عدة فيديوهات تظهر التحضيرات والاستعدادات للإفطار الجماعي الذي وصف بأنه “الأكبر”.
أكثر من 80 ألفا
وقدرت مصادر صحفية وإعلامية تركية عدد المشاركين الذين حضروا الإفطار بأكثر من 80 ألفا، ووصف موقع صحيفة “كنت هواديس” التركي الإفطار بأنه الأكبر في تاريخ الجمهورية، فقد غطت سفرة الإفطار مساحة كيلومترين.
واشتمل برنامج الإفطار على فعاليات وبرامج قدمت من خلال منصة مركزية تحدث فيها رئيس بلدية أوسكودار وعدد من الشخصيات الاعتبارية الذين رحبوا بالمشاركين في الإفطار، وتطرقوا إلى فضل يوم الـ27 من رمضان وبركة إحياء ليلته.
مناسبة واحدة لخير كثير
بدوره، قال مسؤول في دائرة العلاقات العامة والاتصال في بلدية أوسكودار لمراسل الجزيرة نت في إسطنبول إن دعوة كافة الأهالي وسكان المدينة لتناول الإفطار والدعاء معا هي أفضل تكريم يمكن تقديمه لهذه الليلة المباركة التي يحتفل العالم الإسلامي أجمع بها لأنها ليلة نزول القرآن الكريم.
وذكر المسؤول أن الهدف من تنظيم الإفطار الضخم هو الحصول على الأجر بتفطير الصائمين يوم 27 رمضان الذي يعتبر الأتراك ليلته ليلة القدر بشكل ثابت بعيدا عن طلب الأجر وقيام بقية الليالي الفردية من العشر الأواخر في شهر رمضان المبارك التي أوصت تعاليم الإسلام بالتماس الليلة المباركة فيها.
وأضاف أن هذا الإفطار يمثل فرصة مهمة لكثير من العائلات للحضور وتناول الطعام مع الأقارب والمعارف والأصدقاء في أجواء “رائعة”، إذ اعتاد الناس الجلوس ومراقبة الغروب على رصيف ساحل وميناء أوسكودار الذي أقيمت فيه المائدة.
كما أشار إلى أن البلدية تضع في حسبانها من إقامة أنشطة الإفطار الكبرى أن تسهم في تخفيف الأعباء المالية عن كاهل كثير من العائلات المستورة الصائمة، وذلك عبر توفير وجبة الإفطار لها في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها.
وأوضح أن إقامة الإفطار الجماعي تسهم أيضا في إعانة المشاركين على التفرغ للتعبد وقيام ساعات هذه الليلة، ولا سيما في مسجد تشامليجا القريب من المكان، وهو أحد أكبر مساجد تركيا، والذي أعلنت السلطات عن فتحه للتهجد والاعتكاف في هذه الليلة.
تقاليد دينية وتراثية
ويعرف عن بلدية أوسكودار اهتمامها الشديد بالمزج بين البيئة الثقافية التراثية والتقاليد الدينية، خاصة في شهر رمضان المبارك، إذ دأبت البلدية على إقامة إفطارات جماعية محلية وتوزيع وجبات وسلال غذائية على العائلات المحتاجة وطلبة الجامعات والمواطنين العابرين في سياراتهم عند حلول وقت الإفطار.
كما عرف رئيس بلدية أوسكودار حلمي تركمان بمواقفه الداعمة للأطفال واللاجئين، وسبق أن شارك في إطلاق وإدارة مبادرات عدة ترمي لتحسين ظروف حياة اللاجئين السوريين في بلاده.
وتحتضن مدينة إسطنبول في كل يوم من أيام الشهر الكريم عشرات الإفطارات الجماعية التي تقيمها بلدياتها الـ39 لسكان الأحياء المحلية، فضلا عن الإفطارات التي تقيمها المؤسسات والمنظمات المهنية والتعاونية والخيرية.
ويعتبر الإفطار السنوي على رصيف ساحل برج الفتاة واحدا من التقاليد السنوية المشهودة من بين تلك الإفطارات من حيث أعداد المشاركين فيه الذي لم يسجل عدد 80 ألفا إلا في هذا العام، فضلا عن إفطار بلدية الفاتح الكبير الذي يقام يوميا في ساحات مسجد السلطان أحمد قرب جامع “آيا صوفيا” في الجانب الأوروبي من إسطنبول.