هكذا يستعمل الفلسطينيون وسائل التواصل لكشف عملاء إسرائيل
تناولت صحيفة “الغارديان” البريطانية، في تقرير لمراسلتها في الناصرة هبا يزبك، استخدام الفلسطينيين في الداخل المحتل لوسائل التواصل الاجتماعي، لكشف العملاء السريين الإسرائيليين “المستعربين”، الذين يطاردونهم في احتجاجاتهم.
وجاء في التقرير أن المستعربين ينفذون في بعض الأحيان اعتقالات عنيفة، لكن المتظاهرين يزدادون فعالية في مواجهتهم. وأشار إلى نموذج قرية دبورية في أراضي 48.
وذكر التقرير أنه في السابق، كان المستعربون يتواجدون بشكل شبحي، لا يمكن تمييزهم بسهولة، لكن هذه المرة، أرسل نشطاء بالتعاون مع المنظمات القانونية، تحذيرات على مجموعات مثل “الواتساب” و”تلغرام” لزيادة الوعي حول وجود هؤلاء العملاء لصالح الاحتلال الإسرائيلي، وتعليمات حول كيفية القيام بكشفهم، وتجنب القبض عليهم من خلالهم.
وانتشرت رسائل في مجموعات “الواتساب”، تنصح المتظاهرين الشباب بتغطية وجوههم في جميع الأوقات، لتجنب تصوير المستعربين لهم؛ وارتداء ملابس تغطي جلدهم بالكامل، حتى لا يصابوا بسهولة بالقنابل الصوتية أو الغاز المسيل للدموع.
وقاموا أيضا بكتابة رقم محامين على أذرعهم في حالة القبض عليهم، وسحب هواتفهم؛ التميز عن المستعربين بينهم، فهم عادة ما يحملون أسلحة معهم يخفونها على جوانبهم.
وعلى عكس الانتفاضات السابقة -وأبرزها الانتفاضتان الأولى والثانية- فإن تواجد العملاء خلال احتجاجات أيار/ مايو الماضي، في مدن الداخل المحتل، موثق جيدا بسبب انتشار استخدام وسائل التواصل الاجتماعي واستخدام كاميرات الهواتف المحمولة.
وبدأ ناشطون فلسطينيون في مواجهة المستعربين بشكل علني، وحتى في الاشتباك المباشر مع العملاء الإسرائيليين. ما قد يعني التحول في ديناميكية القوة، بأن هؤلاء العملاء ليسوا بالقوة ذاتها التي كانوا عليها من قبل في مواجهة الفلسطينيين.
وكشف أحد الناشطين، ويدعى “يوسف إبراهيم” لصحيفة الغارديان، إحدى الطرق التي يتم التوعية فيها لمواجهة المستعربين خلال الاحتجاجات، وهي أن “يسير مثلا من هم الأقوى منا في الصف الأمامي”، ممسكين بأيديهم لحماية الآلاف الذين ساروا خلفهم في المظاهرة كما فعلنا في حيفا في أيار/ مايو 2021.
وخلال هذه المظاهرة، سحب المستعربون فتاتين ورجلا إلى بعيد من أجل اعتقالهما، وقال إبراهيم: لكننا تمكنا من سحبهم مرة أخرى. كان الأمر صعبا، لكننا فعلنا ذلك.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2020، اعتقل عدد من ضباط المخابرات بلباس مدني، يوسف إبراهيم، في مظاهرة، واستجوبوه لمدة ثلاثة أيام، ثم أطلقوا سراحه دون توجيه اتهامات إليه.
وقال إن اعتقاله حدث بعد أن أبلغ عنه عميل من المستعربين، كان قد خرج معه في مظاهرة سابقة، زعم أن إبراهيم كان يحرض على العنف ويهدد بخطف الجنود. ولم تجد الشرطة أي دليل على ذلك.
وقال إبراهيم إنه سيواصل تنظيم الاحتجاجات، وسيكون على الخطوط الأمامية يهتف ويقود الحشود، لكنه يتصور صراعا طويلا ضد خصم غامض، أي المستعربين.
من هم المستعربون؟
ومثلما تشير الصحيفة في تقريرها فالمستعربون، كلمة مشتقة من اللغة العربية، تُترجم على أنها “أولئك الذين يعيشون بين العرب”، وهي وحدات عمليات خاصة نخبوية تضم مجندين من اليهود والبدو والدروز، طورتها الأجهزة العسكرية والاستخباراتية لدى الاحتلال الإسرائيلي.
وفي الداخل المحتل، يقوم العملاء بجمع معلومات استخبارية بما في ذلك مراقبة الاحتجاجات لتحديد المنظمين والوجوه المتكررة.
ويمتلك عناصر وحدات المستعربين تدريبا وتأهيلا لتنفيذ مهامهم، إلى جانب لغتهم العربية القوية، ومعرفتهم بالقرى والأحياء الفلسطينية بشكل جيد.
وينتشرون بشكل لافت بين المتظاهرين الفلسطينيين لا سيما في الداخل المحتل، دون أن يشعر بهم أحد بسبب وسائل التخفي التي يعتمدونها، ويساعدون جنود الاحتلال في فض المظاهرات وقمع الشبان، وحتى اعتقالهم أو قتلهم.
واشتهر المستعربون في السنوات الأخيرة بقيامهم باعتقالات قام خلالها عملاء يرتدون ملابس مدنية بالتسلل إلى حشد المتظاهرين الفلسطينيين، ثم يختطفونهم فجأة.
ووفقا لعصمت عمر، الخبير الفلسطيني في الشؤون والاستخبارات الإسرائيلية، فإن أحد أهداف هذه الوحدات، هو خلق جو من عدم الثقة والخوف بين المتظاهرين، موضحا: لأنك لا تستطيع حقا معرفة ما إذا كان هذا الشخص بجوارك (في مظاهرة) متظاهرا آخر مثلك، أو عميلا سريا يمكنه اختطافك في أي لحظة أو سحب سلاح عليك.
ويقول نشطاء ومحامون وشباب فلسطينيون، إن ما يتم أمر غير ديمقراطي. واعترفت شرطة الاحتلال الإسرائيلي مؤخرا فقط، في بيان لها، باستخدامها المستعربين ضد فلسطينيي الداخل.
ونقلت الصحيفة عن أفنان خليفة، المحامية والناشطة، أن اعتقالات المستعربين كانت في العادة أكثر عنفا من تلك التي تمارسها شرطة الاحتلال، لأنهم لا يرتدون شارات التعريف. وقالت: إنهم يشعرون بحرية أكبر في استخدام العنف لأنهم مجهولون.
65 قانونا في الدستور الإسرائيلي يميز صراحة ضد الفلسطينيين
وتؤكد الصحيفة أنه لطالما اشتكى فلسطينيو الداخل من أن حكومة الاحتلال وشرطتها تعمل ضدهم. ويميز 65 قانونا في الدستور الإسرائيلي صراحة ضد السكان الفلسطينيين في الداخل المحتل، ويصنفهم كمواطنين من الدرجة الثانية، وفقًا لمركز عدالة القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل.
وفي آذار/ مارس 2021، رفع “عدالة” دعوى قضائية ضد شرطة الاحتلال بشأن الانتشار غير القانوني لعملاء المستعربين السريين، الذين تم تصويرهم وهم يعتقلون ويهاجمون المتظاهرين بعنف.
ويقول مركز “عدالة” إن هذه الممارسات تنتهك الحق الديمقراطي في التظاهر السلمي.
وقال محامي “عدالة” وسام شرف، للصحيفة، إن إنشاء نظامين منفصلين لتطبيق القانون كان إحدى خصائص أنظمة الفصل العنصري المحظورة في العالم، والتي تتعارض مع القانون الدولي.
ويوافق إيدو روزنزويغ من كلية الحقوق في “الجامعة العبرية” على ذلك. وقال: لدى إسرائيل مشكلة مستمرة فيما يتعلق بالتمييز العنصري بموجب القانون الدولي، لذا، إذا كان الهدف هو التمييز العنصري، فعندئذ لديك مشكلة حقيقية.