باحثة بريطانية تقدم إجابة صادمة.. هكذا شكّلت العمارة الإسلامية أوروبا
رغم أن الكثيرين ينبهرون بالعمارة الأوروبية ويقصدها السياح من جميع أنحاء العالم، فإن تلك المباني والمعالم ليست منجزات أوروبية خالصة، بل إنها تدين بالكثير للحضارة الإسلامية.
وتقدم الباحثة ديانا دارك في كتابها “السرقة من الساراسين.. كيف شكّلت العمارة الإسلامية أوروبا؟” إجابة وأدلة تبدو صادمتين بالنسبة للكثيرين، إذ أثبتت أن الحضارة الإسلامية كان لها فضل كبير على العالم الغربي.
وديانا دارك هي مستشرقة إنجليزية درست اللغة العربية في جامعة أوكسفورد، وقضت 3 عقود من التنقل بين لندن ودمشق، ولها مؤلفات أخرى ومقالات متخصصة.
وبرز الكتاب من رماد نيران 15 أبريل/نيسان 2019 في كاتدرائية نوتردام في العاصمة الفرنسية باريس، وهي النيران التي التهمت الكاتدرائية وأدخلت المجتمع الفرنسي بأسره في حالة حداد أدهشت الجميع.
وتؤكد مؤلفة الكتاب أنها تساءلت عن سبب إطلاق الهوية الفرنسية على الكاتدرائية، رغم أن معظم العناصر المتضمنة في تلك الكاتدرائية جاءت إلى فرنسا من العالم الإسلامي.
كما تقول إن ما يضفي أهمية على كتابها هو الذهنية الأوروبية المنكفئة على ذاتها، إضافة إلى العداوة القوية السائدة للمهاجرين المسلمين، مبرزة أن هدفها ليس الحط من العمارة الأوروبية وإنجازاتها، وإنما إثبات أنه “لا أحد يملك العمارة، تماما كما أنه لا أحد يملك العلم”.
وتضيف ديانا دارك أن أحد الأسباب التي دفعتها لتأليف الكتاب هو أنها اكتشفت خلال السنين الأخيرة بعض الإسلاموفوبيا، إذ تسعى العديد من الحكومات والأقطار الأوروبية لطمس أي ارتباط بالعالم الإسلامي.
المسلمون مصدرا للإلهام
وقدمت حلقة (2022/01/02) من برنامج “خارج النص” قراءة في كتاب “السرقة من الساراسين.. كيف شكّلت العمارة الإسلامية أوروبا؟”، مستعينة بمهندسيين معماريين وكتاب، من أبرزهم المهندس والباحث المعماري رائد أرناؤؤط، الذي قال إن الكتاب له أهمية لأنه يغطي فترة هامة تم فيها التواصل بين الغرب والشرق وانتقال العمارة بين هاتين الحضارتين، مشيرا إلى أن الكتاب به عمق تاريخي وبحثي.
أما الصحفي والكاتب البريطاني بيتر غوردن فرأى أن المؤلفة أثبتت أن كل شيء مما يعتبر أيقونة للفن المعماري الأوروبي مرّ أصلا بالشرق الأوسط، وقد قدمت حجة دامغة على ذلك، وأحد أفضل الأمثلة هو “القوس المذبب” الذي يعود لزمن مبكر من الفترة الإسلامية، وشوهد في أوروبا الغربية.
وبحسب مدير مدرسة الهندسة المعمارية في لندن آرون بيتسكي، فإن الكتاب يقدم خدمة عظيمة ويذكّر بأن الكثير مما يظن أنه عمارة غربية هو في الواقع أتى من الشرق الأوسط.
ومما ورد في الكتاب أن “العمارة الكنسية في كل أنحاء أوروبا ارتبطت بشكل وثيق بالنمط القوطي المحبوب جدا والمكتنز، ولكن ماذا لو كان ذلك النمط المتشابك والمترابط ارتباطا وثيقا بالكاثوليكية، مستوحى في حقيقة الأمر من العمارة الإسلامية؟ سوف يعني ذلك أن المسلمين كانوا هم مصدر الإلهام لما تعتبره المسيحية صيغتها المعمارية الخاصة، ولكانت تلك حقيقة غير مريحة على الإطلاق”.
ووفق مؤلفة الكتاب، فإن التأثيرات الشرقية على المعمارالقوطي تبدأ من سوريا وتحديدا من مدنها المنسية، وهي مجموعة مدن وقرى أثرية تم بناؤها في الفترة ما بين القرنين الأول والسابع الميلاديين.
وبينما يعترض الباحث المعماري أرناؤؤط على اسم الكتاب بحجة أن استخدام كلمة “سرقة” مبالغ فيه لأن ما حدث بين الشرق والغرب كان اقتباسا وإعجابا، ترد المؤلفة بالقول إنها اختارت ذلك العنوان بعناية فائقة، وإن كلمة “الساراسين” مشتقة من كلمة “السرقة” باللغة العربية، والمفارقة أن الغرب أطلق على المسلمين العرب “السراق” بينما هو من من أخذ من المسلمين كل شيء، وبالتالي فالعنوان متعمّد للتعبير عن مفارقة مضاعفة، كما تقول ديانا دارك.