متحرش جنسياً ويدعم إسرائيل.. الملياردير اليهودي الأمريكي ناهب الآثار
اضطُرّ مدير صندوق التحوّط المستثمر والملياردير الأمريكي مايكل شتاينهارت، إلى تسليم 180 قطعة أثرية مسروقة من 11 دولة، تُقدَّر قيمتها حالياً بنحو 70 مليون دولار، عقب تحقيق بحقّه بدأ عام 2017 حول “سلوكه الإجرامي” بنهب آثار، وإثر ذلك حُظِرَ من اقتناء الآثار مدى الحياة.
وقال سايروس فانس جونيور، المُدّعي العام لمنطقة مانهاتن بولاية نيويورك الأمريكية، الاثنين، إنّ شتاينهارت استسلم للأمر بعدما تَعنَّت لأعوام، واصفاً موافقته واستسلامه بـ”غير المسبوق”.
فضائح جنسية ودعم للصهيونية
يُعَدّ شتاينهارت إحدى أبرز الشخصيات العامة الأمريكية المثيرة للجدل، إذ إنّ للملياردير الّذي يُتِمّ الثلاثاء عامه الـ81، سجلّاً حافلاً بالفضائح وانتهاج ممارسات وأنشطة غير مشروعة، كما عمل على الانخراط في أعمال خيرية غِطاءً لممارساته.
فعقب تأسيسه عام 1967 صندوقاً للتحوُّط برفقة المليارديرين وليام سالومون وجاك ناش، سُمّي لاحقاً “شتاينهارت بارتنرز”، اتُّهِمَ الصندوق في أوائل التسعينيات بمحاولة التلاعب في سوق سندات الخزينة، واضطُرّ شتاينهارت إلى دفع 75% من مجموع غرامات وصل إلى 70 مليون دولار كجزء من تسوية مع الحكومة الأمريكية، مما أدّى في نهاية المطاف إلى إغلاق الصندوق عام 1995.
وفي سبتمبر/أيلول 2018، اتُّهِمَ شتاينهارت بالتحرّش الجنسي بنساء يعملن في المنظمات العديدة التي يدعمها. وحسبما ذكرت صحيفة “هآرتس” العبرية، فإنّه منذ عام 2015، عند أول شكوى من موظفة، “بات من المتعارف عليه داخل المنظمة أن لا تجتمع أي موظفة مع شتاينهارت وحدها”. فيما استمرّت بعد ذلك سلسلة من الشكاوى من عشرات الموظفات اللاتي اتّهمن شتاينهارت بأفعال مثل التحرّش والمضايقة.
يُعرَف عن شتاينهارت تأييده الواسع لدولة إسرائيل الّتي يعتبرها “المعجزة اليهودية في القرن العشرين”، وينظر إليها على أنّها “الدولة الأكثر أخلاقية على هذا الكوكب”، وفي مقابلة أُجريت معه عام 2017 قال الملياردير الأمريكي-اليهودي: “كلّما زاد فهم المرء لإسرائيل، امتلك أريحية أكبر مع سياسة الحكومة الإسرائيلية”.
وشارك شتاينهارت، وهو عضو “ميغا غروب” النادي الّذي يتألّف من 20 من رجال الأعمال الأثرياء والأكثر نفوذاً من اليهود، في تأسيس منظمة “تاغليت-بيرثرايت إسرائيل”، التي أرسلت ما يزيد على 700 ألف شابّ يهودي تتراوح سنه بين 18 و26 عاماً، في رحلة إلى إسرائيل لمدّة 10 أيام بلا مقابل، إضافة إلى إنفاقه ملايين الدولارات على مؤسسات لتعليم العبرية.
شهية جشعة للقطع الأثرية
نهَبَ شتاينهارت قطعاً أثرية “هُرّبَت على نحو غير قانوني من 11 دولة، واتّجرَت بها 12 شبكة تهريب إجرامية، وكانت تفتقر إلى مصدر يمكن التحقّق منه قبل ظهورها في سوق الفن الدولية”، وفقاً لبيان الحقائق الذي يلخّص تحقيق المُدّعي العامّ الأمريكي بولاية نيويورك.
ووصف المُدّعي العامّ سايروس فانس جونيور في بيانه، الملياردير الأمريكي بامتلاك “شهية جشعة للقطع الأثرية المنهوبة” لعقود من الزمان.
وأردف جونيور بأنّ شتاينهارت فعل ذلك “بلا اكتراث بمدى شرعية أفعاله، أو شرعية (حيازة) القطع التي اشتراها وباعها، أو الضرر الثقافي الجسيم الذي أحدثه في جميع أنحاء العالم”.
ووفق التحقيقات، وصل مجموع القطع الأثرية الّتي نهبها شتاينهارت إلى 180 قطعة، دَفَع مقابلها نحو 26 مليون دولار، وعمل على جلبها من دول شملت تركيا ومصر والأردن ولبنان وليبيا وسوريا والعراق، إضافة إلى اليونان وإيطاليا.
وعندما أكّد الملياردير الأمريكي أنّه “لم يرتكب أي جرائم تتعلّق باقتناء أو حيازة أو بيع أي قطع أثرية”، علّق المُدّعي العامّ على ذلك بأنّ “سعيه وراء المقتنيات الجديدة لعرضها وبيعها لم يعرف الحدود الجغرافية أو الأخلاقية، كما ينعكس في العالم السفلي المترامي الأطراف لمهرّبي الآثار، وزعماء العصابات والمشتغلين بغسل الأموال وناهبي القبور الذين اعتمد عليهم لتوسيع مجموعته”.
ملاحقة قضائية واستسلام
عملت عدّة دول، في مقدّمتها تركيا، على نحو دؤوب لاستعادة آثارها المنهوبة الّتي لم يتورَّع شتاينهارت عن بيعها أحياناً في مزاد علني.
وأفضت تلك الجهود إلى توصُّل الادعاء العام الأمريكي إلى اتّفاق مع شتاينهارت، رُفِعَ بالمحكمة العليا في مانهاتن، على أن يتخلّى بموجبه الأخير عن القطع الأثرية الّتي نهبها، مقابل إنهاء تحقيق هيئة محلَّفين كبرى بحقّه، ما يعني أنّه لن تُوجَّه تهم جنائية إلى شتاينهارت.
ويأتي الاتّفاق بعد ثلاث سنوات من اقتحام المحققين مكتب شتاينهارت ومنزله كجزء من التحقيق بشأن المزاعم الموجَّهة إليه.
فيما وصف الادعاء العام موافقة الملياردير الأمريكي على قبول حظر مدى الحياة من اقتناء الآثار بـ”غير المسبوقة”، ويحدّد الاتّفاق الآثار بـ”القطع الأثرية التي تعود إلى ما قبل عام 1500 ميلادياً”.
ونوّه الادعاء الأمريكي بأنّه بموجب الاتّفاق سيعيد شتاينهارت القطع المسروقة إلى أصحابها الشرعيين في بلدانها الأصلية، بدلاً من الاحتفاظ بها دليلاً ضده ومواجهة “استكمال لائحة الاتّهام أمام هيئة المحلَّفين الكبرى، والمحاكمة والإدانة المُحتَمَلة”.