بسبب كوب شاي.. سوري يمضي 22 عاما من التعذيب في السجون الأسد
بسبب كوب شاي.. سوري يمضي 22 عاما من التعذيب في السجون الأسد
بسبب شربه كوبا من الشاي مع سائق تاجر تركي بمدينة حلب، دفع السوري خالد الآغا أكثر من 22 عاما من عمره في السجن ثمنا لهذه الجلسة، التي أدت إلى اعتقاله في أقبية مخابرات نظام الأسد وتعرضه للتعذيب والإذلال، متنقلا بين السجون والأفرع الأمنية بسوريا.
ولم يدرك خالد الآغا (57 عاما) -الذي خرج قبل أشهر قليلة من السجن- أن السائق سوف يُقبض عليه من قبل أجهزة الأمن بتهمة الترويج لتنظيم سري، ويعترف تحت التعذيب على كل من قابله خلال الفترة التي سبقت توقيفه، ومن ثم يُزج بهم جميعا في السجن بالتهمة ذاتها أيام حكم الرئيس السابق حافظ الأسد.
ويتذكر الآغا الليلة التي اعتُقل فيها عام 1999 من قبل رجال الأمن، وكيف حضروا إلى منزله بحجة أنهم من طرف تاجر ويريدون أن يأتي معهم للحديث عن موضوع تجاري لبضع “دقائق”، لا سيما أنه كان يعمل في الوساطة العقارية في مدينة حلب.
ويقول الآغا -وهو يغالب الدموع- إنه لم يثق بكلام الرجال، خاصة أنه لم يتعرف عليهم أو على التاجر الذي تحدثوا عنه، حينها أبلغ زوجته أن تتصل بأخيه وتخبره بأنه ربما قد اعتقل من رجال الأمن لسبب غير معروف.
ويضيف الآغا أن تلك “الدقائق” امتدت إلى أكثر من 22 عاما في السجن أمضاها ما بين الحسرة والألم والعذاب النفسي والجسدي، تاركا زوجته و6 أطفال لمصير مجهول.
تعذيب واستعصاء
منذ اللحظة التي وصل فيها إلى أحد الأفرع الأمنية بحلب، تعرض الآغا للضرب والتعذيب بالكهرباء بدون السماح له بالحديث، وكان المحققون يطالبونه بالاعتراف بالانتماء إلى التنظيم السري بالتنسيق مع السائق المقبوض عليه، الأمر الذي أنكره بشدة مؤكدا أنه التقاه في إحدى الجلسات التي تجمع التجار في مكتبه.
ويروي الآغا كيف اعترف على نفسه بعد أن أنهكه التعذيب والضرب بالعصي والتعرض للكهرباء في أماكن حساسة، حيث قال لهم إنه يعترف بكل شيء متوسلا إليهم أن يوقفوا تعذيبه فقط.
نُقل الآغا لاحقا من مدينة حلب إلى سجن صيدنايا سيئ الصيت بمدينة دمشق، ويؤكد أن القاضي في المحكمة الميدانية كان يضربه في أثناء التحقيق كي لا يغير أقواله واعترافاته السابقة.
عاصر الآغا في سجن صيدنايا أحداث الاستعصاء الشهير من قبل السجناء عام 2008، ولا ينسى كيف قتل السجانون العشرات من المعتقلين خلال فض التمرد، مؤكدا أن مجزرة وقعت وقتل فيها قرابة 100 سجين، لرفضهم الإهانة وسوء المعاملة من مدير السجن.
الثورة والحرية
مع قيام الثورة السورية عام 2011، كانت تصل إلى الآغا والمعتقلين الأخبار عن خروج المتظاهرين في الشوارع، حينها كانت مشاعر الأمل تتسرب إليه بحدوث تغيير في البلد، في الوقت الذي قابل فيه المعتقل السابق العشرات من الشبان السوريين المعتقلين بتهمة التظاهر والدماء تغطي وجوههم من الضرب والتنكيل.
عام 2014 أنهى الرجل فترة حكمه البالغة 15 عاما، لكن الصدمة كانت عندما أخبره السجانون بأن لديه مشكلة في فرع “الأمن القومي”، مما أخر خروجه لمدة 7 سنوات إضافية من عمره.
ومنذ قرابة 3 أشهر خرج الآغا غير مصدق بعد أن أخبره مدير السجن أنه حصل على عفو و”مكرمة” من الرئيس بشار الأسد، لكن حجم الصدمة الأكبر عندما اكتشف أن ابنه الوحيد الذي تركه طفلا أصبح أبا لطفلين صغيرين!
يحاول المعتقل السابق خالد الآغا التكيف مع واقعه الجديد رغم الآثار الهائلة التي حفرت في نفسه من سجنه قرابة 23 عاما لتهمة لم يقترفها، محاولا العودة إلى حياته وتعويض أسرته عن سنوات الحرمان.
آلاف المعتقلين والمختفين
وإن كانت قصة المعتقل السابق خالد الآغا قد رويت، فإن عشرات الآلاف من المعتقلين السوريين لم ترو قصصهم وبقيت حتى اللحظة حبيسة الجدران، إذ تقدر الشبكة السورية لحقوق الإنسان عدد المعتقلين بأكثر من 130 ألف شخص منذ عام 2011 وحتى اليوم.
وبحسب تقارير الشبكة السورية، فإن 14 ألفا و537 شخصا، بينهم 180 طفلا، و92 امرأة قتلوا تحت التعذيب في سوريا، بين مارس/آذار 2011 ويونيو/حزيران 2021، أغلبيتهم قُتلوا في سجون النظام السوري.