ذي انترسيبت: شركة فيسبوك تتحكم بأفغانستان وتمنع حكومة طالبان من نشر المحتوى
نشر موقع “ذي انترسيبت” تقريرا أعده سام بيدل قال فيه إن فيسبوك سمحت لحكومة أفغانستان بحقوق محدودة لنشر منشوراتها على المنصة.
وقال إن حركة طالبان ممنوعة من استخدام المنبر لكن سمح وبهدوء لوزارة الداخلية استخدامه. فبعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان وصعود حركة طالبان إلى السلطة، وجدت شركة فيسبوك نفسها تتمتع بقوة غير مسبوقة في التاريخ. شركة أمريكية تتحكم ومن طرف واحد بأشهر وسيلة تواصل لحكومة أجنبية تتحدث عبرها مع مواطنيها.
وبعد سيطرة طالبان على كابول في آب/أغسطس شددت فيسبوك من سيطرتها على الجماعة التي وضعتها سابقا على القائمة السوداء. لكن المذكرات الداخلية التي اطلع عليها “ذي انترسيبت” تكشف عن استثناءات من الشركة والسماح لعدد من الوزارات في الحكومة الجديدة المشاركة بمحتوياتها عبر منصات الشركة والمساهمة في التشابك المتزايد للسياسات الداخلية لها حول الكيفية التي تنشر فيها طالبان منشوراتها. وعلى مدى سنوات منعت الشركة طالبان وعدد من الجماعات المرتبطة بها استخدام منصاتها بناء على سياسة “المنظمات والأفراد الخطيرين”، وهي قائمة سوداء داخلية كشف عنها الموقع في أيلول/سبتمبر. وتمنع القائمة ألافا من الجماعات والأشخاص من استخدام فيسبوك وتملي ما يجب على مليارات المستخدمين استخدامها. وعلى خلاف القاعدة أو الرايخ الثالث، فطالبان حكومة تتمتع بسيادة وتدير حياة ملايين السكان.
وفي مذكرة اطلع عليها الموقع تكشف أن الشركة أعلنت في نهاية أيلول/سبتمبر عن استثناء “يسمح بمشاركة المحتوى من وزارة الخارجية”. وأشارت المذكرة “للمعلومات المهمة حول تنظيمات السير” و “قيمنا الأهمية العامة لهذا المحتوى بأنه يتفوق على الضرر الممكن”، مع أن الاستثناء لم يكن مقيدا في تعليمات السير. كما وتم استثناء منشورين صادرين من وزارة الصحة نظرا لاحتوائهما على معلومات مهمة عن كوفيد-19. ورغم الاستثناءات إلا أنه تم حذف صفحة وزارة الداخلية، ولم تنشر وزارة الصحة أي معلومات على صفحتها منذ تشرين الأول/أكتوبر. وبدون مكتب حكومي يسمح له بالتشارك في المعلومات، فإن الاستثناءات التي راجعها الموقع تظل ضيقة في مداها. فقد سمح لمدة 12 يوما لرموز الحكومة على فيسبوك الإعتراف بأن طالبان “هي الحكومة الرسمية لأفغانستان” بدون مخاوف من الحذف حسب مذكرة أخرى. وسمح للمستخدمين في الفترة ما بين نهاية آب/أغسطس و3 أيلول/سبتمبر نشر بيانات طالبان بدون أن يطلب منهم مناقشتها بحيادية أو نشرها أو شجبها. ورغم السماح لوزارة الداخلية نشر معلومات تهم السلامة العامة وتلقي المواطنين معلومات عن رخص السياقة أو تعليمات الهجرة، لم يسمح لأي من الوزارات الأخرى القيام بنفس المهام العامة الموكلة إليها مثل وزارة المالية والزراعة. كل هذا في وقت تقف فيه أفغانستان على حافة كارثة إنسانية حسب الأمم المتحدة وتكافح فيه الحكومة لتوفير الخدمات الرئيسية للسكان وتأكيد نفسها. وقالت المتحدثة باسم فيسبوك سالي الدوس إن طالبان لا تزال محظورة من المنبر لكونها على قائمة المنظمات والأفراد الخطيرين، مضيفة “نواصل مراجعة محتوى الصفحة وتوافقه مع سياساتنا.
وفي الشهر الماضي سمح لعدة صفحات منها وزارة الداخلية والصحة والمالية والأشغال العامة نشر بعض المحتوى المتعلق بالخدمات الضرورية في أفغانستان بما فيهما منشورين في آب/أغسطس على صفحة وزارة الصحة. ولا يعرف الطريقة التي توصلت فيها شركة فيسبوك لهذا النهج التدريجي في التعامل مع طالبان ولماذا قررت السماح لوزارات معنية نشر محتوى دون الكشف عن هذه السياسة. لكن الدوس قالت إن فيسبوك “لا تتخذ قرارات بشأن حكومات معترف بها في بلد معين وتحترم بدلا من ذلك سلطة المجتمع الدولي لتحديدها”. وقالت إن الشركة كرست فريقا يضم خبراء في المنطقة لمراقبة طالبان و “لدينا شبكة متزايدة من الشركاء المحليين والدوليين من أجل إبلاغنا حول قضايا معينة وتوفير السياق لها”. ويرى خبراء أنه كان يجب الكشف هذه الاستثناءات مهما كانت حسنة النية. وانتقد آخرون السياسة بأنها عشوائية، بشكل يؤكد السلطة الواسعة وبدون رقابة والتي تمارسها شركة أمريكية على حكومة دولة، وبخاصة في أفغانستان التي يعتمد فيها سكان البلد على منتج فيسبوك نظرا لعدم وجود البنى التحتية الفاعلة.
ففي عام 2019 نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا قالت فيه إن تطبيق واتس آب الذي تملكه شركة فيسبوك بات الوسيلة الثانية المفضلة لدى الأفغان بعد فيسبوك للتواصل بين بعضهم البعض والعالم الخارجي. ورغم اهتمام فيسبوك في الدول الفقيرة بإعلاناته، لأنها تمثل سوقا مربحة لها، إلا أن فكرة تعديل المحتوى تأتي متأخرة في العادة. وقالت مسعودة سلطان، مؤسسة منظمة “نساء للنساء الأفغانيات” للموقع إن هناك قلق من استخدام طالبان لنشر دعايتها إلا أن منصات فيسبوك في أفغانستان قد تمثل “الوسيلة الوحيدة للتواصل التي يعتمد عليها الكثير من الناس من أجل نقل رسائلهم للكيانات في السلطة، ولكي تستمع تلك الكيانات لمطالبهم”. وتظل شركة فيسبوك، هي شركة للتجارة وفي بعض الأحيان تتشاور وتتعاون مع خبراء الحكومات والمنظمات غير الحكومية، لكنها تظل تحت سيطرة شخص واحد، مؤسسها مارك زوكربيرغ، وتظل سياساتها بيده. ولا يعرف إن كان زوكربيرغ يعتبر مستقبل أفغانستان أولوية، وحتى عندما تؤثر سياسات شركته السرية عليها.
وفي الوقت الذي واجهت فيه الشركة مشاكل مع الدول مثل الطغمة الحاكمة في ميانمار ومنعها الرئيس الأمريكي السابق من استخدام المنصة إلا أن منعها لحكومة كاملة والتحكم بتدفق المعلومات من مليارات الناس إلى هذا البلد مع وضع استثناءات قليلة يعد أمرا غير مسبوق. وقالت جين إسبيرغ، محللة منصات التواصل الاجتماعي في مجموعة الأزمات الدولية “كان على فيسبوك أن يتخذ قرارات كهذه من قبل” و “لكن حجم هذا هو جديد من ناحية انه سياسي في الولايات المتحدة ويتعلق بمنظمة مصنفة كإرهابية”. ومع أن طالبان ليست مصنفة كإرهابية في وزارة الخارجية إلا أنها موضوعا للعقوبات الاقتصادية من وزارة الخزانة وعلى القائمة الخاصة للمنظمات الإرهابية العالمية. وهي القائمة التي تعتمد عليها فيسبوك في قائمتها للمنظمات والأفراد الخطيرين. وأكدت فيسبوك مرارا أن قائمة وزارة الخزانة تمثل المبرر القانوني وراء قائمتها للمنظمات والأفراد الخطيرين وأنه لا خيار أمامها إلا مراقبة خطابها. ويرى خبراء أن الشركة ليس مطلوبا منها قانونيا مراقبة طالبان أو أي من الأسماء على قائمة وزارة الخزانة علاوة على منع من يريدون ذكر اسمها. ويبدو أن فيسبوك يعمل بناء على تفسيره الخاص المحافظ للقانون وامتيازات الشركة الخاصة. وبالمقارنة تسمح شركة تويتر لطالبان باستخدام المنصة بدون تداعيات قانونية. وفي مقال نشره موقع “جاست سوسيتي” ناقشت فايزة باتل وماري بات دوير من جامعة نيويورك فكرة أن شركة فيسبوك مقيدة بقوانين مكافحة الإرهاب وضرورة الالتزام بنظام العقوبات المفروض على جهات وحكومات ويجب على فيسبوك أن تضع جانبا الفكرة الخيالية بأن القانون الأمريكي يضبط نهجها.