لماذا تتخوف الهند من حكم طالبان؟
عندما أعلنت حركة طالبان الأسبوع الماضي أنها ستحكم أفغانستان، على بعد 600 ميل في نيودلهي، كان المزاج كئيباً في الهند، فـ33 رجلاً كُلّفوا مناصب رئيسية في حكومة طالبان، كانوا جميعاً تقريباً مع الحركة منذ ظهورها في التسعينيات.
وبصرف النظر عن خمسة كانوا محتجَزين في سجن غوانتانامو حتى العام الماضي، فقد أمضوا جميعاً السنوات العشرين الماضية مختبئين في باكستان. وكان “حقاني”، وهو فصيل من طالبان معروف بعلاقاته الوثيقة مع باكستان وإيمانهم المتشدد بـ”الجهاد العالمي”، ممثَّلاً جيداً في مجلس الوزراء الجديد.
بالنسبة إلى كثيرين في الهند، قلّلت الحكومة الجديدة من أي أمل في تغير حركة طالبان، وبدا أنها تؤمن نفوذ باكستان، العدو اللدود للهند، على مستقبل أفغانستان، وفق صحيفة الغارديان البريطانية.
يقول كبير تانيجا، الزميل في مؤسسة أوبزرفر ريسيرش في دلهي: إنه انتصار استراتيجي هائل لباكستان التي لديها شبه سيطرة على إدارة طالبان.
ويتابع بأن الحكومة الجديدة بمثابة منصة لباكستان لبناء ما تريد بناءه، مضيفاً: هذا يمثّل تحدياً كبيراً جدّاً للهند في العامين المقبلين.
ويمثل سقوط حكومة أشرف غني المدعومة من الولايات المتحدة، التي كانت تُعتبر حليفة لنيودلهي، واستيلاء طالبان السريع على أفغانستان، مشكلات متعددة للهند، فقبل كل شيء، طالما نظرت الهند إلى طالبان على أنها ليست أكثر من مجرد وكيل لمنافستها باكستان.
ونشأت حركة طالبان واستولت على السلطة في التسعينيات بمساعدة وكالة الاستخبارات الباكستانية القوية (ISI)، وبعد سقوط الحكومة في عام 2001، بعد الغزو الأمريكي، وجد قادة طالبان ملاذاً لهم عبر الحدود.
ومنذ ذلك الحين ظلت باكستان حاسمة للجماعة، وكانت هي المكان الذي عاشوا فيه ودُرّبوا وأعادوا تجميع صفوفهم، مما مكّنهم الشهر الماضي من استعادة أفغانستان بالقوة وإسقاط الحكومة.
ونفت باكستان مراراً وجود علاقات مباشرة مع طالبان. ومع ذلك، قبل إعلان مجلس الوزراء الجديد، وصل المدير العامّ لوكالة المخابرات الباكستانية فايز حميد، إلى كابل، وسط حديث بأنه كان هناك لتهدئة الانقسامات داخل الحركة والتأكد من قدرتها على تشكيل حكومة.
وقال راجيف دوجرا، السفير الهندي السابق الذي شغل منصب القنصل العام في باكستان، إن تورط إسلام آباد في أفغانستان وتدخلها في نظام طالبان الجديد كان واضحاً للغاية، لمرة واحدة لا يحاولون إخفاء ذلك.
وأردف: بطبيعة الحال، إذا أصبحت العملية برمتها مدفوعة من الاستخبارات الباكستانية، فهذا سبب كبير لقلق الهند.
وينبع القلق الهندي من المخاطر الأمنية الإقليمية والمحلية التي يفرضها نظام طالبان، بخاصة في إقليم كشمير الحدودي، فلعقود من الزمان كانت منطقة كشمير ذات الأغلبية المسلمة في الهند متورطة في “تمرد انفصالي” مدعوم من باكستان.
وترتبط طالبان بعلاقات تاريخية مع جماعات إسلامية في كشمير، نشطت مؤخراً في ساحة المعركة الأفغانية، حسب الغارديان.
وبين السكان الأفغان شك كبير ومقاومة لباكستان، الذين يُنظر إليهم غالباً على أنهم إمبرياليون ويتدخلون في السيادة الأفغانية، كما يتضح من اللافتات المناهضة لإسلام آباد في الاحتجاجات الأخيرة بالمدن الأفغانية.
في المقابل، العداء موجود أيضاً داخل طالبان، حيث أمضى عديد من قادة الحكومة الحالية سنوات في السجون الباكستانية، واعتُقلوا بناءً على تعليمات من الولايات المتحدة.
وعلى عكس الفكرة الرائجة، يعتقد خبراء تحدثوا للصحيفة البريطانية أن باكستان ليس لديها مستوى السيطرة على الحركة المتداوَل لدى المجتمع الدولي وأن طالبان تسعى لممارسة أكبر قدر من الاستقلال.