هل يمثل انتصار طالبان بداية لنهاية الإمبراطورية الغربية؟
قال الكاتب الصحفي البريطاني ديفيد هيرست إن الأحداث الأخيرة في أفغانستان تؤكد أن الغرب لم يعد بإمكانه السيطرة على العالم من خلال قصف الأنظمة التي لا يحبها بالقنابل.
ورأى هيرست في مقال له بموقع “ميدل إيست آي” (Middle East Eye) الذي يرأس تحريره أن التحالف الغربي الضخم الذي خسر الحرب في أفغانستان كان يعتقد أن بإمكانه هدم حركة طالبان، وبناء دولة جديدة في أفغانستان على الرغم من جهله بتاريخ البلد ولغاته وشعوبه.
وقال الكاتب إن التدخل الغربي في أفغانستان لم ينجح سوى في نشر الوحشية وبؤس الحرب على مدى عقدين من الزمن، كان للشعب الأفغاني نصيب الأسد منهما، وإن حساب تكلفة هذا التدخل، كما يفعل الغرب حتى الآن، من زاوية الخسائر العسكرية لأميركا وبريطانيا فقط، دليل قاطع على أن الحضارة الغربية تعيش حالة من الانحطاط.
وأشار إلى أنه عندما بدأ الغزو الأميركي لأفغانستان في السابع من أكتوبر/تشرين 2001 أعلنت مجلة تايم الأميركية على غلاف عددها حينئذ أن ذلك إيذان بـ”آخر أيام طالبان”.
وهكذا، والكلام للكاتب، بدأ ما أصبح يعرف بـ”الحرب على الإرهاب”، التي سعى من خلالها المحافظون الجدد في الولايات المتحدة لاستبدال الاتحاد السوفياتي المتفكك بالإسلام كتهديد عالمي جديد، وأنشأ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه قوة دولية للإشراف على العمليات العسكرية وتدريب قوات الأمن الأفغانية.
وأشار هيرست إلى أن الغرب أنفق منذ ذلك الوقت أكثر من تريليوني دولار أميركي على تلك الحرب، وقتل في أفغانستان وباكستان نحو 241 ألف شخص، كما لقي 2448 جنديًا أميركيًا و454 جنديًا بريطانيًا حتفهم، ولكن بعد مرور 20 عامًا على انطلاق تلك الحرب عادت حركة طالبان الآن إلى السيطرة على أفغانستان.
وقال هيرست إن العقلية الحالمة التي تخوض بها الليبرالية الغربية عملياتها العسكرية في غرب آسيا والشرق الأوسط تعكس كثيرا من سيكولوجية الإمبراطورية الغربية الآخذة في التلاشي، التي ما زالت تعيش حالة إنكار من ضمنها إنكار دورها في الكارثة التي حلّت بأفغانستان.
ومضى بالقول إن ديفيد بتريوس القائد الأعلى للقوات الأميركية في أفغانستان، والجنرال السير نيك كارتر رئيس أركان الدفاع في المملكة المتحدة، وغيرهم من جنرالات الولايات المتحدة وبريطانيا الذين خدموا في أفغانستان يتحملون جميعا المسؤولية عن الحرب التي لم يكن الشعب الأفغاني يريدها ولم يستطع تحمل تبعاتها.
وأوضح أنه من المأساوي أن الولايات المتحدة لن تتعلم الحقيقة القاسية من هزيمتها في أفغانستان، التي مفادها أن استخدام القوة غير مجدٍ، كما لن تتعلم أنها قد أصبحت قوة متراجعة.
وخلص الكاتب إلى أن الولايات المتحدة لو أنها تعلمت الدرس من هزائمها العسكرية، فستبدأ التصرف على النحو الصحيح في عالم يواجه بالفعل تهديدًا وجوديًا مشتركًا، ليس مصدره الشيوعية ولا الإسلام.