قيس سعيّد يعفي مدير المخابرات التونسي ويكلّف أحد مستشاريه بتسيير وزارة الداخلية
قرر الرئيس التونسي قيس سعيّد، مساء الخميس، تكليف مستشاره للأمن القومي رضا غرسلاوي بتسيير وزارة الداخلية، في قرار تزامن مع إعفاء مدير المخابرات العامة لزهر لونغو، في وقت قامت فيه قوات من الأمن الرئاسي بإيقاف النائب ياسين العياري بعد توجيهه نقدا لاذعا للرئيس سعيّد، فيما أعلن الإعلامي زياد الهاني مقاضاة الرئيس بتهمة تجاوز السلطة.
وأدى غرسلاوي اليمين الدستورية أمام سعيد كوزير مكلف بإدارة وزارة الداخلية، فيما أكد سعيد احترامه لأحكام الدستور التونسي، مضيفا ليطمئن الجميع داخل تونس وخارجها أننا نحتكم للقانون. درّست لأكثر من ثلاثة عقود الحقوق والحريات في إطار القانون الدستوري وحقوق الإنسان وليس اليوم هو الذي يمكن أن أتنكر فيه لما درسته لأجيال تعاقبت في كليات الحقوق في تونس.
وتابع مخاطبا غرسلاوي أنت اليوم مطالب بضمان استمرارية الدولة في ظل ظرف دقيق، ولكن ليعلم الكثيرون أن الدولة ليست دمية تحركها الخيوط، وهناك من يحرك الخيوط من وراء الستار من اللوبيات والفاسدين. الدولة التونسية مؤسسات ومرافق ومؤسسات عمومية تعمل لخدمة الجميع في إطار القانون.
وتزامن قرار تعيين غرسلاوي مع إعفاء المدير العام للمصالح المختصة (المخابرات) لوزارة الداخلية الأزهر لونغو من مهامه، وتعيين محمد الشريف المدير المركزي للاستعلامات العامة خلفا له.
وكان الرئيس التونسي أقال خلال الأيام الماضية 24 مسؤولا كبيرا، بينهم رئيس الحكومة هشام المشيشي ومستشاريه، وعددا من الوزراء، فضلا عن مدير التلفزيون لسعد الداهش.
وأعلنت حركة “أمل وعمل” إيقاف رئيسها النائب ياسين العياري من قبل “الأمن الرئاسي”، مشيرة إلى أنه تم خطف نائب الشعب ياسين العياري من أمام منزله وأخذه بدون الاستظهار بأي وثيقة او إذن قضائي أو إعلام زوجته بمكان أخذه، من طرف مجموعة كبيرة من الأعوان عرّفوا أنفسهم بأنهم أمن رئاسي.
وكتب مختار الجماعي محامي العياري وقع تداول إشاعة أن ياسين العياري وقع إيقافه تنفيذا لبطاقة جلب او منشور تفتيش. أؤكد باعتباري محاميه، أن الحكم الوحيد الصادر ضده وقع نقضه أمام محكمة التعقيب، والقضية معينة ليوم الخميس 21 أكتوبر(تشرين الأول) 2021 أمام الدائرة الجناحية لدى محكمة الاستئناف العسكرية، بما يؤكد أن إيقاف موكلي كان من أجل تدويناته وما أبداه من رأي في سلسلة مقالاته الأخيرة.
وأثار خبر إيقاف العياري جدلا سياسيا كبيرا، حيث علّق رياض الشعيبي، مستشار رئيس حركة النهضة بالقول “الحرية لياسين العياري”. وأضاف لسعد لحجلاوي، النائب عن حزب التيار الديمقراطي: إذا كان إيقاف العياري على خلفية حكم بالسجن صادر ضده او بطاقة جلب من أجل قضية سابقة فهو مواطن يُطبق عليه القانون، لكن إذا كان الإيقاف على خلفية تدوينة او موقف سياسي فالأمر خطير. مقترح لإبعاد كل لُبس: عندما يتم إيقاف نائب في هذه المرحلة يتم إعلام الرأي العام عن سبب إيقافه حتى لا تختلط علينا الأمور. ودونت البرلمانية السابقة صابرين القوبنطيني الشماتة والتشفي وعقلية الانتقام أحاسيس غريزية خاصة بمجتمعات بدائية قائمة على العنف والدم. صحيح أن ياسين العياري شتمني في وقت سابق وأساء إلى عرضي، ولكني اليوم أرفض الإيقافات وتصفية الحسابات بهذه الطريقة. قلت سابقا إن هذه الغوغاء ستأخذنا لمنعرج خطير.
وخلال الأيام الماضية وجّه العياري انتقادات متواصلة للرئيس قيس سعيّد، اتهمه فيها بالقيام بـ”انقلاب عسكري” تحت غطاء دستوري وبدعم من قوى خارجية.
فيما كشف الإعلامي زياد الهاني عن تقديمه شكوى قضائية ضد الرئيس سعيّد، حيث دون على صفحته في موقع فيسبوك: قمت صباح اليوم برفع قضيتين لدى المحكمة الإدارية، لإلغاء القرارات الأخيرة غير القانونية التي اتخذها الرئيس قيس سعيّد. وهذه هي المرة 27 التي ألجأ فيها لرفع دعوى في تجاوز السلطة لدى المحكمة الإدارية، آخرها كانت ضد الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، رغم كل حبي وتقديري له، وقبلها 23 دعوى سابقة، زمن الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، في قضايا أغلبها مرتبط بانتهاك الحريات، وحصلت من خلالها على وثائق لا تقدر بثمن، تؤرخ لتلك المرحلة وتوفر رصيدا ثريا للباحثين فيها.
وأضاف: أرحّب بالنقد الذي يواجه الفكرة بالفكرة ويعارض الرأي بالرأي ويقارع الحجة بالحجة. ولا يضيرني تقوّل المتقوّلين، والافتراءات الرخيصة للمغرضين، وتهجمات السفلة والمنحطين، وتهافت التافهين، ولا حتى شتائم الغافلين والمتحمسين الذين سيكتشفون مع الوقت أنه لا ولاء لي لغير تونس وحدها.
وتعيش تونس سجالا سياسيا متواصلا بعد قيام الرئيس سعيّد بتجميد عمل البرلمان وإقالة رئيس الحكومة، فضلا عن إشرافه على السلطة التنفيذية والنيابة العامة، وهو ما يعتبره البعض “انقلابا” على الدستور التونسي، فيما يرى آخرون أنه “خطوة موفقة” لإنقاذ البلاد من الوضع المتردي الذي تعيشه، لكنهم ـ بالمقابل – يطالبون الرئيس بتقديم ضمانات دستورية لعدم الانحراف بالسلطة.