عاصفة سياسية تهدد الديمقراطية في تونس
تسبب قرار الرئيس التونسي، قيس سعيد، تجميد عمل البرلمان وإقالة رئيس الحكومة، بعاصفة سياسية داخل البلاد وخارجها، حيث عبرت أغلب الأحزاب التونسية في الائتلاف الحاكم والمعارضة عن رفضها لهذه القرارات التي وصفتها بـ”الانقلاب” على الدستور.
وكرس سعيّد ما وصفه خصومه بـ”الانقلاب” عبر سلسلة قرارات إذ أصدر أمرا بإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي ووزير الدفاع إبراهيم البرتاجي ووزيرة العدل بالنيابة حسناء بن سليمان من مهامهم.
وقالت الرئاسة التونسية، في بيان إنه تقرر أن يتولى الكتّاب العامون أو المكلفون بالشؤون الإدارية والمالية، برئاسة الحكومة ووزارتي الدفاع والعدل تصريف أمور الحكومة الإدارية والمالية، إلى حين تسمية رئيس جديد لها، وأعضاء جدد فيها.
كما أصدر أمرا رئاسيا يقضي بــــتعطيل العمل بالإدارات المركزية والمصالح الخارجية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية لمدة يومين.
كذلك، أعلن سعيد، فرض حظر تجول في البلاد بدءا من الساعة السابعة مساء حتى الساعة السادسة صباحا، انطلاقا من الاثنين وحتى يوم 27 آب/أغسطس المقبل.
وأثارت قرارات سعيد عاصفة من الجدل السياسي في تونس، إذ سرعان ما اعتبرها رئيس البرلمان راشد الغنوشي انقلاب على الدستور والثورة، كما عبر الائتلاف الحاكم (النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة) عن تأييده لموقف الغنوشي، داعيا التونسيين إلى الخروج للشوارع للدفاع عن الثورة. وبعد ساعات من إصدار هذه القرارات، قام الجيش التونسي بتطويق مبنى البرلمان ومنع رئيس البرلمان وعدد من النواب من دخوله، فيما اعتبر مكتب البرلمان أن قرارات سعيد باطلة وتنطوي على خرق جسيم للدستور وانحراف شديد في الاجتهاد في تفعيل الفصل 80 منه، ومحاولة تحيل وتمويه مفضوحة بادعاء الباطل حصوله علي موافقة السيد رئيس مجلس نواب الشعب علي هذه التدابير.
كما عبرت أحزاب المعارضة، على غرار التيار الديمقراطي والتكتل، عن رفضها “القراءة” التي اعتمدها الرئيس سعيد للفصل 80 من الدستور.
وطالب اتحاد الشغل الرئيس سعيد بتقديم ضمانات دستورية مقابل التدابير الاستثنائية بما يضمن عدم التوسّع والاجتهاد فيها، كما دعا إلى مراجعة التدابير الخاصة بالقضاء لضمان استقلاليّته.دوليا، أبدت الولايات المتحدة قلقها، ودعت إلى احترام “المبادئ الديموقراطية” في البلاد التي تعد مهد الربيع العربي.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي “نحن قلقون إزاء التطورات في تونس”، وأعلنت أن “التواصل قائم على أعلى مستوى” وان واشنطن “تدعو إلى الهدوء وتدعم الجهود التونسية للمضي قدما بما يتوافق مع المبادئ الديموقراطية”، فيما أعلنت الدبلوماسية الفرنسية، أن باريس تأمل “بعودة المؤسسات الى عملها الطبيعي” في تونس في أقرب وقت.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية، إن فرنسا تدعو أيضا جميع القوى السياسية في البلاد الى تجنب أي من اشكال العنف والحفاظ على المكتسبات الديموقراطية للبلاد.
ودعت الأمم المتحدة جميع الأطراف في تونس إلى ضبط النفس والامتناع عن العنف وضمان الهدوء، فيما عبر إبراهيم كالين المتحدث باسم الرئيس رجب طيب أردوغان عن رفضه “تعليق العملية الديموقراطية وتجاهل الإرادة الديموقراطية للشعب التونسي”، فيما دعت الخارجية الألمانية إلى العودة للنظام الدستوري، مشيرة إلى أن ما حدث في تونس لا يُعتبر انقلابا.