خبير ومستشرق إسرائيلي: حماس فكت شيفرة حمضنا النووي وتجيد قراءتنا
قال مستشرق إسرائيلي إنه “مع مرور الوقت تتخطى حماس الحدود، وبعد ثلاثين عامًا من العمليات العسكرية، وبدلا من هزيمة هذه المنظمة، فإنها تزداد قوة، وحان وقت التساؤل عن الخطأ الإسرائيلي أين يكمن”.
وأضاف جاكي خوجي في مقال بصحيفة معاريف، ترجمته “عربي21″، أنه “ما إن مر يوم أو يومان فقط منذ وقف إطلاق النار في غزة، حتى بدأت البالونات الحارقة في التحليق في المستوطنات الإسرائيلية الحدودية، وهذه البالونات ليست مقالب صبيانية، لكنها من عمل الجناح العسكري لحماس، وكما هو الحال في غزة، فكما أن لكل صاروخ سببا، فإن لكل بالون هدفا”.
وأوضح خوجي محرر الشؤون العربية في الإذاعة العسكرية، أنه “رغم وابل النار والرصاص التي سقطت على القطاع، ومئات القتلى، والمباني التي هُدمت، وآلاف الأمتار من الأنفاق التي تعرضت للهجوم، فإن مقاتلي حماس ورفاقهم يواصلون استفزاز إسرائيل، وكأنه لم تقع هناك حرب من الأساس، ومع مرور الأيام تكتسب قيادة الفصائل الفلسطينية المزيد من الشجاعة، وفي كل مرة تقترب من الحدود الإسرائيلية أكثر قليلاً”.
وأشار إلى أن “حماس لم تبدأ هذه الحرب فحسب، بل تجرأت، وأطلقت الصواريخ على القدس، وبعد توقف المدافع، فإنهم لم ينتظروا طويلاً حتى سارعوا لإطلاق بالونات حارقة، وصدرت من غزة تهديدات صارخة لإسرائيل بأن يدنا على الزناد إذا تجرأت على الانتهاك في القدس مرة أخرى، وهكذا مرة أخرى تقود حماس إسرائيل بإرغامها رغم أنفها، وهذه ليست ممارسة قيادة مهزومة أبدا”.
وأوضح أن “التجارب السابقة مع حماس أكدت تآكل العصي التي تمسك بها إسرائيل في غزة على مر السنين، ولعل خطاب يحيى السنوار لأول مرة منذ انتهاء القتال تعبير عن التحدي، بما يتفق مع إصرار حماس المتزايد في السنوات الأخيرة، على زراعة القلق في صفوف العدو، ومهاجمة الحمض النووي للمجتمع الإسرائيلي، والوقوف على عيوبه، ربما لأن قيادة حماس تقدر أن الأسوأ وراءهم، وأن إسرائيل لن تشن حرباً أخرى قريبًا”.
وأكد أن “قدرة قادة حماس تحسنت على قراءة إسرائيل على مر السنين، ثم يقررون أين يضغطون، وبأي وسيلة بالونات حارقة أو صواريخ أو استخدام وسطاء، وكل إجراء تم تصميمه وفقًا للاحتياجات والتوقيت، ولا تستند تقييمات الوضع في قيادة حماس في غزة لمعلومات سرية، بل تتكون من محادثات وانطباعات نشأت في الاتصالات مع مختلف الوسطاء، وتم جمع معظم المعلومات من داخل الساحة السياسية في إسرائيل”.
وأشار إلى أن “القيادات في المستويات العليا والثانوية من بينهم، في الذراعين العسكرية والسياسية، على دراية بما يحدث في إسرائيل منذ سنوات طويلة من المراقبة، وعندما تُتخذ قرارات في إسرائيل بخصوص حماس، فإنها غالبًا ما تستند لحاجة إسرائيلية، سواء انتخابية، أو رغبة بالانتقام، وحين تتخذ حماس القرار الاستراتيجي، فإن ذلك يتم بناء على الإلمام بما يحدث في إسرائيل، ولذلك تتمتع قيادتها بميزة التعرف علينا”.
ولفت إلى أن “جل قيادة حماس العليا كانت في السجن، ما مكنها من التعرف على الإسرائيليين جيدًا، ويعرف الكثير منهم اللغة العبرية، ما يسهل عملية صنع القرار في حماس تجاه إسرائيل، وفي الحرب الأخيرة لم يتوقع أحد أن تنتصر حماس، لكن قيادتها والجماهير التي شاهدتها في الشارع العربي وأنحاء العالم الأخرى، توقعوا منها مضايقة هذا الجيش الهائل، وتعليمه حدود القوة، وهذا ما فعلته”.
وأكد أنه “في كل حرب تخوضها حماس ضد إسرائيل تصعد على رأسها من جديد، وترمم جروحها، وتخرج أقوى بكثير، وحان الوقت لنسأل أنفسنا ما الخطأ الذي حدث، وإذا كان الجيش يتفاخر في نهاية أي عملية من هذا القبيل منذ 30 عامًا بأن مقاتليه يضربون المسلحين، ويدمرون البنية التحتية، فلماذا إذن يزداد هؤلاء قوة، وبات قادة حماس أقل خوفًا، وأكثر جرأة تجاه إسرائيل، وكأنهم فكوا شيفرة الحمض النووي الإسرائيلي، وهم يتقدمون بذلك على إسرائيل جيلا بعد جيل؟”.