فرنسا لن تقدم اعتذارا لاحتلال الجزائر وستكتفي بخطوات رمزية
أعلنت الرئاسة الفرنسية اليوم أنها تعتزم القيام بـ”خطوات رمزية” لمعالجة ملف احتلال وحرب الجزائر، لكنها لن تعبّر عن “أي ندم أو اعتذار”، وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون دعا في يوليو/تموز الماضي نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الاعتذار عن ماضي فرنسا الاستعماري في بلاده.
وأضاف الإليزيه أن الرئيس ماكرون سيشارك في 3 احتفالات تذكارية في إطار الذكرى الستين لنهاية حرب الجزائر في 1962، هي اليوم الوطني للحركيين يوم 25 سبتمبر/أيلول، وذكرى قمع مظاهرة الجزائريين في باريس يوم 17 أكتوبر/تشرين الأول 1961، وتوقيع اتفاقيات إيفيان يوم 19 مارس/آذار 1962 التي استقلت بموجبها الجزائر.
ويفترض أن يسلم المؤرخ الفرنسي بنجامان ستورا اليوم في الساعة الخامسة بتوقيت فرنسا (الرابعة مساء بتوقيت غرينتش) إلى الرئيس الفرنسي تقريره بشأن الاستعمار وحرب الجزائر (1954-1962)، الذي يتضمن مقترحات ترمي إلى إخراج العلاقة بين فرنسا والجزائر من الشلل الذي تسببه قضايا الذاكرة العالقة.
فقد كلّف الرئيس الفرنسي المؤرخ ستورا، وهو أحد أبرز الخبراء المتخصصين في تاريخ الجزائر الحديث، في يوليو/تموز 2020 بـ”إعداد تقرير دقيق ومنصف بشأن ما أنجزته فرنسا حول ذاكرة الاستعمار وحرب الجزائر” التي وضعت أوزارها عام 1962 وما زالت حلقة مؤلمة للغاية في ذاكرة عائلات الملايين من الفرنسيين والجزائريين.
وقالت الرئاسة الفرنسية إن رئيس الدولة “سيتحدث في الوقت المناسب” بشأن توصيات هذا التقرير، واللجنة التي ستكون مسؤولة عن دراستها. وأكدت أنه ستكون هناك أقوال و”أفعال” للرئيس في “الأشهر المقبلة”.
اعتذارات سابقة
وذكرت مصادر في الإليزيه أن الأمر يتعلق بعملية اعتراف بالماضي الاستعماري ولكن “الندم وتقديم الاعتذار غير وارد”، وذلك استنادا إلى رأي أدلى به المؤرخ ستورا، الذي ذكر أمثلة لاعتذارات قدمتها اليابان إلى كوريا الجنوبية والصين عن الحرب العالمية الثانية ولم تسمح بمصالحة هذه الدول.
وبالمقابل، فإن من بين الخطوات الرمزية التي تقوم بها فرنسا تجاه ذاكرة الماضي الاستعماري، نقل رفات المحامية المناهضة للاحتلال جيزيل حليمي -التي توفيت يوم 28 يوليو/تموز 2020- إلى مبنى البانثيون الذي يضم بقايا أبطال التاريخ الفرنسي.
وشدد الإليزيه على أن الرئيس ماكرون ليس نادما على تصريحاته التي أدلى بها في العاصمة الجزائرية في 2017، وندد فيها بالاستعمار باعتباره “جريمة ضد الإنسانية”.
الرئيس الجزائري
وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قال عقب استعادة بلاده في يوليو/تموز الماضي رفات 24 من قادة المقاومة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي، إنه يريد اعتذارا من فرنسا عن ماضيها الاستعماري، وأضاف في مقابلة تلفزيونية أن “باريس قدمت نصف اعتذار”، وعبّر عن أمل بأن “تواصل على المنهج نفسه وتقدّم كامل اعتذارها”.
وكان البرلمان الجزائري قد تبنى العام الماضي قانونا تم بمقتضاه اعتماد 8 مايو/أيار يوما للذاكرة، تخليدا لذكرى مجازر 1945 التي ارتكبتها القوات الفرنسية في مدينتي سطيف وقسنطينة (شرق).
ومنذ أكثر من 4 سنوات مضت، تتفاوض الجزائر وفرنسا حول 4 ملفات تاريخية عالقة، يخص أولها الأرشيف الجزائري الذي ترفض السلطات الفرنسية تسلميه، ويتعلق الملف الثاني باسترجاع جماجم قادة الثورات الشعبية.
وأما الملف الثالث فيتصل بالتعويضات لضحايا التجارب النووية التي أجرتها فرنسا في الصحراء الجزائرية بين عامي 1960 و1966، في حين أن الملف الرابع يتناول المفقودين خلال ثورة التحرير (1954-1962) وعددهم 2200 شخص، حسب السلطات الجزائرية.
المصدر: الجزيرة