تركيا ترد على العقوبات الأمريكية بتجريب منظومة دفاعية وطنية
في أول تعقيب له على العقوبات الأمريكية، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن نجاح الاختبارات النهائية على منظومة دفاعية “وطنية” متعهداً بتكثيف العمل في مجال الصناعات الدفاعية الوطنية، وذلك وسط تكهنات بقرب إعلان تركيا رسمياً عن تفعيل منظومة S400 الدفاعية الروسية وإدخالها الخدمة عملياً.
وفي كلمة له، الأربعاء، أكد أردوغان أن تركيا سوف تسرع خطواتها في الصناعات الدفاعية الوطنية “لتبلغ الريادة العالمية”، وذلك رداً على العقوبات الأمريكية، معتبراً أنها المرة الأولى التي يتم فيها فرض عقوبات وفق قانون “كاتسا” الأمريكي على دولة عضو في حلف شمال الأطلسي “ناتو”، واصفاً إياها بأنها هجوم صارخ على الحقوق السيادية التركية.
واعتبر أردوغان أن الهدف الأساسي للعقوبات “قطع الطريق أمام القفزات التي بدأتها تركيا في الصناعات الدفاعية لجعلها تعتمد على الخارج”، مضيفاً: “بعد العقوبات الأمريكية سنسرّع من خطواتنا في طريق بناء الصناعات الدفاعية لتبلغ الريادة العالمية”، كما وعد بمضاعفة الجهود من أجل استقلال الصناعات الدفاعية التركية من كافة النواحي.
ودافع أردوغان عن شراء بلاده المنظومة الدفاعية الروسية، قائلاً: لماذا لجأت تركيا إلى ذلك؟ لأن الولايات المتحدة لا تسمح منذ زمن طويل ببيع منظومات الدفاع الجوية التي تملكها لنا.. تركيا اقترحت منذ البداية تشكيل مجموعة عمل فنية وإيجاد حل للمشكلة عن طريق الحوار والدبلوماسية.. ولكن من الواضح أن الهدف هو قتال الناطور وليس أكل العنب، إذ يبدو أنه كان سيتم اللجوء إلى طرق مماثلة بذرائع أخرى حتى لو لم تظهر مسألة S400.
وفي رسالة تحد، بث الرئيس التركي مشاهد للتجارب الأخيرة لمنظومة HİSAR-A للدفاع الجوي منخفض الارتفاع محلية الصنع التي أشرفت على إنتاجها رئاسة الصناعات الدفاعية التي طالتها العقوبات الأمريكية، مؤكداً أن الاختبارات اجتيزت بنجاح كامل، حيث تظهر المشاهد انطلاق صاروخ من المحطة الأرضية للمنظومة قبل أن ينجح في إصابة وتدمير هدف جوي.
ومنذ سنوات تشرف شركتان كبيرتان تتبعان للصناعات الدفاعية على تطوير منظومة حصار للدفاع الجوي من أجل الوصول إلى منظومة وطنية تركية، حيث تتولى هذه المهمة الشركة التركية للصناعات الإلكترونية العسكرية “أسيلسان” التي تطور الرادار ولوحة التحكم والإطلاق، والشركة التركية للصناعات الدفاعية “روكيتسان” التي تتولى تطوير صواريخ المنظومة.
والنسخة التي أعلن عن نجاح التجارب النهائية حولها هي HISAR-A منخفضة الارتفاع حيث يقدر مداها بـ15 كيلومترا، وبالتوازي يجري تطوير النسخة الثانية HISAR-O التي تعتبر متوسطة الارتفاع ويبلغ مداها 25 كيلومترا، وتقول تقديرات إنها ستكون قادرة على مواجهة خطر الطائرات المسيرة والمروحية وحتى الطائرة المقاتلة التي تطير على ارتفاعات عادية، كما يمكنها مواجهة خطر قسم كبير من الصواريخ التقليدية.
والمنظومة تطلق صواريخها عامودياً من منصة إطلاق محمولة على مركبات متحركة، ومجهزة برؤوس حربية شديدة الانفجار تتعقب الهدف بواسطة نظام روية بالأشعة تحت الحمراء وأشعة الليزر، وتقول تقديرات عسكرية إن هذه المنظومة تحمل أهمية لقدرتها على مواجهة الأهداف الجوية المنخفضة التي يصعب على الدفاعات الجوية بعيدة المدى إسقاطها، وهو ما يجعلها تتكامل مع منظومة متقدمة على غرار منظومة S400.
وفي هذا الإطار، تشير الكثير من التقديرات في تركيا إلى أن القيادة السياسية والعسكرية في البلاد تتجه نحو تفعيل منظومة S400 الدفاعية رداً على العقوبات الأمريكية التي باتت أمراً واقعاً وشكلت حافزاً لأنقرة من أجل تفعيل المنظومة والاستفادة من خدماتها.
وبعد أن أجلت تركيا خططها لتفعيل المنظومة على مدار الأشهر الماضية على أمل التوصل إلى حل ما مع الإدارة الأمريكية وتجنب العقوبات، من المتوقع أن فرض العقوبات سيعزز توجه أنقرة لتفعيل المنظومة بالفعل خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة، وهو ما يمكن أن يتم بالفعل سواء أعلن عن ذلك رسمياً أم لا (تفعيلها دون ضجة إعلامية).
المصدر: القدس العربي