في دياربكر التركية.. أنبياء وصحابة وحضارة عمرها ثمانية آلاف عام
قال والي دياربكر جنوب شرقي تركيا، منير كارال أوغلو، إن تاريخ المدينة (مركز الولاية وتحمل الاسم نفسه) يعود إلى 8 آلاف عام، مشيرا أنه مر عليها 33 حضارة متنوعة ومعتقدات متعددة، ويوجد فيها أضرحة أنبياء وصاحبة.
وأضاف كارال أوغلو، في حوار مع وكالة الأناضول، أن دياربكر “مدينة قديمة تستمر فيها الحضارة والحياة، وهي مدينة المعتقدات والحضارات والبركة”.
وتابع: “يوجد فيها آثار تاريخية ومكونات ثقافية ودور عبادة لكل المعتقدات”، وهناك عدد كبير من المشاريع الحكومية للنهوض بالولاية وتطويرها.
الفتح الإسلامي
الوالي تحدث عن الفتح الإسلامي للمدينة وأهميته بالقول، إن “فتح دياربكر تم بعد 9 سنوات فقط من فتح مكة التي فُتحت عام 630 م، فيما تم فتح دياربكر في 639 م، في زمن الخليفة عمر بن الخطاب”.
وأوضح أن “ألف صحابي شاركوا في فتح دياربكر، وسقط منهم 27 شهيدا، قبورهم موجودة في جامع سليمان، وفي مقدمة الفاتحين كان الصحابي الشهيد سليمان بن خالد بن الوليد، والجامع يحمل اسمه حيث استُشهد ودفُن فيه”.
وشدد على أن “وجود قبور الصحابة يحظى بتقدير أهل المدينة والمنطقة.. ويوجد 500 صحابي مدفونين في المنطقة، حيث استقر قسم منهم فيها بعد فتحها”.
تراث عالمي
ولا تقتصر أهمية دياربكر على تاريخها الإسلامي فقط، إذ يفيد كارال أوغلو بأن “المدينة مهمة من ناحية الديانات الأخرى أيضًا في حال عدنا إلى التاريخ القديم من المسيحية والسريانية والآشورية”.
وأردف: “توجد كنائس تعود إلى المعتقدات السابقة، وفي الزمن الأقدم توجد آثار تعود إلى عصر روما، مثل قلعة زيزوان وفيها معبد لأبناء المعتقدات الخاصة، وبالتالي هي مدينة الحضارات والمعتقدات”.
وزاد بقوله: “من ناحية الزراعة تحتوي المدينة على بساتين هفسل (بمعنى أسفل)، وهي حاليًا في اللائحة المؤقتة لليونسكو (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة)؛ لأنها تُزرع على مدار 8 آلاف عام سقاية من دون انقطاع”.
واستطرد: “وضعت المزارع مع أسوار المدينة في اللائحة (مواقع التراث العالمي)، وباتت قيمة إنسانية مشتركة للعالم”.
أنبياء وصحابة
كارال أوغلو تحدث عن الآثار الإسلامية بقوله إن “دياربكر مدينة الأنبياء، ففيها مقام لعدد من الأنبياء يمكن زيارتهم، ولا يوجد في العالم مثيل لها، ففي منطقة أييل (Eğil) يوجد نبيان ورد اسمهما في القرآن، هما اليسع وذو الكفل”.
وأردف: “هذه المنطقة تشمل قبور الأنبياء، فضلا عن أنها مدينة الصحابة، ففي محيطها يوجد قبور قرابة 500 من الصحابة الذين وفدوا مع الفتح واستقروا فيها وقسم منهم لم يعد واستمروا بحياتهم في دياربكر، ودفنوا فيها”.
واستطرد: “يوجد في دياربكر مسجد (أولو جامع)، وهو من أهم المساجد الإسلامية وخامس الحرمين الشريفين، له قيمة كبيرة ومسجد تاريخي رائع، كما أن قلعة دياربكر قائمة ويعود تاريخها لنحو 8 آلاف عام، وداخلها مبانٍ إدارية قديمة كلها متجاورة”.
وتابع: “في دياربكر يعثر المؤرخون على 33 حضارة مختلفة من روما والبيزنطين والفرس والسلاجقة والآرتوقيين والأيوبيين والمروانيين، وكلهم تركوا آثارا كبيرة من جسور وخانات وحمامات ومبانٍ تاريخية، وبالتالي تعتبر من أقدم مدن المنطقة، ويجب زيارتها بشكل مؤكد”.
مشاريع تنموية
وحول الاستثمارات والمشاريع الحكومية في المنطقة، قال الوالي إن “دياربكر من أهم مدن جنوب شرقي البلاد، وخاصة بعد تأسيس الجمهورية (التركية عام 1923) تعتبر مدينة مركزية ومركز عدد من المحافظات في المنطقة من (وسائل) المواصلات والعلاج والتعليم”.
وزاد بأن “تطورها وبنيتها التحتية وإمكانياتها في الزراعة والسياحة دفعت الحكومة، وخاصة في الفترة الأخيرة، إلى تكثيف الاستثمارات وإيجاد فرص عمل، ومنها قطاع النسيج، وتحويل المدينة إلى قاعدة لهذه الصناعات عبر منطقة صناعية كبيرة ستوفر 10 آلاف فرصة عمل”.
ولفت إلى أن “الزراعة أيضا مهمة، عبر مشاريع ري، ويوجد سد سلوان، وعندما ينتهي سيحول دياربكر إلى المرتبة الأولى في إنتاج القطن في تركيا، وتوجد هنا المادة الأولية للمنطقة الصناعية للنسيج”.
وأضاف: “في البنية التحتية والمواصلات، يوجد مشاريع لربط أورفة-خابور عبر دياربكر، وهو مشروع تم استكماله وسيُطرح للمناقصة قريبًا، والمطار في المدينة كبير وفيه رحلات داخلية وخارجية، وهناك مشروع ربط ماردين بدياربكر عبر خط حديدي.. كل هذه الاستثمارات ستزيد من أهمية دياربكر”.
مثلث ذهبي
أما فيما يتعلق بالفرص السياحية، قال كارال أوغلو، إن من أفضل الفرص الموجودة في دياربكر هي فرص السياحة، بفضل قدم وعراقة وكثرة آثار المدينة.
وأشار أنه “من خلال السياحة الدينية، يتم التعريف بديار بكر وما حولها، ومنها المثلث الذهبي لحضارة الرافدين الشمالية، وتشمل ما بين ولايات شانلي أوروفة ودياربكر وماردين”.
وأفاد بأنه “تمت دعوة ممثلي شركات السياحة والجمعيات ومنظمات المجتمع المدني للتحاور بشأن سبل جذب مزيد من السائحين إلى دياربكر، ونأمل أن يكون هناك عمل مستقبلي في هذا المشروع، عبر التعريف به في تركيا والعالم وفي العالم العربي”.
وختم كارال أوغلو بالقول: “نحن قريبون من العالم العربي، من سوريا والعراق، والحدود الموجودة على الخرائط هي حدود مصطنعة ولا يجب أن تفرقنا، فتاريخنا ومعتقداتنا واحدة، نلتقي مع أبناء المنطقة، وسيكون هناك سلام واستقرار سيؤدي إلى زيارات متبادلة، وهذا الزمن لن يكون بعيدا”.
المصدر: turkpress