منظمة هيومن رايتس ووتش: ندعو لتحقيق شفاف بالوفاة المفاجئة للعريان
أدان مسؤول الملف المصري بمنظمة هيومن رايتس ووتش، عمرو مجدي، ما وصفها بالانتهاكات “المؤسفة” التي تعرض لها القيادي البارز بجماعة الإخوان المسلمين، عصام العريان، داخل محبسه بسجن العقرب سيئ السمعة.
ودعا، في تصريحات خاصة لـ”عربي21″، إلى إجراء “تحقيق سريع ونزيه وشفاف وواف في وفاة العريان”، مضيفا: “كما يجب إعطاء أسرة العريان ومحاميه كل المعلومات الكاملة عن حالته الصحية وما تم تقديمه له من رعاية طبية”.
واستدرك مجدي بالقول: “لكننا ندرك أن هذا بالطبع لن يحدث للأسف، حيث إننا لن نعرف حقيقة ما حدث للعريان، إلا ربما بعد تواصل معتقلين آخرين مع ذويهم أو محاميهم وإبلاغهم بحقيقة ما جرى وبعدما ينقلوا بعض الأخبار بخصوص تلك الواقعة”.
واستنكر الباحث في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة الدولية، مسارعة النظام المصري وإعلامه بالادعاء أن وفاة “العريان” كانت طبيعية، مضيفا أن “ما نعرفه أنه لم يكن طاعنا في السن، وبالتالي فوفاته المفاجئة يجب أن تكون محل تحقيق جدي ومستقل”.
واستطرد قائلا: “لقد وثقنا ظروف احتجاز المعتقلين داخل سجن العقرب بالتفصيل في تقرير صدر في شهر أيلول/ سبتمبر 2016، بعنوان (حياة القبور)، وكنّا نوثق تلك الحالة المرعبة من الحبس في عزلة كاملة عن العالم تقريبا”.
وتابع: “فكل ما نعرفه عن المعتقلين بسجن العقرب يتلخص في المكان فقط، أي أنهم معتقلون داخل هذا السجن سيئ السمعة، لكن الأهالي والمحامين لا يعرفون أي شيء عن المعتقلين تقريبا، ولا يطلعون على أحوالهم وصحتهم وأوضاعهم داخل محبسهم”.
وأشار مسؤول الملف المصري بمنظمة هيومن رايتس ووتش إلى أنه “أحيانا ما يتم اعتقال بعض السجناء داخل سجن العقرب لشهور وسنوات دون أن يعرف أحد عنهم أي شيء”.
ورأى مجدي أن “هذا لا يؤثر فقط على الحالة النفسية للمعتقلين كونهم في عزلة تامة عن العالم، ولكن يؤثر أيضا على حقهم في الدفاع والحصول على استشارات قانونية كافية في القضايا المُتهمين فيها”.
وأردف: “بل وحينما يخرج المعتقلون من محبسهم وينقلوا إلى قاعات المحاكم لحضور جلسات محاكمتهم، تستمر معهم حالة العزلة، حيث إن هذه القاعات مُجهزة بغرف سيئة للغاية، ويُنتهك فيها القانون والاستقلالية ومعايير المحاكمة العادلة، لأنه يتم وضع المعتقلين داخل أقفاص زجاجية تحجب صوتهم تماما، ومن الصعب رؤيتهم داخل تلك الأقفاص؛ فلا يستطيعون التواصل مع ذويهم أو محاميهم أو حتى مع القاضي الذي يحاكمهم”.
ونوّه إلى أن “المعتقلين لا يستطيعون التحدث أمام القاضي، إلا في مرات نادرة يُسمح فيها الحديث لدقائق معدودة”، مشيرا إلى أن “الافتقار شبه الكامل للرقابة المستقلة على سجن العقرب أدى إلى زيادة هذه الانتهاكات، وأسهم في الإفلات من العقاب”.
وأوضح مجدي أن “الخدمة الصحية المُقدمة للمعتقلين غير لائقة بالمرة، وقد حدثت الكثير من الوفيات لهؤلاء المعتقلين داخل سجن العقرب بعدما تقاعست إدارة السجن عن تقديم الرعاية الطبية لهم بشكل قد يكون ساهم في وفاتهم، وبالتالي فإن ما حدث للعريان يتطابق مع ما حدث لحالات الوفاة الأخرى الكثيرة السابقة داخل العقرب”.
وشدّد مجدي على أن “ما جرى مع العريان هو استمرار للحط من كرامة وإهانة الإنسان، لمجرد كونه سجينا أو معارضا سياسيا لا يحصل على أي حق من حقوقه كسجين، ولا حقه كمتهم في قضايا لا تزال تُنظر أمام المحاكم”.
وأكدت رايتش ووتش في تقريرها عن سجن العقرب أن المعتقلين داخل هذا السجن يتم احتجازهم في “أوضاع تنتهك الكرامة، دون أسرّة أو أفرشة أو مواد النظافة الشخصية الأساسية، ويتعرضون للإهانة والضرب والسجن لأسابيع في زنازين “التأديب” المزدحمة، وهي معاملة يُرجح أنها ترقى إلى مستوى التعذيب في بعض الحالات”.
الظروف القاسية للسجناء
من جهتها، أكدت منظمة العفو الدولية أنه “يجب على السلطات المصرية أن تأمر فورا بإجراء تحقيق في ملابسات وفاة العريان، ظروف احتجازه ومدى تلقيه للرعاية الطبية”.
وأوضحت أن “وفاة العريان بمثابة تذكير بالظروف القاسية التي يعانيها السجناء، خاصة في ظل تدهور خدمات الرعاية الطبية، والمخاطر الإضافية التي يمثلها انتشار كوفيد-19 بالنسبة للسجناء”، مضيفة: “يجب على السلطات الإفراج فورا، عن جميع الأشخاص المحتجزين بشكل تعسفي، من بينهم النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان”.
وكانت محكمة جنايات القاهرة قد أصدرت أحكاما بالإعدام عام 2018 على 75 شخصا، من بينهم عصام العريان، بعد محاكمة جماعية “جائرة” تتعلق بمشاركتهم في اعتصام رابعة عام 2013. ويصادف ذكرى فض اعتصامي رابعة والنهضة غدا 14 آب/ أغسطس حين قتلت قوات الأمن حوالي 900 شخص دون أي محاسبة، بحسب بيان العفو الدولية.
استمرار القتل البطيء
بدوره، قال رئيس مؤسسة محمد مرسي الحقوقية، محمد جمال، لـ”عربي21″، إن “خبر وفاة العريان كان مفزعا، ويأتي في إطار استمرار القتل البطيء الذي يمارسه النظام في مصر بحق المعتقلين السياسيين”.
وأكد أن “القتل البطيء يمارس ضد قيادات الإسلاميين في مصر، وكذلك قيادات الثورة وقادة الحركات السياسية الذين اعتقلوا بعد الانقلاب العسكري”.
وقال جمال إن “العريان كان من الشخصيات التي لعبت دورا كبيرا وقديما في الجماعة سياسيا، إذ كان نائبا قبل الثورة المصرية، وكذلك كان من مؤسسي حزب الحرية والعدالة وعضو مكتب الإرشاد، وله تاريخ كبير في الجماعة وعلى الساحة السياسية في مصر”.
وأضاف: “نعزي الشعب المصري بوفاته ونعزي عائلته”، محملا النظام المصري مسؤولية “قتله”، من خلال الموت البطيء وتجاهل علاجه رغم كشفه مرارا بأنه يتعرض للإهمال الطبي ورفض العلاج.
وأكد أن “الأمور تسير نحو مزيد من قتل الناس في المعتقلات والسجون بشكل بطيء من خلال الإهمال الطبي والسجن الانفرادي ورفض العلاج والتعذيب”.
وشدّد على أن مصر بحاجة إلى “وقف هذه المهزلة وخروج كافة المعتقلين السياسيين الذين لم يقوموا سوى بمعارضة الانقلاب والدعوى لعودة الشرعية”.
وأكد رئيس مؤسسة محمد مرسي الحقوقية أن العريان ليس الضحية الأولى للموت البطيء الممنهج من النظام المصري، ولن يكون الأخير.
المصدر: عربي 21