عقوبات جديدة في مصر بدعوى حماية القضاة والشرطة
في خطوة نحو تحصين القضاة والشرطة وموظفي الدولة في مصر بزعم حمايتهم من الاعتداء عليهم، ولو بالإشارة أو لفظيا، وافق مجلس الوزراء على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات؛ من خلال استبدال نصوص عدد من المواد بأخرى جديدة.
وبُررت التعديلات الجديدة بأنها جاءت في ضوء ما يلاحظ في الآونة الأخيرة من أن بعض العقوبات المقررة للتعدي على الموظفين العموميين، وإتلاف الأموال العامة، لم تعد كافية بما يلزم؛ لتحقيق الردع بنوعيه العام والخاص.
ونصّت التعديلات على أن كل من أهان بالإشارة أو القول أو التهديد موظفا عموميا أو أحد رجال الضبط أو مُكلفا بخدمة عامة في أثناء تأدية وظيفته أو بسبب تأديتها، يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على سنتين، وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه، ولا تجاوز خمسين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وإذا وقعت الإهانة على محكمة على أحد أعضائها وكان ذلك في أثناء انعقاد الجلسة، تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن خمس سنوات، ولا تزيد على سبع سنوات، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه.
وأوضح مشروع القانون أن كل مَن تعدى على أحد الموظفين العموميين أو رجال الضبط أو مكلف بخدمة عامة أو قاومه بالقوة أو العنف في أثناء تأدية وظيفته أو بسبب تأديتها، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه.
تعديلات القانون الجديدة تزامنت مع حالة الغضب في الشارع المصري بسبب تحول الدولة إلى سياسة الجباية من جيوب المواطنين؛ بفرض ضرائب ورسوم وزيادة أسعار السلع والجمارك، والتعدي على ممتلكات المخالفين بالهدم، في ظل ظروف استثنائية تمر بها البلاد بسبب جائحة كورونا.
التعديلات لاقت انتقادات واسعة بسبب ما قال منتقدوها إنها وضعت من أجل تكريس فكرة الخوف لدى المواطنين من الدولة، وترويعهم، وسط مخاوف من استغلال القانون في الكيد للمواطنين وتهديدهم، ومنعهم حتى من الحديث إلى أي موظف باعتباره يجسد السلطة.
الشعب مصدر الخطر
وصف البرلماني المصري السابق، محمد عماد صابر، مثل تلك التعديلات التي تشترك جميعها في ترويع المواطنين وتخويفهم من الحبس بأنها مجحفة ومقصودة، “لذلك يجب النظر إلى ممارسات السيسي وعصابته في إطار هذه المفاهيم الثلاثة (العقيدة العسكرية والأمنية، ورؤية النظام، والاستراتيجية) التي تتبناها هذه العصابة المجرمة.
مضيفا: فالعقيدة هي قديمة متجددة منذ محمد علي، وحتى الآن وهي: جيش يحكم ويخدمه شعب ودولة، وليس دولة لها جيش ذو مهام محددة كباقي الدول المحترمة، ورؤية النظام تتمثل في أن الخطر يأتي من الداخل وليس من الخارج، أي إن الشعب المصري هو مصدر الخطر الذي يهدد الأمن القومي، واستراتيجية النظام هي تركيز القوة والنفوذ بيد العصابة الانقلابية الحاكمة، وذلك بإحكام السيطرة على كل مؤسسات الدولة، وكل مناحي الحياة، وكل مقدرات الشعب.
وتابع: كما تقوم هذه العصابة الحاكمة بشرعنة التفريط في مقدرات الشعب المصري في الخارج، تقوم في الداخل بالإفراط في سن القوانين التي تهدف بالأساس لإرهاب وقمع الشعب، فالنظام يحمي آلته وأذرعه التي يبطش بها من خلال حزمة من التشريعات والقوانين التي تحصنهم من المساءلة، تكثر وتتسع وتترسخ بمرور الوقت، تهدف في النهاية إلى أن يصبح هؤلاء مبرؤون مما يقولون ويفعلون، بل ويصبحون شركاء معه في جرائمه، فيرتبط مصيرهم بمصير النظام.
فرعنة الدولة المصرية
السياسي المصري، عمرو عبد الهادي، فنّد التعديلات الجديدة واعتبرها جزءا من فرعنة كل رجال نظام السيسي، قائلا: أي قانون يجب أن يصدر عاما مجردا؛ ولهذا حينما يشرع النظام قانونا لحماية نخبة فيعطيه شكل العام، ولكن في حقيقة الأمر؛ السيسي أطاح بالموظفين وسيطيح بالباقي حينما تنتهي العاصمة الإدارية الجديدة.
مضيفا: سيحصن السيسي مَن تبقى منهم في أسوار العاصمة، بل وسيجعل الإيماءة والإشارة جريمة، وهو غير دستوري؛ لأن الموظف العام هو يعمل لدى الشعب ولتسهيل أمور الأفراد، لا أن يعبد في موقعه بزرع فرعون في نفس كل موظف.
وذهب إلى القول بأن: فكرة تكريس الخوف من موظفي الدولة باعتبارهم جزءا من الدولة؛ هي أساس قيام النظام؛ لأن السيسي يرى أن هامش الحرية البسيط الذي تركه مبارك الدكتاتور، هي السبب في إسقاط نظامه، وأن الحرية المطلقة في عهد الرئيس مرسي استغلها السيسي لإسقاطه؛ لذلك لن يترك أي هامش يتسلل له الخوف ولا تتسلل القوة للشعب.
سادة وعبيد
بدوره، استهجن مؤسس حزب تيار الأمة، محمود فتحي، التعديلات التي تكرس للطبقية الحاكمة، قائلا: السيسي يدرك أن تحالف الجيش والضباط والقضاء، مجموعة القاهرين للشعب المصري، يمثل قوام حكمه الذي يحكم ويقمع به.
وأضاف: تشبه العلاقة بين النظام الحاكم والشعب، العلاقة بين الأسياد والعبيد في القرون البعيدة، وأن مجرد الانتقاد أو الاعتراض أو حتى النظر لطبقة الأسياد جريمة”، مشيرا إلى أن “الصورة الذهنية التي أراد ترسيخها في ذهن الشعب، كانت واضحة منذ الأيام الأولى لثورة يناير؛ عندما ظهرت صورة الجندي المقاتل في رمز للجيش، وهو يحمل طفلا صغيرا في رمز للشعب.
المصدر: عربي 21