أشياء في طريقها للاختفاء في لبنان منها الخبز واللحم والكهرباء
دخلت الأزمة الاقتصادية في لبنان مرحلة حرجة دفعت شركة الكهرباء للتحذير من إمكانية توقف إنتاجها. وفي الوقت الذي رفعت فيه الحكومة سعر الخبز، أعلن الجيش حذف اللحوم من قائمة وجباته اليومية.
وقد أبلغت مؤسسة الكهرباء وزير الطاقة بأنّه قد يستحيل عليها الحفاظ على استمرارية المرفق العام لإنتاج ونقل وتوزيع التيار الكهربائي إلى المشتركين.
وبعد اجتماع طارئ، قرّر مجلس إدارة المؤسسة إبلاغ وزير الطاقة بأنّ الأوضاع والمشاكل الحالية باتت تزيد من الصعوبات الملقاة على عاتق المؤسسة وتثقل كاهلها.
وتشهد مختلف المناطق تقنينًا قاسيًا للتيار الكهربائي لساعات طويلة، في ظلّ شحّ في مادّة المازوت والوقود.
غضب من أجل الخبز
وفي ذات السياق، رفعت الحكومة أمس الثلاثاء سعر الخبز المدعوم جزئيا.
ووفق القرار الجديد فإن سعر زنة 900 غرام أصبح ألفي ليرة بدل 1500، في أول تغيير من نوعه خلال ثمانية أعوام.
والأيام القليلة الماضية اصطف اللبنانيون في طوابير أمام المخابز مع توقف أصحاب الأفران عن بيع خبزهم إلى المتاجر، مشتكين من أن تكاليف إنتاجهم تضخمت بسبب الهبوط السريع في قيمة الليرة.
وهددت المخابز أيضا بوقف توزيع الخبز، قائلة إنها تخسر أموالا.
وقال نقيب أصحاب الأفران علي إبراهيم “وقعنا في خسائر كبيرة، وقرار رفع سعر ربطة الخبز كان يجب أن يتخذ من قبل”.
وأثارت أزمة الخبز المزيد من الاحتجاجات المناهضة للحكومة السبت والأحد، قام خلالها المتظاهرون بإغلاق طرق سريعة رئيسية في أرجاء البلاد.
وخرج محتجون غاضبون إلى الشوارع أمس الثلاثاء في قلب العاصمة بيروت، وأصيبت حركة المرور بالشلل أثناء مظاهرات متقطعة احتجاجا على تدهور الأوضاع المعيشية.
موائد بلا لحوم
من جانبها، قررت قيادة الجيش التوقف عن استخدام اللحوم في وجبات الطعام التي تقدّم للعسكريين أثناء وجودهم بالخدمة، جراء ارتفاع غير مسبوق في ثمنها.
وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام أنّه “بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعانيها لبنان، ألغت المؤسسة العسكرية، التي تعاني الأوضاع الاقتصادية الصعبة نفسها، مادة اللحم كلياً من الوجبات التي تُقدم للعسكريين أثناء وجودهم في الخدمة”.
وفي خضمّ انهيار اقتصادي متسارع يعدّ الأسوأ في لبنان منذ عقود، شهدت أسعار السلع والمواد الغذائية عموماً، واللحوم خصوصاً، ارتفاعاً غير مسبوق جعل شريحة واسعة من اللبنانيين غير قادرة على تناوله في وجباتها اليومية.
ويبلغ سعر كيلوغرام لحم الغنم اليوم 80 ألف ليرة، بعدما كان قبل نحو شهرين 30 ألفاً. وارتفع ثمن كيلوغرام لحم البقر من 18 ألفاً إلى أكثر من 50 ألفا، مع استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي الذي سجل رقما قياسيا إذ بلغ في السوق الموازية أكثر من 7400 ليرة، في حين يبلغ سعر صرفه رسميا 1515 ليرة.
ويعتمد لبنان في توفير المواشي على الاستيراد إلى حد كبير. إلا أن حركة الاستيراد تأثرت جراء شحّ الدولار وتدهور قيمة الليرة.
وأعلنت نقابة اتحاد القصابين وتجار المواشي في بيان إثر اجتماع استثنائي الثلاثاء “إقفال أكثر من 60% من محلات بيع اللحوم” بسبب “الارتفاع الصاروخي للدولار”.
تعهد أوروبي
من جانبها، أكدت بعثة الاتحاد الأوروبي في بيروت، الثلاثاء، الوقوف إلى جانب لبنان وشعبه في هذه الأوقات العصيبة.
وشددت البعثة في بيان على الالتزام بوحدة لبنان وسيادته واستقراره واستقلاله السياسي وسلامة أراضيه.
وقالت “منذ عام 2012، استثمرنا أكثر من 2.6 مليار يورو لتلبية الاحتياجات الأساسية للبنانيين واللاجئين، والمساهمة في تحسين مشاريع البنية التحتية المحلية”.
وأضافت “في هذا الشهر تم إصدار حزمة جديدة من المساعدات بقيمة 34.6 مليون يورو في مجالات رئيسية مثل الصحة والمياه والمساعدات الاجتماعية والمرافق الصحية والنظافة”.
ومنذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، انغمس لبنان في أزمة مالية تسببت في إغلاق شركات، وقفزة في الأسعار والبطالة.
وهذه الأزمة أسوأ تهديد لاستقرار لبنان منذ الحرب الأهلية التي عصفت به بين عامي 1975 و1990.
المصدر: الجزيرة