موقع ميدل إيست آي: التدخل التركي في سوريا أعاد لأنقرة مصداقيتها وإمكانياتها بصفتها طرفا رئيسيا
ذكر موقع “ميدل إيست آي” أن التدخل العسكري التركي في سوريا أعاد لتركيا مصداقيتها وإمكانياتها بصفتها طرفا رئيسيا في ساحة الصراع، فكان النظام السوري وروسيا وإيران يعتزمون تعزيز قوتهم في كل رقعة من الأراضي السورية.
نشر الموقع مقالا للكاتب رانج علاء الدين، يقول فيه إن التدخل التركي في سوريا توج باتفاقية وقف إطلاق نار بين أنقرة وموسكو، الداعم الرئيسي لرئيس النظام السوري بشار الأسد، ما أعطى سكان إدلب استراحة كانوا بحاجة لها.
وبعد أربع سنوات فقط من تعهد الأسد استعادة الأراضي كلها التي خسرها لصالح الثوار، فإن النظام كان قريبا جدا من السيطرة على إدلب وقمع سكانها، الذين يبلغ عددهم تقريبا ثلاثة ملايين نسمة.
وأوضح علاء الدين في مقاله أن سقوط إدلب كان سيزيد من أزمة اللاجئين الكارثية في تركيا، حيث استقبلت الحكومة ملايين السوريين الذين فروا من الصراع الذي دام تسع سنوات، إلا أنها تفتقر إلى البنية التحتية التي بإمكانها استيعاب موجة أخرى من السوريين.
واعتبر أن “الوقت فقط هو الذي سيظهر إن كان الاتفاق بين تركيا وروسيا سيستمر، لكن الاتفاق أوقف الصراع مؤقتا، ومنع سقوط إدلب في يد النظام، وهذا هو أهم أهداف تركيا”، لافتا إلى أن التدخل يوفر الآن فرصة لتركيا وأمريكا لاستخدام الزخم الناتج عنه بتطوير إستراتيجية طويلة الأمد تتضمن عنصر ضغط (وردع) بالأسلوب ذاته الذي قامت به كل من روسيا وإيران في دعم الأسد.
وأشار الكاتب إلى أن “لكل من أنقرة وواشنطن مصالح مشتركة في سوريا: منع عودة النظام وإعادة سيطرته على البلد كله، ووقف النفوذ الإيراني عند حده، وتأخير تسوية ما بعد الحرب التي ستسمح بتدفق التمويل الخارجي لإعادة بناء سوريا، وستسمح بإعادة اندماج النظام في المجتمع الدولي”.
ويستدرك بأن “تركيا وأمريكا هما فقط بقوة تحالفهما في ساحة الصراع، فما تزالان لاعبتين صغيرتين على الأرض، وما تزالان مترددتين في مساواة المنافسين من حيث القوة البشرية والإمكانيات”.
وأكد علاء الدين أن “مقتل العلاقة الأمريكية التركية الضعيفة في سوريا هو صراع أنقرة مع حزب العمال الكردستاني، الذي حارب الدولة التركية على مدى عقود، والعلاقة الأمريكية مع وحدات حماية الشعب الكردية، القريبة من الحزب، في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية”.
واعتبر الكاتب أن واشنطن وأنقرة افترقتا بشكل متزايد نتيجة لاعتماد أمريكا على وحدات حماية الشعب الكردية، وفشل واشنطن في تهدئة المخاوف التركية المتعلقة بالأمن القومي، لافتا إلى أن التوتر في العلاقة ازداد بعد أن اشترت تركيا صواريخ S-400 من روسيا (وهو القرار الذي يمكن الرجوع عنه في الأشهر القادمة).
ويرى علاء الدين أن التزام البلدين بمنع وقوع أزمة إنسانية في إدلب، ومصلحتهما المشتركة في سوريا والمنطقة، قد يوفران دافعا لحوار إستراتيجي طويل الأمد، بهدف إيجاد إطار مستدام لإدارة الخلافات في المستقبل المباشر. وهذا الأمر يمكن أن يتضمن إنشاء طرق للبنى السياسية وبنى الحكم في المناطق التي لا يسيطر عليها النظام، ويتضمن ذلك وحدات حماية الشعب بطرق مقبولة لتركيا، ولا تهمل التضحيات التي قدمتها وحدات حماية الشعب، التي خسرت عشرات آلاف المقاتلين في حربها ضد تنظيم الدولة”.
ويجد علاء الدين أن “هذا سيكون صعبا ويواجه عراقيل محلية وخارجية في ساحة صراع مكتظة ومتقلبة، لكن حاليا يمكن لكل من أمريكا وتركيا أن تدركا بأن انفراجا يمكن أن يسمح بالتعايش البناء، خاصة بين تركيا ووحدات حماية الشعب”.
وفي المحصلة سيؤدي ذلك إلى استجابة جماعية للأزمة في إدلب والصراع الأوسع، وفي ظل غياب مثل هذا الإطار ستبقى كل من تركيا وأمريكا تعانيان من القيود التي جعلت منافسيهما يمتلكون ميزة تنافسية (ميزة تترتب عليها تداعيات أمنية وإنسانية للبلدين)”.
وختم الكاتب مقاله بالقول: “يمكن التفاوض مع موسكو والضغط عليها إذا استخدمت القوة العسكرية، كما أظهر التدخل التركي، وهذا يجب أن يشكل الأساس لكيف يمكن للغرب أن يضغط بإمكانياته العسكرية الكبيرة في صراع قد يولد سلسلة من الفرص غير المتوقعة للغرب لتحقيق أهدافه بالتنسيق مع الحلفاء التقليديين مثل تركيا”.