روسيا تريد جر السعودية والإمارات إلى سوريا لمواجهة تركيا
نشر موقع “المونيتور” تقريرا عن جهود روسية لجر كل من السعودية والإمارات إلى سياساتها في سوريا.
وفي تقرير أعده أنطون مارداسوف المتخصص في العراق وسوريا والجماعات المتطرفة، والباحث غير المقيم في مجلس الشؤون الخارجية الروسي، قال فيه إن روسيا تحاول في الوقت الذي تواصل فيه المحادثات مع تركيا حول إدلب، إعادة كتابة قواعد اللعبة في سوريا من خلال حرف التعاون مع أنقرة إلى دول الخليج العربية التي تحاول التصدي بدورها لتركيا.
وأشار الكاتب إلى اللقاءات بين ممثل الإمارات في سوريا ومحافظ منطقة دمشق علاء إبراهيم التي حدثت هذا الشهر. وتركزت حول الإستثمارات الخارجية في سوريا وتعزيز التعاون الثنائي على كل المستويات. وقال الكاتب إن الاتصالات الدبلوماسية بين البلدين اللذين كانا في حالة نزاع مستمر قد اتخذت منعطفا مختلفا.
وسبقت المحادثات زيارة قام بها في 12 شباط/ فبراير سيرغي نارسكين، مدير المخابرات الخارجية الروسي إلى الإمارات ظبي. وتحدث مسؤولو الأمن الإماراتي في اللقاء حول “منظور التعاون في مجال مكافحة الإرهاب ومعالجة التحديات الجديدة التي تواجه مصالح أمن البلدين”.
وبعد اللقاء نشر مكتب الإعلام التابع للمخابرات بيانا جاء فيه أن الطرفين يدعمان “نهجا مماثلا أو قريبا” لأزمات المنطقة وحلها. وتعتبر السعودية إلى جانب الإمارات من الدول المناكفة لتركيا. ولهذا جاءت زيارة نارسكين إلى دبي لتعزز الشكوك من أن موسكو تبحث عن طرق لموازنة ثقل أنقرة، خاصة في وقت الأزمة المتفجرة في إدلب.
وبحسب بعض التقارير فإن الإمارات ولسحب البساط من تحت أقدام تركيا في سوريا، قدمت إلى موسكو مجموعة من المقترحات لإنعاش اقتصاد سوريا الممزق والذي شلته العقوبات. وتأمل موسكو قيام الإمارات بجهود لمواجهة “قانون قيصر” الذي أصدرته الولايات المتحدة العام الماضي. فالقانون لا يفرض عقوبات على من يتاجرون مع دمشق أو من يمثلونهم لكنه يقف في وجه شحن البضائع ونقل الخدمات إلى سوريا.
ومن جانب آخر ناقش الروس والإماراتيون، حسب بعض التقارير، طرقاً لتخفيف بعض القواعد لاستخدام ميناءي طرطوس واللاذقية، وكذا معبر نصيب الذي يربط سوريا مع الأردن.
ويقال إن الإمارات وعدت بالضغط على المعارضة السورية في لجنة الدستور لكي تظهر تعاونا أكثر مع دمشق. وربما كان هذا سيناريو قابلا للتحقق. ففي نهاية عام 2019 اتخذت السعودية قرارا لتغيير اللجنة العليا للمفاوضات والتي تمثل المعارضة في المحادثات التي تدعمها الأمم المتحدة. وأكثر من هذا وبعد محادثات مع وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي في 19 شباط (فبراير) قال الدبلوماسي الروسي الأكبر سيرغي لافروف إن الطرفين ناقشا “مبادرات أردنية للقيام بمشاريع معينة لإعادة البنى التحتية المدنية في جنوب سوريا بشكل يخلق أجواء لعودة اللاجئين السوريين في الأردن. وتمت مناقشة المشاريع هذه عام 2019 عندما تحدث محافظ دمشق عن تلقي الحكومة عروضا من شركات عقار أردنية وإماراتية للقيام بمشاريع في درعا.
وتتساوق العروض مع القانون المثير للجدل الذي أصدرته حكومة النظام السوري عام 2018 “قانون رقم 10”. ويعلق الكاتب أن موسكو تشعر أن ما لدى تركيا لتقدمه في مجال التسوية السياسية لم يعد مهما وأن المسؤولين الروس لديهم اعتقاد بإمكانية فرض الشروط على أنقرة.
وتنظر موسكو إلى محاولة تركيا كجزء من مقايضة للسيطرة على إدلب وإقامة منطقة عازلة في سوريا مرتبطة أمنيا لمنع توسع الأكراد السوريين. وهذا يعني تسليم الأتراك كوباني التي نشرت فيها موسكو قواتها. وتواجه أنقرة- موسكو مأزقا في الاتفاق بين بوتين- أردوغان في شمال شرق سوريا، فالوضع في شرق الفرات والمصالح المشتركة بين موسكو وأنقرة جعلت من صيغة أستانة حية.
ولكن الإعلان عن لجنة الدستور عنى أن موسكو لم تعد تتعامل مع الصيغة كبقرة مقدسة. فهي منشغلة في إعداد خطة طريق لرئيس النظام السوري بشار الاسد وأكراد سوريا. والأهم تحاول إدخال الأكراد في اللجنة الدستورية، من خلال منبر القاهرة. وهي خطوة تلقى ترحيبا من الملكيات العربية والولايات المتحدة.
ولدى أنقرة كل الأسباب لكي تشك أن التوافق على خطة طريق بين الأسد والأكراد، يعني تهميش تركيا بدعم من مصر والسعودية والإمارات. ويقوم منطق موسكو على مواصلة الضغط على محافظة إدلب باعتبارها منطقة تمرد خارجة عن سلطة دمشق وإظهار أن المناطق الخارجة عن سلطة الحكومة هي المنطقة العازلة التي أقامتها تركيا وتلك التي تحتلها الولايات المتحدة في شمال شرق سوريا. ولهذا تقوم موسكو بزيادة الضغط على واشنطن.
ويقول المسؤولون الأمريكيون إن الجيش الروسي يحاول تجاوز اتفاقيات وقف التصعيد المتعلقة بشرق سوريا في وقت زادت فيه شركات التعهدات الأمنية من نشاطاتها في المنطقة. وقال مصدر لم يكشف عن هويته وعلى معرفة بالوضع في سوريا إن مخابرات النظام السوري تحاول جعل الظروف صعبة للقوى الخارجية في شرق سوريا.
وارتكبت مخابرات النظام السوري أعمال تخريب وقامت بمحاولات لاستمالة القبائل المحلية التي لا يزال بعضها مواليا للنظام، وجند أفرادها في قوات الدفاع الوطني، مثل قبيلة الغنامة.
وفي الوقت الحالي، تجد موسكو راحة في تصرف كل من أبو ظبي والرياض بشرق سوريا بما يخدم الجهود الروسية . وقبل التوغل التركي في شرق الفرات حيث كانت القوات الأمريكية منتشرة زار الممثلون السعوديون والإماراتيون المناطق التي سيطر عليها الأكراد ولديهم علاقات قوية مع بعض القبائل العربية. وتأمل روسيا بصفقة مع السعودية والإمارات في شرق الفرات.
وشاركت السعودية والإمارات فيما عرف بعمليات “المصالحة” مع المعارضة في جنوب- غرب سوريا حيث استعادت دمشق السيطرة على هذه المناطق وانضمت جماعات من المعارضة إلى فيلق العمليات الخامس الموالي لروسيا.