قص الأثر يقود إلى فخ قاتل بغزة.. ماذا نعرف عن كتيبة الاستطلاع البدوية بجيش الاحتلال؟

سلط مقتل جندي من أصل عربي، بجيش الاحتلال، في كمين لكتائب القسام في بيت حانون، أمس السبت، الضوء على كتيبة تخدم الاحتلال جل عناصرها من قبائل بدوية في المناطق الجنوبية لفلسطين المحتلة.
وأعلن الاحتلال عن مقتل الرقيب غالب النصاصرة، والمنحدر من رهط في النقب، في الكمين الذي وقعت فيه قوة للاحتلال في منطقة بيت حانون، وأشار إلى أنه عنصر قص أثر في اللواء الشمالي بفرقة غزة، وهو ضمن كتيبة الاستطلاع الصحراوية المؤلفة من بدو المنطقة، لمراقبة المنطقة الفاصلة في قطاع غزة والبحث عن الأنفاق.
تاريخ من خدمة الاحتلال
تعود جذور هذه الكتيبة، إلى سبيعينات القرن الماضي، وأول من بدأ المهام فيها عنصران بجيش الاحتلال، من البدو: الأول كان متخفيا تحت اسم يهودي وهو عاموس يركوني، وخدم بجيش الاحتلال منذ العام 1948، واسمه الحقيقي عبد المجيد المزاريب من قرية الناعورة في الجليل، أمام الثاني فهو حسن الهيب، ويعد أول ضابط بدوي، يرفع إلى رتبة عقيد بجيش الاحتلال.
أشرف المزاريب والهيب على تأسيس كتيبة قص الأثر، وإعدادها لتكون جزءا من سلاح المشاة بجيش الاحتلال، وتحولت لاحقا إلى جزء من لواء غفعاتي. ويتلقى أفرادها تدريبات ضمن قوات اللواء.
ألحقت الكتيبة بقيادة المنطقة الجنوبية بجيش الاحتلال، وتركز عملها حول قطاع غزة، والحدود المصرية مع فلسطين المحتلة، ومحور فيلادلفيا، وتسلمت المعابر المرتبطة بقطاع غزة.
تشكيلات الكتيبة
تضم كتيبة قصاصي الأثر بجيش الاحتلال، 5 سرايا، كل سرية تحتوي على 50- 250 عنصرا، أغلبهم يخدم ضمن فرقة غزة بلواءيها الشمالي والجنوبي، فضلا عن العمل في أجهزة شرطة الاحتلال والمخابرات ووحدة مرعول لقص الأثر، والتي تعد منفصلة تماما عن كتيبة قصاصي الأثر البدو، والتي يشكل اليهود الجزء الأكبر منها.
تكوين الكتيبة
تعتمد الكتيبة على السكان البدو في منطقة النقب بشكل أساسي كمكون لها، ويجري الإعلان عن برامج تجنيد خاصة بهم، ويستغل الاحتلال حالة الفقر المدقع والتهميش الذي يعانون منه، لإغرائهم بالعمل جنودا في صفوفه، ضد الفلسطينيين.
ويعيش أغلب أبناء هذه الكتيبة، في قرى غير معترف بها، من قبل الاحتلال، وكثير منهم لا يمتلكون جنسية الاحتلال، وخاصة تلك القبائل التي جرى نقلها من سيناء إلى المناطق الجنوبية في قطاع غزة، مع انسحاب الاحتلال عقب اتفاقية كامب ديفيد، حيث استمروا في العمالة مقابل البقاء على قيد الحياة، دون حقوق مدنية أو سياسية أو اعتراف بهوياتهم.
ورغم محاولات الاحتلال، تقديمهم في الواجهة على أنهم ممثلون للبدو، إلا أن مركز الدراسات الفلسطينية، يؤكد أن نسبة المنضوين من البدو في جيش الاحتلال، هي نسبة ضئيلة يقوم الاحتلال بتضخيمها لضرب المكون فلسطيني الأصل وتصويره وكأنه يعترف بالاحتلال.
تدريبات وتقنيات:
تعمد الكتيبة إلى تدريب أفرادها على قراءة آثار الأقدام بمختلف بيئات الأرض، وتحديد نوعية الآثار، سواء كانت لذكر أم أنثى، أو العمر التقريبي لصاحب الأثر، من خلال عمق الأثر وطوله عبر قياسات دقيقة وعلمية، خاصة في المناطق الأمنية العازلة خوفا من عمليات الاقتحام.
ويتلقى العناصر تدريبات على تمييز الآثار البشرية وآثار الحيوانات، فضلا عن التدقيق البصري بالآثار والشم، واستخدام أجهزة الرؤية الليلية.
ومؤخرا دمجت بأعمال الكتيبة وسائل تكنولوجية متطورة مثل الطائرات المسيرة، لكن الاعتماد الأساس يبقى على الجانب الحسي والتعامل المباشر مع الآثار المشكوك فيها.
أول الخاسرين
تعرضت الكتيبة لخسائر كبيرة في صفوف أفرادها، خاصة مع الانتفاضة الثانية، حيث وضعهم الاحتلال في مقدمة المواجهة مع الفلسطينيين الذين نفذوا العديد من العمليات، في منطقة السياج الفاصل مع قطاع غزة، وأبقى الجنود اليهود في الصفوف الخلفية.
وعقب عام 2000، قتل الكثير من أفراد كتيبة قصاصي الأثر البدوية، خلال اقتحام المقاومين للسياج الفاصل، والتسلل إلى المناطق المحتلة لتنفيذ العمليات، كما أنه كان لهم دور في قتل المقاومين خلال الاشتباكات، والبحث عن الأنفاق في المناطق المجاورة للأراضي المحتلة.
وقد ساهم أفراد الكتيبة، في تتبع الأنفاق التي جرى حفرها بين قطاع غزة ومصر، على امتداد محور فيلادلفيا، خلال الانتفاضة الثانية، وقبل انسحاب الاحتلال من القطاع، ومن أشهر خسائرها، مقتل خمسة من الجنود البدو، في عملية أنفاق الجحيم التي نفذتها المقاومة، على معبر رفح.
وكان من أبرز خسائر هذه الكتيبة، انتحار الرقيب أول محمد الهيب، الذي أصيب بأعراض ما بعد الصدمة، جراء مشاركته في العدوان على قطاع غزة، وتدهور حالته النفسية.
وأقدم الهيب على الانتحار، بعد محاولة دفع جنود الاحتلال لإطلاق النار عليه، على السياج الفاصل مع القطاع، بعد أن وصل وصرخ بهم الله أكبر، لكن الجنود من كتيبة نيتساح يهودا، أطلقوا النار على قدميه، وبعد تلقيه العلاج بأسابيع، توجه مجددا إلى السياج الفاصل مع القطاع وأطلق النار على نفسه وقتل على الفور.
وخلال العدوان الحالي على قطاع غزة، ورغم امتلاك الاحتلال، وحدات متخصصة بالبحث عن الأنفاق، إلا أنه واصل تقديم أفراد الكتيبة البدوية، للبحث عن أدلة على وجود مقاومين أو تحركات أو فتحات أنفاق، داخل القطاع، وهو ما أوقعهم في الكمائن التي نصبت في الأنفاق، وقتل عدد منهم في الفترة التي سبقت وقف إطلاق النار الأخير بالقطاع.