مسودة لإعادة تشكيل الخارجية الأمريكية تقضي بإغلاق سفارات وتسريحات وإهمال أفريقيا

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرًا أعدّه إدوارد وونغ، مراسل الشؤون الدبلوماسية، قال فيه إن إدارة الرئيس دونالد ترامب أعدّت خطة شاملة لإعادة تشكيل وزارة الخارجية الأمريكية تقضي بإنهاء عمليات أفريقيا، وإغلاق الأقسام التي تعمل على موضوعات الديمقراطية وحقوق الإنسان واللاجئين.
وقالت الصحيفة إنها اطلعت على مسودة لأمر تنفيذي يقترح إعادة هيكلة جذرية لوزارة الخارجية، بما فيها إغلاق سفارات وقنصليات بأكملها في قارة أفريقيا. ويشمل المقترح دعوة لإغلاق مكاتب الوزارة الرئيسية التي تتعامل مع التغيرات المناخية وحقوق الإنسان واللاجئين ونشر الديمقراطية.
وأضافت الصحيفة أن هدف الأمر التنفيذي الذي قد يوقعه الرئيس دونالد ترامب هذا الأسبوع هو فرض “إعادة تنظيم منضبطة” و”تبسيط أداء المهام” مع الحد من “الهدر والاحتيال وإساءة الاستخدام”. وقد اطلعت الصحيفة على نسخة من مسودة الأمر المكونة من 16 صفحة، حيث من المفترض أن تُجري الوزارة هذه التغييرات بحلول الأول من تشرين الأول/أكتوبر.
وقال مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون مطلعون على الخطط إن توقيع الأمر التنفيذي ستصاحبه جهود لتسريح كل من الدبلوماسيين المحترفين، المعروفين بموظفي الخدمة الخارجية، وموظفي الخدمة المدنية، الذين يعملون عادة في مقر الوزارة في واشنطن. وأضافوا أن الوزارة ستبدأ في وضع أعداد كبيرة من الموظفين في إجازة مدفوعة الأجر وإرسال إشعارات إنهاء الخدمة.
وتطالب مسودة الأمر التنفيذي بإنهاء امتحانات الخدمة الخارجية لمن يتطلعون للدخول في السلك الدبلوماسي، مع التأكيد على معايير جديدة للتعيين، بما في ذلك “التوافق مع رؤية الرئيس للسياسة الخارجية”. وينص المشروع على ضرورة توسعة الوزارة بشكل كبير في استخدام الذكاء الاصطناعي للمساعدة في صياغة الوثائق، والاضطلاع بتطوير السياسات ومراجعتها والتخطيط التشغيلي.
وتعلق الصحيفة أن بعض بنود الأمر التنفيذي لا تزال قيد المراجعة وقابلة للتغيير قبل توقيع ترامب عليه. ولم يصدر أي تعليق فوري من وزارة الخارجية أو مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض على الأمر في وقت مبكر من صباح يوم الأحد.
وأشارت الصحيفة إلى أن إعادة تشكيل الوزارة المقترحة قد تغلق المكاتب الإقليمية التي تساعد في رسم السياسات وتنفيذها في أجزاء من العالم. وسيُحوَّل عمل هذه المكاتب إلى أربع “فرق” وهي: مجموعة أوراسيا المكونة من أوروبا وروسيا وآسيا الوسطى، وفرقة الشرق الأوسط المكونة من العالم العربي وإيران وباكستان وأفغانستان، وهناك فرقة أمريكا اللاتينية المكونة من أمريكا الوسطى والجنوبية ودول البحر الكاريبي، وأخيرًا مجموعة الهند والباسيفيك المكونة من شرق آسيا وجنوب آسيا والهند وبنغلاديش وسريلانكا ونيبال وبوتان والمالديف.
والغائب في موضوع إعادة الهيكلة هو مكتب أفريقيا الذي يشرف على سياسات دول الساحل والصحراء، وسيتم استبداله بمبعوث خاص صغير يقدم تقاريره للبيت الأبيض ومجلس الأمن القومي. وسيركز المكتب على مجموعة من القضايا مثل “تنسيق عمليات مكافحة الإرهاب”. وسيتم إغلاق السفارات غير الضرورية في دول الصحراء الأفريقية بحلول 1 تشرين الأول/أكتوبر.
وعوضًا عن ذلك، سيتم إرسال الدبلوماسيين بناءً على مهام محددة ومدفوعة بالتطورات. وستُنقَل عمليات كندا إلى مكتب جديد لشؤون أمريكا الشمالية، تحت إدارة وزير الخارجية ماركو روبيو، وسيديره “فريق مصغر بشكل كبير” حسب المسودة. وتقضي هذه بتقليص السفارة الأمريكية في أوتاوا.
وسيتم إلغاء مكتب يشرف على قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان، ومكتب يُعنى بشؤون اللاجئين والهجرة، ومكتب آخر يُعنى بالمنظمات الدولية، وسيتم إلغاء منصب وكيل الوزارة المُشرف على المكتبين الأولين. وكذلك مكتب وكيل الوزارة للدبلوماسية العامة والشؤون العامة. كما ستطال التغييرات إلغاء مكتب المبعوث الخاص لشؤون المناخ.
ونصت المسودة على أن وزارة الخارجية ستنشئ منصبًا بارزًا جديدًا، وهو منصب وكيل الوزارة لشؤون القضاء على التهديدات العابرة للحدود الوطنية ومتابعة سياسة مكافحة المخدرات وقضايا أخرى.
وبالنسبة للمساعدات الخارجية التي كانت تشرف عليها وكالة التنمية الدولية الأمريكية (يو إس إيد) التي فُكِّكت، فسيتم استيعاب ما تبقى منها في مكتب للمساعدات الإنسانية.
وذكرت المسودة أنه سيتم الانتقال في ما يتعلق بالموظفين من نموذج التناوب العالمي الحالي غير المنظم والذي عفا عليه الزمن، إلى إطار عمل مهني أكثر ذكاءً وإستراتيجية، ويكون محددًا إقليميًا أكثر لتعزيز الخبرة. ما يعني أن الأشخاص الذين يحاولون الانضمام إلى الخدمة الخارجية سيختارون أثناء عملية التقديم الهيئات الإقليمية التي يرغبون في العمل بها.
وأشارت المسودة إلى أن الوزارة ستقدم عروض إنهاء خدمة لموظفي الخدمة الخارجية والخدمة المدنية حتى 30 أيلول/سبتمبر. ويدعو مشروع الأمر التنفيذي إلى تضييق نطاق منح فولبرايت، بحيث تُمنح فقط للطلاب الذين يُجرون دراسات على مستوى الماجستير في مسائل الأمن القومي.
وأشار القرار إلى أن الوزارة ستنهي عقدها مع جامعة هوارد، وهي مؤسسة تعليمية تاريخية للسود، لتجنيد مرشحين لمنحتي رانغيل وبيكرينغ، اللتين سيتم إنهاؤهما. وكان الهدف من هاتين المنحتين مساعدة الطلاب من الفئات الأقل تمثيلًا على الحصول على فرصة للانضمام إلى السلك الدبلوماسي بعد التخرج بفترة وجيزة.
ويُعد مشروع الأمر التنفيذي واحدًا من عدة وثائق داخلية تم تداولها في الإدارة في الأيام الأخيرة، والتي توضح التغييرات المقترحة على وزارة الخارجية. وتوضح مذكرة أخرى اقتراحًا بخفض ميزانية الوزارة بنسبة تقارب 50% في السنة المالية المقبلة. كما تقترح مذكرة داخلية أخرى إقفال 10 سفارات و17 قنصلية.
ولعل إهمال أفريقيا في إستراتيجية ترامب نابع من التأثير الصيني الواسع.
وفي مقال نشرته مجلة “بوليتيكو” قالت إن علاقة ترامب واضحة من خلال تفكيك وكالة التنمية الدولية وفرض الرسوم الجمركية. وأشارت إلى أن العلاقة الجديدة ستقوم على تجارة أكثر ومساعدات أقل. كما يريد ترامب من دول أفريقيا فتح معادنها للاستثمارات الأمريكية.
وقد تستفيد دول غنية، مثل الكونغو التي عرضت على ترامب معادنها الثمينة، وكذلك نيجيريا. ولكن جنوب أفريقيا ستظل معزولة بسبب تقديمها قضية ضد إسرائيل وحرب الإبادة في غزة.
وفي الشهر المقبل سيزور ماركو روبيو القارة بدءًا من كينيا وإثيوبيا.