رفع أسعار الوقود يثير غضباً في مصر

أثار قرار لجنة تسعير المواد البترولية في مصر زيادة أسعار الوقود، رغم انخفاض أسعار البترول العالمية، غضبا واسعاً.
واعربت الحركة المدنية الديمقراطية التي تضم عددا من أحزاب المعارضة والشخصيات العامة، عن استنكارها الشديد ورفضها التام للزيادة الأخيرة في أسعار المواد البترولية، رغم الانخفاض الكبير في أسعار النفط العالمية.
وقالت في بيان إن السياسة الاقتصادية الحالية للسلطة تؤدي إلى تدمير الطبقات الفقيرة والمتوسطة في المجتمع المصري، وتجعل الحياة اليومية للمواطنين أكثر صعوبة.
أعباء اقتصادية
وتابعت: بدلاً من أن تتخذ الحكومة إجراءات جادة للحد من التضخم وتحسين مستوى المعيشة، نجد أنها تواصل فرض الأعباء الاقتصادية على الشعب بشكل غير مبرر، ما يعكس عجزا تاما عن إيجاد حلول حقيقية للأزمة الاقتصادية المستمرة. وأكدت أن زيادة أسعار البنزين ليست مجرد خطوة غير منطقية، بل هي نتيجة حتمية لسياسات اقتصادية فاشلة تتمثل في التوسع في الاقتراض الدولي، وزيادة معدلات التضخم، ورفع الدعم عن السلع الأساسية. هذه السياسات لا تعمل إلا على زيادة معاناة الشعب المصري بشكل غير مسبوق، في حين أن المسؤولين في النظام الحاكم يعيشون بعيدًا عن واقع المواطنين ولا يلقون بالالتداعيات هذه القرارات على المواطنين. وطالبت الحكومة المصرية بالتراجع الفوري عن هذه الزيادة في أسعار البنزين، وودعتها إلى اتباع سياسة اقتصادية أكثر عدلاً وواقعية، تضع مصلحة المواطن المصري في المقام الأول، وتعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية بدلاً من زيادة الفجوة بين الأغنياء والفقراء.
كما أكدت على ضرورة توفير حلول اقتصادية مستدامة تساهم في تحسين الوضع المعيشي للمواطنين دون اللجوء إلى زيادة الأعباء على كاهلهم.
وزادت: الشعب المصري لن ينسى أبداً تلك السياسات التي تسببت في تدهور أوضاعه، وسيظل يقاوم تلك السياسات التي تهدد استقرار المجتمع، وتؤدي إلى انهيار الاقتصاد الوطني.
حجم الديون
كذلك قال حزب «التحالف الشعبي الاشتراكي» إن قرار زيادة أسعار الوقود جزء من سياسة اقتصادية فاشلة تثقل كاهل الكادحين.
وأضاف في بيان أن مصر غرقت في الديون المحلية التي قفزت من 3.6 تريليون جنيه في 2020 إلى 7.7 تريليون جنيه في نهاية يونيو(حزيران) 2024، بينما ارتفعت الديون الخارجية من 1.1 تريليون إلى 3.8 تريليون جنيه، حيث تستحوذ خدمة الديون على 63٪ من استخدامات الموازنة العامة.
وأكد البيان أن مصر تتبع سياسات صندوق النقد الدولي التي أدت إلى تقليص موظفي الحكومة، وخفض الدعم، وتحرير الزراعة، وبيع المصانع المنتجة، وتفعيل السوق الخاص، وخفض قيمة الجنيه، مما أدخل البلاد في أزمة ممتدة، يتحمل الكادحون تبعاتها.
ولفت إلى أنه رغم انخفاض أسعار البترول عالميًا وتخفيض بعض الدول لأسعار المنتجات البترولية، فإن مصر رفعت الأسعار استجابة لصندوق النقد الدولي، مؤكداً أن دعم المنتجات البترولية هو دعم وهمي لأن معظم الإنتاج محلي.
وأضاف أن هذه الزيادات ستتبعها زيادات في أسعار الكهرباء، ما يفاقم معاناة المواطنين، كما تؤثر على أسعار النقل العام والخاص والخضراوات والفاكهة وكافة المنتجات المنقولة.
وتساءل عما أنه إذا تراوحت الزيادات بين 11٪ و33٪، فهل ستزيد الأجور والمعاشات بالنسب نفسها، أم سيُترك محدودو الدخل لتتآكل دخولهم؟
واعتبر أن خفض دعم المنتجات البترولية بأكثر من 50٪ هو ضريبة جديدة على محدودي الدخل وسط خلل ضريبي وتهرب أصحاب الدخول العالية. وأعلن الحزب رفضه لهذه الزيادات وتحميل الكادحين أعباء السياسة الاقتصادية الفاشلة، مطالبا برحيل الحكومة التي وصفها بفاقدة الصلاحية والأهلية.
سياسة جائرة
حزب الكرامة أكد أيضا رفضه لزيادة أسعار المحروقات، ودعا لمراجعة السياسات الاقتصادية التي وصفها بـ الجائرة.
وقال في بيان إن قرار الحكومة الأخير الكارثي برفع أسعار المحروقات، في وقت يعاني فيه المواطن المصري من أعباء معيشية خانقة، وتدهور مستمر في قيمة الجنيه، وارتفاع غير مسبوق في أسعار السلع والخدمات، يعكس عجز الحكومة وفشلها في إدارة الاقتصاد الوطني.
ولفت إلى أن القرار يأتي بالتزامن مع انخفاض أسعار البترول عالميا، ما يؤكد أن الزيادة المفروضة على المواطن لا علاقة لها بالأسواق الدولية، وإنما هي نتيجة مباشرة لانهيار السياسات النقدية واستمرار الارتهان لوصفات صندوق النقد الدولي، التي لم تؤدِ يومًا إلا إلى مزيد من الفقر والبطالة وبيع أصول الدولة والانفجار الاجتماعي.
وتابع الحزب: في ظل الأوضاع المتردية على الحدود الجنوبية لمصر، والمخاطر القائمة على الحدود الشرقية، والتهديدات الصهيونية والأمريكية المتزايدة بشأن سيناء، فإن الدولة المصرية أحوج ما تكون إلى الاستقرار الداخلي وتماسك الجبهة الوطنية، لا إلى إشعال الغضب الشعبي بالمزيد من الضغط الاقتصادي ورفع الأسعار.
وحذر من التداعيات الخطيرة لهذه السياسات، وحمل الحكومة المسؤولية عن أي اضطرابات اجتماعية قد تنجم عن تجاهل أصوات المواطنين ومعاناتهم اليومية.
وطالب بإلغاء الزيادات الأخيرة في أسعار الوقود والسلع الأساسية، ومراجعة عاجلة للسياسات الاقتصادية والنقدية الحالية، وتبني نهج عادل ومنصف يراعي العدالة الاجتماعية ويحمي الطبقات الفقيرة والمتوسطة.
وشهد مجلس النواب تحركات تطالب بإلغاء الزيادة الأخيرة على أسعار المحروقات.
مخالفة للقانون
فقد تقدمت النائبة ريهام عبد النبي، عضوة مجلس النواب عن الحزب المصري الاجتماعي ببيان عاجل بشأن التداعيات الخطيرة للزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات.
وبينت أن الزيادة جاءت مخالفة للقانون ومستهترة بالأبعاد الاجتماعية والاقتصادية التي يعاني منها المواطن المصري يومًا بعد يوم.
وأكدت أن الحكومة، ممثلة في لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية جاوزت النسبة القانونية المقررة لتحريك الأسعار، والتي حددها القانون بألا تتجاوز 10٪ صعودا أو هبوطا في كل مراجعة دورية، حيث بلغت الزيادة الأخيرة على بعض المشتقات البترولية أكثر من 15٪.
وقالت إن الزيادة الأخيرة تمثل خرقا صريحا لنصوص القانون، وتعديا على الضوابط التي وضعها المشرع لضمان التوازن بين متطلبات الإصلاح الاقتصادي والعدالة الاجتماعية.
وأضافت: الأخطر من ذلك، هو التجاهل الصارخ للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين. فقد جاءت هذه الزيادات لتفاقم معاناة الشعب، الذي يواجه غلاءً مستمرًا في أسعار السلع والخدمات، وانهيارًا في قدرته الشرائية، دون أن يجد أي حماية أو دعم فعلي من الدولة.
وقالت إن هذه القرارات تؤثر على كل بيت مصري، من انتقال الأفراد إلى نقل البضائع، وتنعكس بشكل مباشر على أسعار الغذاء والدواء وكافة الاحتياجات الأساسية.
واختتمت بيانها: أهيب بالحكومة أن تتحمل مسؤوليتها السياسية والأخلاقية تجاه الشعب، وأطالب بحضور السادة وزراء البترول والمالية والتخطيط لمناقشة هذه الأزمة واتخاذ إجراءات فورية تعيد التوازن وتحمي الطبقات الكادحة من الانهيار.
أما أحمد بلال نائب رئيس الهيئة البرلمانية لحزب «التجمع» فأكد في بيان عاجل قدمه إلى مجلس النواب، أنه في وقت يعاني فيه ملايين المصريين من ضيق العيش وضغوط الحياة اليومية، وفي ظل موجات غلاء لا ترحم، اختارت الحكومة أن تضيف عبئا جديدا على كاهل المواطن البسيط، برفع أسعار المحروقات، وهو القرار الذي لا يمكن وصفه فقط بأنه قرار غير مسؤول، إنما هو صفعة على وجه كل أسرة تصارع يوميًا من أجل لقمة العيش.
ووصف قرار زيادة الأسعار بأنه مجرد تراجع عن الوعود الحكومية التي أكدت مرارا وتكرارا عدم المساس بأسعار الوقود طالما ظلت الأسعار العالمية مستقرة، بل إن المفارقة أن القرار جاء في وقت تشهد فيه الأسواق العالمية انخفاضا في أسعار النفط، مما كان يستوجب خفض الأسعار لا زيادتها.
توصيات صندوق النقد
وأكد أن القرار يعكس إصرارا حكوميا على تحميل المواطن وحده فاتورة توصيات صندوق النقد الدولي، بينما تتغاضى الحكومة عن أمور أخرى ضرورية لعمل أي إصلاح اقتصادي حقيقي، مثل تخفيض الإنفاق العام غير المنتج، ووقف الامتيازات المبالغ فيها لبعض الهيئات الاقتصادية، وتحقيق العدالة الضريبية، وتوسيع قاعدة الإنتاج.
وتابع: نحن أمام سياسة اقتصادية منحازة ضد فقراء هذا الوطن وطبقته الوسطى، لحكومة تدير ظهرها للعدالة الاجتماعية، ولا ترى في المواطن شريكا، بل عبئا، مواطن يطلب منه شد الحزام، بينما الحيتان ينعمون بالامتيازات والدعم.
وتعد الزيادة الأخيرة في أسعار المنتجات البترولية هي الرابعة عشرة خلال عشر سنوات، حيث شهد العام الماضي ثلاث زيادات.
وبلغت الزيادات الأخيرة 15٪ لبنزين 80 و92 والسولار، و13٪ لبنزين 95، و11٪ للمازوت، و33٪ لأسطوانة الغاز المنزلي، مما يعكس انحيازًا اجتماعيًا ضد الطبقات الأكثر احتياجا.
وخلال عشر سنوات ارتفع سعر بنزين 80 والسولار بنحو 1000٪، وأسعار أسطوانة الغاز المنزلي بنسبة 2500٪.
وارتفع سعر بنزين 95 من 17 إلى 19 جنيها بنسبة زيادة 11.7٪، وبنزين 92 من 15.25 إلى 17.25 جنيه بنسبة زيادة 13.1٪، وبنزين 80 من 13.75 إلى 15.75 جنيه بنسبة زيادة 14.5٪.
وشهد سعر السولار زيادة بنسبة 14.8٪، إذ تقرر رفعه من 13.50 جنيه إلى 15.50 جنيه، أما غاز السيارات فتقرر تثبيته عند 7 جنيهات، وكذلك سعر طن المازوت الصناعي عند 9500 جنيه. وارتفع سعر أسطوانات البوتاغاز المنزلي 12.5 كيلوغرام من 150 إلى 200 جنيه بزيادة 33.3٪، وأسطوانات البوتاغاز التجارية من 300 إلى 400 جنيه بزيادة 33.3٪.