أخبار عربيةالأخبارالسعودية

خلاف سعودي إماراتي حاد

يتجدد الخلاف السعودي الإماراتي بشكل متكرر خلال الأشهر الماضية حول ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، وهو ما كشفت عنه مذكرة شفوية أرسلتها الرياض إلى الأمين العام للأمم المتحدة، ترفض فيها رفضاً قاطعاً مذكرة سابقة من أبو ظبي بشأن الخلاف الحدودي.

إلا أن خلافا من نوع آخر ظهر في مواقع التواصل الاجتماعي، اشتعل خلال الأيام الماضية، بسبب قوات الدعم السريع في السودان، بعد نشر وكالة السودان للأحداث والأنباء “سينا” خبرا مزعوما حول مقتل 5 عناصر من قوات الدعم السريع السودانية، خلال اشتباكاتهم مع جماعة “الحوثي” اليمنية على الحدود مع السعودية.

الخبر الذي نشرته وكالة “سينا” أثار غضبا سعوديا غير مسبوق، إذ انبرت حسابات سعودية لمهاجمة الإمارات، واتهامها بفبركة الأخبار للإضرار بالمملكة.

واشتاط سعوديون غضبا بعد ترويج الخبر من قبل حساب إماراتي معروف يدعى “يوسف”، ويتابعه أكثر من 100 ألف، علما أنه حساب مختص بالأخبار الرياضية وليست السياسية.

وشارك في الخلاف الجديد حسابات سعودية معروفة يتجاوز عدد متابعيها مئات الآلاف للحساب الواحد.

وقالت حسابات سعودية إن وكالة “سينا” التي تحاول تضليل الرأي العام من حيث اسمها أولا القريب من الوكالة الرسمية “سونا”، وثانيا من خلال الأخبار التي تنشرها، ممولة من الإمارات، وتروج لقوات الدعم السريع في السودان.

واتهمت حسابات سعودية معروفة الإعلامي الإيراني (الأحوازي) أمجد طه، المقرب من الإمارات، بأنه من يدير هذه الوكالة.

ولاحقا، نشرت وكالة “سونا” الرسمية توضيحا تضمن ذات المعلومات، قالت فيه إن “سينا” هي منصة مزيفة، لا تمثل الدولة، ولا تربطها أي علاقة بالمؤسسات الإعلامية السودانية الرسمية.

وقالت الوكالة إن الإمارات من تقف خلف هذه الوكالة المزيفة، وأوكلت إدارتها لأمجد طه الأحوازي، الحاصل على الجنسية البريطانية، والذي يكتب في صحيفة “إسرائيل اليوم”، علما أن طه من أشد المؤيدين للاحتلال الإسرائيلي.

تصعيد غير مسبوق

وبعد سجال متبادل بين حسابات سعودية وإماراتية، تطور الخلاف ليصل إلى مستوى غير مسبوق، حيث تبادل الطرفان الشتائم، وسخرا من مؤسسي البلدين، الشيخ زايد آل نهيان، والملك عبد العزيز آل سعود.

وتداولت حسابات سعودية صورا قديمة للشيخ زايد، تسخر من وجوده حافيا في الصحراء، فيما نشرت حسابات إماراتية صورا مماثلة للملك عبد العزيز آل سعود.

وقالت حسابات سعودية إن الإمارات بلد منبوذ عربيا، وليس له تاريخ، ويشارك في كل ما هو ضد الشعوب، مذكّرين بموقفها المعارض للمملكة في حربي السودان واليمن.

فيما اتهمت حسابات إماراتية الحكومة السعودية بأنها راعية للإرهاب، وهي من ساهمت بإنشاء التنظيمات الجهادية في السابق، وهددت بأن الإساءة للشيخ زايد مرفوضة.

زعيم المنطقة

الرد الإماراتي على الهجمة السعودية العنيفة، كانت عبر الترويج لتغريدات تعتبر الرئيس محمد بن زايد هو زعيم المنطقة، والحاكم الأكثر فاعلية وأهمية في الشرق الأوسط.

ونشرت حسابات إماراتية صورا أخرى تظهر ابن زايد إلى جانب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، مع عبارات تشير إلى أن الثلاثة هم من يقود المنطقة، في تجاهل صريح للسعودية وولي عهدها الأمير محمد بن سلمان.

فيما ذكرت حسابات أخرى، أن الحسابات الرياضية التي هاجمها السعوديون تحملت ضريبة “الدفاع عن الوطن”، داعين إلى دعمها تخوفا من إغلاقها من قبل إدارة “إكس” بسبب البلاغات عليها.

في وقت لاحق، بادرت الحكومة الإماراتية إلى التدخل لتهدئة العاصفة المشتعلة بين المغردين السعوديين والإماراتيين في “إكس”.

وفي بيان له، أكد المكتب الوطني للإعلام على أهمية التزام جميع مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في الدولة بالقيم والمبادئ التي تعكس سياسات الدولة ونهجها القائم على الاحترام والتسامح والتعايش.

وشدد المكتب على ضرورة مراعاة الضوابط الأخلاقية والقانونية عند استخدام المنصات الرقمية، وضرورة الامتناع عن نشر أي محتوى قد يتضمن إساءة أو انتقاصاً من الثوابت والرموز الوطنية، أو الشخصيات العامة، أو الدول الشقيقة والصديقة ومجتمعاتها.

وقال رئيس المكتب، عبد الله آل حامد، إن أخلاق الوالد المؤسس الشيخ زايد، طيب الله ثراه، ستظل نهجاً راسخاً ونبراساً لأبناء الإمارات، نقتدي بها في أقوالنا وأفعالنا. في عالم التواصل الاجتماعي، علينا أن نتمسك بهذا الإرث الخالد، فحكمته تعلمنا الكلمة الطيبة، وتواضعه يغرس فينا الاحترام، وكرمه يحفزنا على العطاء.

في حين لم يشار ك من الطرف السعودي لتهدئة الأمور، سوى المستشار في الديوان الملكي، ورئيس هيئة الترفيه تركي آل الشيخ.

ونشر آل الشيخ عدة تغريدات تتغزل بالشيخ زايد آل نهيان، وتدعو المغردين في “إكس” إلى الترفع عن هذا المستوى من التراشق.

العلاقات الخليجية اعمق من اي شي … علاقات دين ودم وعادات وتقاليد ونسب واخوة … لا تعتقد انك تدافع عن بلدك بالاساءة للاخرين … من المعيب ان نرى أي إساءة وخاصة في هذا الشهر الكريم … قال صلى الله عليه وسلم: (ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء).

مبادرات هشة

يقر المغردون الإمارتيون والسعوديون، بأن المبادرات الصادرة عن مسؤولين في البلدين لوقف التراشق الإعلامي، هشة، ولا يعتد بها.

وبعد يوم كامل من دعوة عبد الله آل حامد، وتركي آل الشيخ، مواطني بلديهما للتوقف عن الإساءة لبعضهما، لم يتوقف التراشق، ولا تزال وتيرته متصاعدة.

وفي آب/ أغسطس الماضي، أطلق عبد الله آل حامد، تبعه تركي آل الشيخ، مبادرة تهدف إلى كبح جماح الحسابات التي تحمل أسماء وهمية، وتسيء إلى البلدين.

إلا أن دعوة آل حامد التي حظيت بإشادة خليجية رسمية، لم تنجح، وعاد التراشق الإعلامي بين حسابات سعودية وإماراتية عقب أسابيع من المبادرة.

فتور ملحوظ

تمر العلاقات السعودية الإماراتية على المستوى الرسمي بفتور ملحوظ، رغم عدم وجود أي خلاف معلن على المستوى الرسمي.

ومنذ نحو عامين، انخفض مستوى الزيارات الرسمية بين قادة البلدين، وهو ما دفع وسائل إعلام غربية إلى الحديث عن وجود خلافات عميقة غير معلنة بين الرئيس الإماراتي محمد بن زايد، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

وبدا جليا أن أزمتي اليمن والسودان سببتا شرخا كبيرا في العلاقة بين الرياض وأبو ظبي، إذ تدعم الإمارات المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن، وقوات الدعم السريع في السودان، في الوقت الذي تسعى فيه المملكة إلى فرض دبلوماسيتها في الخرطوم، ودحض مساعي الانفصال جنوب صنعاء.

ومع مطلع العام 2024، تجدد خلاف قديم بين السعودية والإمارات، يتعلق بمحمية الياسات البحرية، المتنازع عليها بين البلدين.

ويعود الخلاف التاريخي بين البلدين إلى سنوات طويلة، فبالرغم من توقيع اتفاقية جدة عام 1974، والتي قضت بتنازل السعودية عن جزء من واحة البريمي، مقابل تنازل الإمارات عن 50 كم من ساحلها، وتنازلها عن حقل الشيبة النفطي (ينتج نحو 500 ألف برميل يوميا)، فإن الخلافات استمرت بين الطرفين.

واتهمت الرياض في خطاب موجه للأمم المتحدة أبوظبي بالتعدي على حدود المملكة، عبر إصدار السلطات الإماراتية مرسوما أميريا عام 2019، يعلن الياسات منطقة بحرية محمية.

وأكدت السعودية رفضها هذا الإعلان، وأنه لا يعتد به ولا تعترف به، ولا تعترف بأي أثر قانوني له، مبينة أنها تتمسك بحقوقها ومصالحها كافة، وفقا للاتفاقية المبرمة بين البلدين في العام 1974 والملزمة للبلدين وفقا للقانون الدولي.

فيما ردت الإمارات في أيار/ مايو الماضي، برسالة إلى الأمم المتحدة، قالت فيها إنها لا تعترف للسعودية بأي مناطق بحرية أو حقوق سيادية أو ولاية بعد خط الوسط الفاصل بين البحر الإقليمي لدولة الإمارات والبحر الإقليمي للسعودية المقابل لمحافظة العديد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.

زر الذهاب إلى الأعلى