السودان يتهم كينيا بتلقي الأموال من الإمارات

نددت الحكومة السودانية بدعم الإمارات اجتماعات «الدعم السريع» والموالين لها في نيروبي، مشيرة إلى تلقي كينيا عائدا ماليا ضخما بالمقابل، فيما تحدث داعمون للحكومة الموازية عن سعيهم لانتزاع الشرعية.
وكشفت عن تلقيها تقارير تشير إلى حصول دولة كينيا على 193 مليون دولار من دولة الإمارات لاستضافة اجتماعات قوات «الدعم السريع» والموالين لها، التي أفضت إلى توقيع ميثاق سياسي لتشكيل حكومة موازية.
وقال مندوب السودان لدى الأمم المتحدة، الحارث إدريس، إن حكومة نيروبي ورعايتها لما تسمى بـ«الحكومة الموازية» التي يعتزم تشكيلها في مناطق سيطرة «الدعم السريع» وترحيبها بالميثاق السياسي، يهدف لتفكيك السودان وخدمة أهداف خريطة الشرق الأوسط الجديد الذي يتبناه «المتكسبون» منها.
وحسب وكالة» السودان للأنباء» تأتي هذه الخطوة في إطار المشروع الذي تتبناه دولة الإمارات لدعم المشروع الذي تم فيه التوقيع على الميثاق السياسي، منبهة إلى الشعارات العنصرية التي تم رفعها خلال ما سمي بـ«البيان التأسيسي» التي تدعو لمواصلة التطهير العرقي في البلاد وغزو بعض المدن السودانية.
وأشار إدريس إلى أن قادة «الدعم السريع» قالوا إن مبلغ 200 مليون دولار كانت تبرعت بها الإمارات خلال مؤتمر أديس أبابا بزعم المساعدات الإنسانية للسودان سيتم توظيفها لهذا الغرض.
ولفت إلى أن جميع اتفاقات الهدنة في إعلان جدة استفادت منها «الدعم السريع» لصالح تمدد قواتهم على الأرض وجلب المزيد من التعزيزات العسكرية من بعض دول الجوار.
وقال إن عدد العائدين من اللاجئين والنازحين إلى مناطقهم بلغ نحو مليوني مواطن في شهر فبراير/ شباط الماضي، وفق الإحصائيات الرسمية وذلك بعد تحرير القوات المسلحة والقوات المساندة لها ولايتي الجزيرة وسنار ومعظم مناطق ولايتي الخرطوم والنيل الأبيض. وتوقع أن يرتفع العدد إلى 5 ملايين مع نهاية شهر يونيو/ حزيران المقبل.
وكشف عن استقبال البلاد 12 مبعوثا أمميا قبل اندلاع الحرب وأن الحكومة طالبتهم بتقديم المساعدة في عملية دمج الدعم السريع في الجيش، إلا أنهم لم يبدوا اهتماما بالأمر، في وقت أعلن فيه عن عرقلة إحدى الدول الكبرى – لم يسمها – لمبادرة مصرية قال إنها كانت تحمل كافة عوامل النجاح لمنع اشتعال الحرب.
وقال إن منبر جدة التفاوضي الذي أعلن عنه في مايو/ أيار 2023 بشأن حماية المدنيين كان يمكن أن يكون أساسا جيدا للحل إلا أن الدعم السريع واصلت الاستيلاء على منازل المواطنين وعرقلت الاتفاق وتنفيذه بتأثير «الراعي الإقليمي لها».
وأضاف أن السودان قبل المشاركة في مبادرة «إيغاد» في ديسمبر/ كانون الأول الماضي قام بإرسال وفد المقدمة ولكنه تفاجأ بتأجيل الاجتماع دون مبررات منطقية، في حين كان قائد الدعم السريع يتجول بطائرة إماراتية في شرق إفريقيا.
وتابع أن الإمارات أرسلت وفدا يمثلها بمعية وفد آخر للدعم السريع في طائرة واحدة لأجل الاجتماع ذاته، الأمر الذي وصفه بالانحياز السافر لقوات الدعم السريع وتبني أجندتها الهدامة التي تسعى لزعزعة أمن واستقرار البلاد.
وكانت كينيا قد استضافت اجتماعا لـ»الدعم السريع» مع عدد من القوى الموالية لها شهد توقيع ميثاق يمهد لحكومة موازية في البلاد تشمل المناطق الخارجة عن سيطرة الجيش.
وقال الموقعون على الميثاق إن «حكومة السلام والوحدة» ستتشكل في غضون أسابيع من داخل السودان.
وبينت مصادر شبه عسكرية وسياسيون داعمون للحكومة الموازية لـ»رويترز» أن هذه الحكومة تهدف إلى انتزاع الشرعية الدبلوماسية من منافستها التي يقودها الجيش، فضلا عن تسهيل الحصول على أسلحة متطورة.
وأوضح سياسيون ومسؤولون من قوات «الدعم السريع» شاركوا في المحادثات، التي جرت في العاصمة الكينية نيروبي الأسبوع الماضي، أن حكومتهم ستنتزع الشرعية من جيش قالوا إنه لجأ إلى أساليب انقسامية، مثل شن غارات جوية وعرقلة توصيل المساعدات ورفض محادثات السلام.
وقال الهادي إدريس، قائد فصيل مسلح يدعم الحكومة الموازية لرويترز: نحن لسنا حكومة موازية أو حكومة منفى، نحن الحكومة الشرعية.
فيما ذكر السياسي إبراهيم الميرغني، أحد المؤيدين للحكومة المزمعة، أن هذه الحكومة ستلجأ إلى الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات لمنع انخراط الجيش.
وزاد: الحكومة الجديدة ستطالب بمقعد السودان في الأمم المتحدة وفي كل المنظمات الدولية وسنطالب باستلام كل سفارات السودان في الخارج.
الدعم العسكري
وأضاف: إذا أمنت بلدك وتوقف نزيف الدم والنزوح واللجوء والإرهاب ووقفت الجماعات الإرهابية سوف تعترف بك دول الجوار.
تحظى الحكومة في بورتسودان بدعم من دول خارجية، مثل مصر، كما تحتفظ بعضوية البلاد في هيئات دولية رغم تعليق الاتحاد الأفريقي لعضويتها منذ أن قاد الجيش وقوات «الدعم السريع» انقلابا مشتركا في عام 2021.
وقال يوناس هورنر، وهو باحث زائر في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن الدول الأجنبية تنظر إلى الحكومة الموازية باعتبارها محاولة من قوات الدعم السريع للسيطرة على تدفق المساعدات الإنسانية، والوصول إلى أسواق الأسلحة، واكتساب قوة في أي مفاوضات سلام مستقبلية.
وتدفق الدعم العسكري على قوات «الدعم السريع» بمعدات تضمنت طائرات مسيرة ودفاعات جوية، مع حصول الجانبين على أسلحة أكثر تقدما من الخارج.
ويتهم الجيش الإمارات بإرسال أسلحة إلى قوات الدعم السريع، وهو اتهام قال خبراء من الأمم المتحدة ومشرعون أمريكيون إن له مصداقيته، لكن الدولة الخليجية تنفيه.
وقال إدريس إن الفصائل المسلحة لا تزوَد بأسلحة متطورة على عكس الحكومات. وأضاف أن الأولوية بالنسبة لهم هي السلام لكن يتعين على «الحكومة» الدفاع عن مواطنيها ومن حقها الحصول على طائرات وأنظمة دفاع.
وردا على طلب للتعليق، نفت قوات «الدعم السريع» أن يكون سبب رغبتها في تشكيل حكومة هو استيراد أسلحة، لكنها قالت إنها ستتمتع بسلطة القيام بذلك دفاعا عن شعبها.
وندد الجيش، الذي ينفي عرقلة المساعدات أو استهداف المدنيين، بهذا التحرك ووصفه بأنه محاولة من قوات «الدعم السريع» لتوسيع دائرة الحرب في الوقت الذي تخسر فيه أمامه.
ونجح الجيش، الذي كان يواجه صعوبات من الناحية العسكرية في السابق، في طرد قوات «الدعم السريع» من مناطق كثيرة من العاصمة ووسط السودان في الشهور القليلة الماضية. وتحتفظ قوات «الدعم» بالسيطرة على معظم منطقة دارفور وتخوض معارك مع الجيش للسيطرة على الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.
كما تسيطر قوات «الدعم» على معظم ولاية غرب كردفان فيما تسيطر قوات «الحركة الشعبية لتحرير السودان ـ شمال» على مناطق في ولاية جنوب كردفان.
والحركة يقودها عبد العزيز الحلو، وهي أكبر جماعة مسلحة تتحالف مع قوات» الدعم السريع» المتهمة بارتكاب انتهاكات في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
التحالف مفاجئ
وقد شكل هذا التحالف مفاجأة للمراقبين. لكن هدف الحركة المتمثل في إقامة دولة علمانية تعددية، منصوص عليه بشكل أساسي في الميثاق الذي يتحدث عن «سودان جديد» اتحادي.
وقال زعماء الحركة لرويترز إن التحالف هو طريق للسلام بعد هجمات قبلية استمرت عقودا، ويسمح لهم بمواجهة خصوم أيديولوجيين في الجيش حيث يتمتع الإسلاميون بنفوذ منذ فترة طويلة.
وأضافوا، شريطة عدم الكشف عن هوياتهم، أن التحالف سيتيح إمكانية الوصول إلى الأموال والمساعدات الضرورية وإعادة التزود بالأسلحة.