أخبار عربيةالأخبار

معاريف لقادة إسرائيل: لا توهمونا بأنكم هزمتم حماس

في المعركة على الوعي العام، تنطلق أصوات تعلن هزيمة حماس. لكنه ادعاء سابق لأوانه، وعملياً – كاذب. الحسم بالمعنى الحقيقي لا يجد تعبيره في أعداد مصابي حماس أو بحجم الدمار في غزة، بل في قدرة إسرائيل على فرض إرادتها على حماس كي لا تكون تهديداً استراتيجياً، وسلبها حكم عزة.

من يفهم هذا جيداً هو الرئيس الأمريكي ترامب، الذي طرح بحث إمكانية توزيع سكان غزة في أرجاء العالم – الخطوة التي تستند إلى فهم استراتيجي عميق للشروط اللازمة للحسم الحقيقي. في كتابه “حرب واستراتيجية” يصف البروفيسور يهوشفاط هركابي الحسم بأنه لا ينتهي بتحقيق إنجازات تكتيكية أو بضربة عسكرية شديدة للعدو. هناك اختباران جوهريان لتحديد النصر:

تحقيق الأهداف التي وضعت للمعركة، بشكل غير قابل للتغيير من قبل العدو.
خلق واقع استراتيجي جديد لا يسمح العدو بتشكيل أي تهديد.
يكشف هذا الاختبار أن إعلان النصر على حماس في هذه المرحلة ليس سوى وهم خطير. رغم الضربة الشديدة التي تلقتها حماس وزعماؤها، تواصل المنظمة احتجاز الرهائن، وتفعيل خلايا إرهاب، والإبقاء على قوتها السياسية والاجتماعية في القطاع. ما لم تتغير هذه الشروط، فحماس لم تهزم.

المناورة العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة أضرت بقدرات حماس عسكرياً، لكن الاختبار الحقيقي هو: ألم تعد المنظمة عنصر تهديد؟ عملياً، لا تزال حماس قادرة على إطلاق الصواريخ، وتنفيذ عمليات، وتحكم سكان غزة. المؤشر على أن الحسم لم يتحقق بعد، هو رفض حماس تحرير المخطوفين، أو وضع سلاحها. المنظمة التي لا تتخلى عن وجودها ومراكز قوتها، لا يمكن هزيمتها بوسائل عسكرية جزئية فقط، فثمة حاجة لعملية أوسع وأعمق.

إذا أرادت إسرائيل دفع حماس إلى هزيمة حقيقية، بمشاركة مع الولايات المتحدة، وتفعيل تهديد عسكري يدفع قيادة حماس للاستسلام بشروط إسرائيل، فالحديث لا يدور فقط عن قصف إضافي أو إحباطات مركزة، بل عن خلق واقع لا تطيقه حماس، يضعضع حكمها ويتسبب بانهيارها داخلياً.

إسرائيل في منتصف الطريق إلى هناك. من يدعي أن حماس هزمت، فهو ينشر وهماً خطيراً يعود مصدره إلى المفهوم المنقطع عن الواقع – مفهوم يروج له منتدى “القادة من أجل أمن إسرائيل” في ظل إغماض العيون عن الواقع. إن الإصرار على إعلان النصر قبل تحقيق الشروط الموضوعة معناه التنكر للواقع بدلاً من إدارته استراتيجياً.

للوصول إلى هزيمة حقيقية لحماس، على إسرائيل تحقيق كل أهداف الحرب في غزة: إبادة قدرات حماس العسكرية والسلطوية، وتحرير كل المخطوفين، وخلق واقع لا تكون فيه غزة تهديداً على إسرائيل – الآن وإلى الأبد. ما لم تنفذ هذه الشروط، فحماس لم تهزم. كل محاولة للادعاء بشكل آخر، تنبع من أوهام أو من مصالح سياسية.

كما فهم ترامب، الحل الحقيقي لتصفية حماس يكمن في خلق شروط لا تسمح ببقائها على مدى الزمن، سواء من خلال إبعاد سكان غزة أم بتهديد عسكري ملموس وبلا هوادة. هكذا يمكن الوصول إلى حسم حقيقي، كما عرفه هركابي – حسم يغير وجه الواقع الاستراتيجي وليس إحساساً بإنجاز لحظي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.

زر الذهاب إلى الأعلى