أخبار عربيةالأخبار

باحث إسرائيلي بارز: إسرائيل لم تقضِ على حماس لأنها لم تكن قادرة على فعل ذلك أبداً

قال باحث في معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، عوفر شيلح، إن تنفيذ الصفقة مع حماس حتى النهاية هو الطريق الوحيد نحو التكفير عن الإخفاقات. وعن ذلك أضاف في مقال قصير في موقع «المعهد»: «نبدأ من الموضوع الأساسي؛ هذا الاتفاق لتحرير الرهائن يجب أن يقَر، كما يجب التزامه بكل أثمانه، على الرغم من العذاب النفسي وصرير الأسنان اللذَين سيرافقان تنفيذه، وذلك لأن تحرير الرهائن هو واجب من الدرجة الأولى، ومن الأمور المهمة بالنسبة إلى إسرائيل ومواطنيها الذين جرى التخّلي عنهم مرة تلو الأُخرى، وانتهاء المفاوضات هو فقط دليل على ذلك». كما يقول شيلح المعروف بتوجهاته النقدية منذ عمل صحافيا طيلة عقود، إن مغزى الاتفاق واضح: إسرائيل لم «تقضِ» على «حماس» لأنها لم تكن قادرة على فعل ذلك أبداً. كما أن رفْضها استخدام الطريقة الوحيدة التي تحتوي على فرصة لإيجاد بديل للتنظيم «الإرهابي» في غزة، وإصرارها على استخدام القوة والمزيد من القوة لأسباب سياسية، والبقاء الشخصي، وقِصَر النظر الشديد، كلها أمور تؤكد هذه الحقيقة البسيطة. منوهّا أنه منذ أيار/مايو الماضي، وربما قبله، دفع أكثر من 100 جندي إسرائيلي ثمن الطريقة التي اختارها رئيس الحكومة نتنياهو ووزراؤه والمنظومة الأمنية من حياتهم، كما دفع هذا الثمن عدد غير معروف من المخطوفين. أكثر من ذلك، فحسب شيلح، لقد تعرّض الجيش الإسرائيلي لحالة إنهاك خلال قيامه بمهمات لم يكن لها أي تأثير في شروط إنهاء الحرب، كما ضعفت مكانة إسرائيل الدولية بصورة كبيرة. ويمضي شيلح في انتقاداته: «كل هذا لم يغير الحقيقة الأساسية، وزاد من تأثير تعافي منظمة حماس «الإرهابية» التي ستخرج قيادتها المستقبلية من السجن، حتى لو طُردوا إلى شتى أنحاء الشرق الأوسط. وينوه أيضا أنه لا جدوى من التلويح بالإنجازات الحقيقية والمهمة في الشمال مقابل حزب الله؛ العمليات الحاسمة، وعملية البيجر، وضرب المنظومة النارية لحزب الله، واغتيال نصر الله. ويضيف: لقد كان في الإمكان التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة في أيار/مايو الماضي. وهناك سبيل واحد أمام المسؤولين عن إخفاق 7 تشرين الأول/أكتوبر للتكفير عن هذا الإخفاق، ألا وهو المضي حتى النهاية مع مبادرة بايدن/ ترامب من أجل تغيير وجه الشرق الأوسط بواسطة تحالف إقليمي يشكّل مركز ثقل مضاداً لأعداء إسرائيل، وداخلياً توجه إسرائيل نحو استكمال التحقيقات بشأن الحرب على الفور وتحميل المسؤولين عنها المسؤولية.

استكمال التطبيع

في سياق متصل وفي التزامن مع إقدام وزير الأمن في حكومة الاحتلال يسرائيل كاتس بالإفراج عن السجناء اليهود الإداريين قال مرشح الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لمنصب وزير الخارجية ماركو روبيو، إن الإدارة الأمريكية المقبلة ستنهي نظام العقوبات الذي فرضته إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن العام الماضي على مستوطنين إسرائيليين عنيفين. وجاءت أقوال روبيو هذه في سياق كلمة ألقاها أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي التي عقدت جلسة خاصة لتأكيد تعيينه ركزت بصورة كبيرة على إسرائيل، وأكد فيها روبيو أيضاً أنه يؤيد إلغاء تأشيرات إقامة أي شخص في البلد يدعم حركة «حماس» وأنه يدعم توسيع «اتفاقيات إبراهام» التي تم التوصل إليها في عهد ترامب، وأدت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية. وقال روبيو بعد تأكيده إن إدارة ترامب ستلغي العقوبات التي فرضها الرئيس المنتهية ولايته على المستوطنين العنيفين: «أنا واثق من أن إدارة الرئيس ترامب ستظل ربما الإدارة الأكثر تأييداً لإسرائيل في التاريخ الأمريكي». ولم يحدد روبيو جدولاً زمنياً لإلغاء هذه العقوبات وكان بايدن قد كشف النقاب عن العقوبات في الأول من شباط/فبراير 2024 بالتزامن مع تصاعُد الإحباط الأمريكي بسبب فشل إسرائيل في وضع حد لعنف المستوطنين المتفشي الذي يستهدف الفلسطينيين في أنحاء الضفة الغربية المحتلة. ومنذ ذلك الوقت، تم فرض عقوبات في ثماني دفعات منفصلة، وانضمت مجموعة من الدول الغربية الأُخرى إلى الولايات المتحدة في فرض عقوبات كهذه. في سياق متصل، رد روبيو بالإيجاب عندما سُئل عما إذا كانت إدارة ترامب ستوقف سياسة منح إعفاءات تسمح لمسؤولي السلطة الفلسطينية بعقد اجتماعات سياسية في واشنطن، وقال أيضاً إنه ينوي أن يكون حازماً للغاية في التأكد من ترحيل أنصار «حماس» من الولايات المتحدة. وأصبحت هذه القضية موضوعاً ساخناً في ضوء القيام بنشاطات مؤيدة للفلسطينيين، وخصوصاً في الجامعات الأمريكية، منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، والتي تضمنت إظهار دعم علني لـ«حماس» وكان ترامب نفسه قد تعهد أيضاً بترحيل طلبة متورطين في نشاطات كهذه.
من ناحية أُخرى، فقد قال روبيو إنه متفائل بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مشيراً إلى أنه ليست لديه تفاصيل أكثر عنه، وأشاد بإدارة بايدن وفريق ترامب الانتقالي لعملهما جنباً إلى جنب على التوصل إلى هذا الاتفاق. ودافع روبيو عن جرائم جيش الاحتلال في قطاع غزة، وأصرّ على أنه لا يستهدف السكان المدنيين عمداً.
وفي الوقت عينه، ندد بحركة «حماس» متهماً إياها بارتكاب فظائع في هجومها ضد إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، والذي أشعل شرارة الحرب المستمرة منذ 15 شهراً في قطاع غزة». وتطرّق إلى دعوى الإبادة الجماعية المستمرة ضد إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بسبب الحرب في غزة، فقال: أعتقد أنه إذا لم تتخل المحكمة الجنائية الدولية عن هذه القضية، فستجد أن صدقيتها على المستوى العالمي قد تضررت بشدة، وأنا أظن أن الولايات المتحدة يجب أن تشعر بقلق بالغ، لأنني أعتقد أن هذا اختبار تجريبي لتطبيقه على أفراد القوات المسلحة الأمريكية والقادة الأمريكيين في المستقبل.
وردّاً على سؤال بشأن إيران، أكد روبيو أنه لا يمكن السماح بحصول طهران على أسلحة نووية تحت أي وضع، وطوال الجلسة تحدّث روبيو بشأن ما سمّاه الفرص في الشرق الأوسط، بما في ذلك سقوط نظام الأسد في سوريا وإضعاف حزب الله في لبنان وإيران، مشيراً إلى أن تطورات كهذه يمكن أن تفيد إسرائيل. وعندما سُئل في وقت ما عن «اتفاقيات إبراهام» التي أبرمها ترامب بين إسرائيل وبعض جيرانها العرب، قال إنه يأمل دفع السعودية نحو الانضمام إليها قريباً. كما تعهّد روبيو بتعيين مبعوث خاص لوزارة الخارجية الأميركية لشؤون مراقبة ومكافحة معاداة السامية.

ترامب في المنتصف

في هذا المضمار يقول عضو الكنيست والناطق العسكري السابق نحمان شاي ضمن مقال نشرته صحيفة «معاريف» العبرية إن إسرائيل ودّعت المنتهية ولايته بايدن بابتسامة مُرّة وحلوة، وأرسل نتنياهو تهنئته إلى الرئيس المنتخَب ترامب وللمرة الأولى، أرسل شكره الكبير، بعد أن كان بالكاد يقول شكراً. وفي انتقاد لنتنياهو يقول شاي إن هذا أمر مؤسف ومخيب للأمل، إذ يستحق بايدن شكراً كبيراً منا جميعاً، إسرائيليين ويهوداً في شتى أنحاء العالم، فقد كان أكبر صديق لإسرائيل، ووقف إلى جانبها في كل الأزمات والأوقات طوال 50 عاماً، ومنذ التقى للمرة الأولى غولدا مائير، وكان كما قال «صهيونياً» ودافع عن إسرائيل طوال الوقت. ويشير أن وقوف بايدن إلى جانب إسرائيل مثير للإعجاب وشديد الأهمية في أبعاده التاريخية؛ فمنذ اللحظة الأولى من 7 تشرين الأول/أكتوبر، تحرك للدفاع عنها، وأرسل شحنات السلاح، وحرّك حاملات الطائرات إلى منطقتنا، وحذّر أعداء إسرائيل من استغلال ضعفها علاوة على أن الائتلاف الذي أنشأه حال دون نشوب حرب إقليمية، وساهم في بناء محور جديد معادٍ للمحور الشيعي نراه يتحقق أمام أعيننا. ويقول إن بايدن كان مدفوعاً بمزيج نادر من القيم والمصالح وأيضاً من المشاعر القوية ونفس حساسة… ومن الصعب وصْف مسار هذه الحرب من دون مساعدته، ومن الصعب وصف واشنطن من دونه؛ إنه الرجل الذي كان موجوداً دائماً من أجل إسرائيل، وربما لهذا السبب خسر الديمقراطيون الانتخابات. ويضيف «برزت مؤشرات تحذير مبكرة، وأعربت وسائل الإعلام عن تحفُظها عن إدارة إسرائيل للمعركة أكثر من مرة، وعن ارتفاع عدد الضحايا المدنيين يوماً بعد يوم. ونشأت معارضة قوية بين أطراف في الإدارة الأمريكية، ومؤخراً جرى الحديث عن استقالة 11 مسؤولاً رفيع المستوى في الإدارة بسبب تأييد بايدن لإسرائيل، وازدادت في حزبه الأجواء المعادية لها لكن هذا كله لم يجعله يغير نهجه، فقد كان يثق في إسرائيل، وأقل ثقة في نتنياهو، ورأى حيله ومراوغته والخداع والعرقلة، لكنه ظل ثابتاً على رأيه». وخلص شاي للقول إنه في مرحلة معينة، أصاب بايدن اليأس التام من «صديقه» كما كان يسمي نتنياهو، لكنه وجد طريقة للتفريق بينه وبين إسرائيل الدولة والشعب اليهودي، ولم يتخلَ عنهما أو ينسهما.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.

زر الذهاب إلى الأعلى