أخبار عربيةالأخبار

انتقادات للبذخ في تشييد قصر رئاسي قس مصر رغم الأزمة الاقتصادية وتزايد الفقر

عادت أزمة القصور الرئاسية في مصر إلى الواجهة مرة أخرى، بعد أن استضاف القصر الجديد في العاصمة الإدارية قمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي الخميس الماضي.

جدل وانتقادات

فقد شهدت مواقع التواصل الاجتماعي حالة من الجدل وانتقادات واسعة لحجم الإنفاق على القصور الرئاسية في ظل الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد، وارتفاع حجم الديون الخارجية، ومعدلات الفقر بين المواطنين.
وشيد القصر الجديد على مساحة تزيد على مليونين ونصف مليون متر مربع، وتبلغ مساحة البناء 10 أضعاف حجم البيت الأبيض في الولايات المتحدة.
الانتقادات دفعت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لنفي أن تكون ميزانية الدولة تحملت تكلفة أي من مباني العاصمة.
وقال إن شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية تحملت تكلفة إنشاء مباني المدينة الجديدة الواقعة على بعد 45 كيلومترا شرقي القاهرة. وأضاف، في تصريحات مصورة أوردتها وسائل إعلام محلية خلال زيارته التفقدية إلى أكاديمية الشرطة، إن المنشآت الحكومية في العاصمة الإدارية، وبينها مباني الوزارات، تحملت تكلفتها شركة العاصمة. وتابع: عندما بدأت شركة العاصمة كان حسابها صفرا، اليوم الشركة شيدت مدينة الثقافة والفنون بالمستوى الذي رأيتموه، وشيدت مسجد مصر، والكاتدرائية وحي المال والأعمال، والرئاسة.

تكلفة القصر

ولفت إلى أن الشركة تؤجر المنشآت التي أقامتها، مثلما مباني للحكومة، بمبلغ يتراوح ما بين 7 إلى 10 مليارات جنيه سنويا، وأن حساب الشركة لدى البنوك يحتوي على 80 مليار جنيه، ولها أموال لدى المطورين العقاريين الذين باعت لهم أرض بمبالغ تصل إلى 150 مليار جنيه.
وانتقدت صفحة الموقف المصري على «فيسبوك» حجم الانفاق على القصور الرئاسية، وقالت إن تكلفة تشييد القصر في العاصمة الإدارية غير معروفة، وإن مصادر مختلفة قالت إن تكلفة الطابق الواحد 2.25 مليار جنيه عام 2019، ما يعني أنها تساوي بسعر الصرف وقتها 140 مليون دولار، وإن التكلفة الإجمالية للقصر حوالي 220 مليون دولار أي (11.6 مليار جنيه).
ولفتت إلى أن تكلفة تشييد القصر كانت تكفي لتحسين حياة المصريين، وقالت إن هناك العديد من الاقتراحات التي كان يمكن إنفاق المبلغ فيها، مثل بناء 12500 فصل دراسي جديد.
وبينت أن بناء الفصل الواحد بكل ما يرتبط به من مدرسين وكل شيء يكلف حوالي 800 ألف جنيه حسب تصريحات وزير التربية والتعليم في عام 2023، ما يعني أن التكلفة كانت تكفي لاستيعاب على الأقل نصف مليون طالب مصري بمتوسط كثافة 40 طفل للفصل الواحد.
وتابعت: كان يمكن بناء 1250 مدرسة صغيرة في قرى الريف من المدارس التي تتشكل من 10 فصول ابتدائية، أو نصف العدد من المدارس الأكبر التي تتضمن 20 فصل دراسي.
وزادت: كان يمكن أن تستخدم الأموال في زيادة حجم برنامج التغذية المدرسية للضعف، فإجمالي تكلفة التغذية المدرسية في مصر سنويا 14 مليار جنيه، وهو برنامج صغير يجب أن يتوسع لضمان حصول الأطفال وتحديدا المرحلة الابتدائية على التغذية اللازمة، ما يكون له أثر ضخم في زيادة التحصيل الدراسي والحضور وغيرها من المؤشرات الفرعية للتعليم.
وواصلت: كان يمكن استخدام الأموال لبناء وتطوير 20 مستشفى مركزي في مصر، فحسب وزير الصحة خلال 2024 تم إنشاء وتطوير 20 مستشفى بتكلفة 10.9 مليار جنيه، وبالتالي كان يمكن أن يزيد العدد إلى 40 مستشفى.
وأكدت أن المبلغ كان يكفي لإنتاج 10 مليارات رغيف عيش مدعم تقريبا لإطعام المصريين لمدة شهر كامل أو 28 يوما لتحري الدقة، بافتراض تكلفة الحكومة للرغيف وهي ما تعلنه حوالي جنيه لكل رغيف مدعم، أو لتوفير دعم نقدي (تكافل وكرامة) لحوالي 1.6 مليون أسرة، فتكلفة البرنامج كله حاليا 40 مليار حنيه، ما يعني أن الحكومة كان يمكنها زيادة عدد المستفيدين أو التحويلات بمقدار 25٪ تقريبا.
وتابعت: كان يمكن إنفاق الأموال لتوفير 50 مليون عبوة حليب أطفال مدعم، وتكلفة دعم 20 مليون عبوة حليب أطفال مدعم هي 4 مليارات جنيه سنويا، وبما أن الناس تشتكي من غياب اللبن المدعم، وكان يمكن للحكومة استخدام الأموال أو جزء منها لحل المشكلة لملايين الأمهات والأسر المصرية، وعلى الأقل سنشتري مستقبل مصر في تغذية سليمة للأطفال.

وأكدت أن الأموال التي أنفقت على تشييد القصر كانت تكفي لزيادة دعم التموين بنسبة 29 في المئة خلال السنة الحالية فقط، فتكلفة برنامج دعم السلع التموينية بدون الخبز هي 34 مليار جنيه، ما يعني أنه حال زيادتها إلى 10 مليارات جنيه، سيحصل المواطن على 65 جنيها بدلا من 50 جنيها مبلغ الدعم الحالي.
كما لفتت إلى أن المبلغ كان يمكن إنفاقه لإنشاء محطتين لتحلية مياه البحر بقدرة تقريبا 100 ألف متر مكعب يوميا على الأقل، و36 مليون متر مكعب من المياه سنويا: حسب أخر مشروعات الحكومة المطروحة على القطاع الخاص، فتكلفة إنشاء 6 محطات بقدرة إنتاجية 100 ألف متر مكعب يوميا تساوي 900 مليون دولار، ما يعني أنه تكلفة إنشاء المحطة الواحدة 150 مليون دولار.
وتناولت الصفحة كيف كان أن تكلفة تشييد القصر، تمثل متوسط إنفاق 100 ألف أسرة مصرية على كل شيء من أكل وشرب وتعليم وسكن وكل شيء، ما يعني تقريبا نصف مليون مصري بمتوسط عدد الأسرة 5 أفراد.
وزادت: حسب آخر بيانات بحث الدخل والإنفاق فمتوسط الإنفاق الفعلي للأسر المصرية حوالي 61 ألفا في «2019 -2020» لكن وبسبب غياب البيانات يمكن الافتراض أن الرقم أصبح 100 ألف جنيه سنويا، ما يعني تقريبا 8333 جنيه شهريا، بالتالي المبلغ كان يفي 100 ألف أسرة على الأقل، وكان يمكن أن يساهم في خفض معدل الفقر في مصر بواقع 1 إلى 2 في المئة على الأقل.
وختمت: التاريخ لا يصنعه من يبنون القصور الرئاسية، بل على العكس تتحول هذه لنماذج على الجانب الخاطئ من التاريخ، ويعاد سرد وقائع حكمهم بعد رحيلهم بالكثير من الحديث عن السفه والفساد، ولكم في تشاوشيسكو رومانيا خير عبرة.

سوء التغذية

وتعاني مصر التي يبلغ تعدادها 107 ملايين نسمة، من ارتفاع حجم الديون الخارجية الذي وصل إلى 160 مليار دولار، في وقت تتهم أحزاب المعارضة نظام السيسي بالتسبب في الأزمة الاقتصادية وارتفاع معدلات الديون بسبب تبني سياسة الاستدانة للإنفاق على مشروعات ليس لها جدوى.
وكان تقرير أصدرته الأمم المتحدة، الأسبوع الماضي تحت عنوان «نظرة إقليمية حول الأمن الغذائي والتغذية في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا» كشف عن واقع مأساوي لوضع الغذاء في مصر.
وحسب التقرير، فإنه على مدار سنوات ارتفعت نسب من يعانون سوء التغذية في مصر تدريجيًا من 4.8٪ عام 2002، لتصل إلى 5.2٪ في عام 2011. ولكن مع بداية برنامج «الإصلاح الاقتصادي» بالتعاون مع صندوق النقد الدولي في 2016؛ قفزت النسبة إلى 6.3٪، حتى وصلت إلى 8.5٪ في 2023.
كانت النتيجة ارتفاع عدد السكان الذي يعانون من سوء التغذية من 6.2 مليون في 2016 إلى 9.4 مليون في 2023.
وبين التقرير أن تغذية المصريين ليست سيئة فقط، إذ ارتفعت أيضًا معدلات انعدام الأمن الغذائي المعتدل لتطال نحو 33.1 مليون مواطن في 2023، مقارنة بـ27.1 مليون في 2016.
ولفت إلى أن من بين هؤلاء، ارتفعت نسبة من يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد من 8.2 مليون في 2016 (8.4٪ من السكان) لتصل إلى 11.5 مليون مواطن (10.4٪).

آية قرآنية

وبجانب أزمة الإنفاق على القصور الرئاسية، كان هناك مشهد من القصر الرئاسي الحديد أثار انتقادات واسعة، يتعلق بإحدى الآيات القرآنية الخمس التي تزين سقف قاعة رئيسية للاستقبال ورد فيها ذكر مصر، وهي آية ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تُبصرون.
ودافع الإعلامي أحمد موسى المحسوب على نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن القصر الرئاسي، وقال في برنامجه الذي يحمل اسم «على مسؤوليتي» على قناة صدى البلد: القصر الرئاسي الجديد تحفة معمارية أبهرت العالم، وكل القصور الرئاسية على مر التاريخ تظل موجودة لأجل البلد لإدارة شؤون الحكم.
وأضاف: كل من يحب البلد تحدث عنه، أنه يليق بمكانة وتاريخ وحضارة مصر، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان دار طويلا داخل القصر ووقع في سجل الزوار.
وقال رئيس مجلس إدارة شركة العاصمة الإدارية الجديدة، خالد عباس، أن القصر الرئاسي الجديد وجميع المباني الحكومية أصول تمتلكها الشركة، ومؤجرة للحكومة بعقد مدته 49 عاماً، فيما يجري سداد القيمة الإيجارية بشكل ربع سنوي للشركة.

مؤجرة للحكومة

وأضاف في تصريحات متلفزة، أن الشركة استثمارية وتهدف إلى تحقيق الربح، عبر قدرتها على استرداد تكلفة المباني ثلاثة أضعاف، عند انتهاء عقود الإيجار، مؤكداً أن خزانة الدولة لم تتحمل أي أعباء مالية عند بناء هذه المباني التي يوجد من بينها القصر الجديد.
وتأسست شركة «العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية» في مايو/ أيار 2016 كشركة مساهمة مصرية تخضع لقانون الاستثمار، برأسمال مدفوع قيمته 6 مليارات جنيه، موزعة بين القوات المسلحة وهيئة المجتمعات العمرانية التابعة لوزارة الإسكان.
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تشهد مصر جدلا واسعا بسبب بناء قصور رئاسية جديدة، ففي عام 2019، وخلال مؤتمر الشباب، تحدث السيسي عن بناء القصور الرئاسية، وقال: قالوا إني ببني قصور رئاسية أنا بنيت وسأواصل البناء وهبني، ولا يوجد شيء باسمي، كله للدولة، بنيت قصور في العاصمة الإدارية الدنيا كلها ستراها، هي مصر شوية ولا إيه، انتوا فاكرين مصر شوية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.

زر الذهاب إلى الأعلى