لقادة إسرائيل: لا تغتروا بخدعتكم السينمائية.. فالحرب ليست أولمبياد تكنولوجيا
الآن هذا موجود لدينا خطياً، بألف نسخة متفجرة: إسرائيل تريد الحرب، حرباً كبيرة. ليس هناك طريقة أخرى لفهم هذه العملية الهوليوودية المزركشة والمتفجرة في لبنان، باستثناء إرسال بيان عبر البيجر، بيان قاطع للعدو يكشف نواياها الحقيقية. ألف انفجار و3 آلاف مصاب، هذا دعوة للحرب المقبلة
في هوليوود بدأوا يعملون سيناريوهات، ولكن خلافاً للأفلام العملية وعلوم الخيال، بات هناك واقع حقيقي للفيلم. المتحمس لأجهزة البيجر المتفجرة عليه الذهاب إلى السينما. في الواقع، يجب تحديد هدف واضح لكل عملية. لسنا في أولمبياد التكنولوجيا مع ميدالية عن العملية الأكثر إدهاشاً. نحن في ذروة الحرب الأكثر إجرامية والأكثر عدم فائدة التي حظرتها إسرائيل طوال حياتها، والآن يتبين أنها تريد واحدة أخرى. بعد سنة على حربها الفاشلة جداً في غزة، التي لم تحقق أي هدف ولم تسجل أي إنجاز عدا إشباع غريزة الانتقام، بات من غير المعقول اليوم أن إسرائيل تريد حرباً أخرى. من غير المعقول أنها بعد أن دفعت وستدفع ثمناً مصيرياً في أعقاب الحرب في غزة، تريد حرب أخرى. من غير المعقول كيف يحدث ذلك.
بالضبط مثل الحرب في غزة، أجهزة البيجر المتفجرة في لبنان عديمة الجدوى هي الأخرى. تحية للمخططين والمنفذين. احتللنا رفح وفجرنا أجهزة البيجر. كل الاحترام للجيش الإسرائيلي والموساد. الآن، ماذا بعد؟
هل تحسن وضع سكان الشمال أول أمس عندما انفجرت أجهزة البيجر؟ هل باتت إسرائيل الآن في مكان أكثر أمناً؟ هل تحسن مصير المخطوفين؟ هل تحسنت مكانة إسرائيل؟ هل تلاشى خطر إيران؟ هل هناك أي شيء، شيء واحد، تغير إلى الأفضل نتيجة هذا الاستعراض المناوب، باستثناء الأنا المتضخمة أصلاً لدى الأمنيين لدينا؟
بالضبط مثل التصفيات الفاخرة التي لم تساهم بأي شيء، فإن بطولة البيجر ليست سوى خدعة سينمائية. باستثناء اللعاب الذي يسيل في الأستوديوهات إزاء أي عربي قتيل أو مصاب، فإن وضع إسرائيل في اليوم التالي سيكون أسوأ من اليوم الذي سبق العملية البطولية، حتى لو وزعت إسرائيل الحلوى.
أول أمس، اقتربت الحرب في الشمال بسرعة مدهشة. ستكون أكثر الحروب مع قدرة على منعها في تاريخ الدولة. وقد تكون أيضاً حمام الدماء الأكبر فيها. عندما يقول حزب الله بصراحة بأنه سيوقف إطلاق النار عند التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار مع حماس، فإسرائيل غير مستعدة لوقف الحرب في غزة، وتطلب من حزب الله مهاجمتها، هكذا هي الحرب الاختيارية.
إذا كانت الحرب في غزة تسببت بإساءة لوضع إسرائيل في كل المجالات، فإن الحرب في الشمال ستفوقها بأضعاف من حيث أضرارها. غزة ستكون المقدمة لكوارث الحرب القادمة: القتلى، الدمار، عداء العالم، الرعب والكراهية لأجيال. ربما ينشأ وضع نشتاق فيه إلى المعارك في “الشجاعية”. أهذا ما نريد جلبه على أنفسنا، بأيدينا؟
الأمور بسيطة أكثر مما تبدو. وقف إطلاق النار في غزة سيؤدي إلى وقف إطلاق النار في الشمال. بعد ذلك سنتحدث عن الاتفاق. وحتى لو لم يتم التوصل إليه، الواقع بدون حرب في الشمال سيكون أفضل لإسرائيل. لا أحد يعرف كيف سنكون بعد حرب أخرى. كم سننزف وكم سيتم ضربنا قبل الانتصار. مثلما كان من الأفضل عدم اندلاع حرب شاملة في غزة، التي هي أيضاً كانت بالطبع حرباً مبادراً إليها، فمن الأفضل عدم اندلاع الحرب في الشمال.
ما زال بالإمكان منعها (هناك شك كبير بعد تفجير أجهزة الاتصال)، لكن على إسرائيل التحرر من فكرة أنه يمكنها حل أي شيء بالقوة، وبالسلاح وأجهزة الاتصال المتفجرة، وبالتصفيات والحرب. لسذاجتي، اعتقدت أنها تعلمت ذلك في غزة. غداة تفجير أجهزة البيجر، يمكن القول بثقة وأسف بأنها لم تتعلم. هي بعيدة عن ذلك.