فرنسا تطلب ضمانات من الجزائر قبل تسليم الوزير السابق عبد السلام بوشوارب
ينتظر أن يفصل القضاء الفرنسي في طلب الجزائر تسليمها الوزير السابق للصناعة المتابع في قضايا فساد عبد السلام بوشوارب، يوم 9 تشرين الأول/أكتوبر المقبل، في وقت يطالب هو بالحصول على حماية السلطات الفرنسية ضد ما يعتبره تصفية حسابات تطال رجال الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة.
ووفق ما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية، فإن الجزائر قدمت ما مجموعه ثمانية طلبات تسليم إلى محكمة الاستئناف في إيكس أون بروفانس جنوبي فرنسا، منها خمسة لتنفيذ الأحكام الصادرة ضد الوزير السابق للصناعة، وثلاثة في إطار ملاحقات قضائية أخرى. وطلب القضاة في محكمة إيكس أون بروفانس، من القضاء الجزائري، وفق المصدر ذاته، “معلومات إضافية” لتوضيح بعض النقاط القانونية. كما طلبوا “التزامًا رسميًا” بعدم الحكم بعقوبة الإعدام أو تطبيقها إن كانت صدرت. وبحسب الوكالة، فإن محامي بوشوارب، بنجامين بوهبوت، طلب من العدالة الفرنسية عدم تسليمه، مدعيًا أن موكله ملاحق لأسباب “سياسية” في سياق عملية تطهير تطال فترة بوتفليقة.
وذكرت صحيفة “لوموند” الفرنسية إن بوشوارب، البالغ من العمر 72 عامًا، والذي يقيم في منطقة الألب البحرية في فرنسا، قد وُضع تحت الرقابة القضائية منذ 5 تشرين الأول/ أكتوبر 2023. وذكرت أن الشروط الوحيدة التي فرضت عليه هي عدم مغادرة الأراضي الفرنسية، حيث يقيم بشكل قانوني، وتسليم جواز سفره.
وحسب “لوموند”، فقد استفسرت المحكمة الفرنسية التي ستنظر في طلب التسليم من القضاء الجزائري، حول الحكم الصادر ضد بوشوارب بالسجن لمدة عشرين عامًا، رغم أن الجرائم الموجهة إليه بحسب القانون الجزائري، تستوجب حدًا أقصى للعقوبة لا يتجاوز عشر سنوات، وفق ما ذكرت. ونقلت الصحيفة عن محامي بوشوارب، بنجامين بوهبوت، قوله إن هذه العقوبة “غير قانونية”، واصفًا المحاكمات التي خضع لها موكله بأنها “تمثيلية” جرت في انتهاك واضح لحقوقه الأساسية. وأضاف المحامي أن هذه الأحكام لا تتماشى مع المعايير الدولية.
كما أبرزت الصحيفة أن المحكمة عبرت عن تساؤلاتها بشأن طلبات التسليم التي تسعى لمحاكمة بوشوارب رغم صدور أحكام في حقه في عام 2020. من جهته، طلب مكتب المدعي العام تأجيل القرار ليتسنى النظر في جميع طلبات التسليم في جلسة واحدة.
وفي حديثه أمام المحكمة، استند المحامي بوهبوت إلى تقارير صادرة عن منظمة العفو الدولية ووزارة الخارجية الأمريكية، مشيرًا إلى “انتهاكات واسعة لحق بوشوارب في محاكمة عادلة”. وأضاف قائلاً: “إرسال رجل يبلغ من العمر 72 عامًا لقضاء عقوبة بالسجن لمدة عشرين عامًا في دولة توصف بالدكتاتورية هو قرار لا يمكنكم اتخاذه”. ويعد بوشوارب في الجزائر، وفق لوموند، ممثلًا للتيار الليبرالي المؤيد للاستثمارات الأجنبية، ويُنظر إليه في الصحافة الجزائرية باعتباره رجل فرنسا.
والمعروف أن اسم بوشوارب وهو رجل أعمال قبل أن يكون وزيراً، قد ظهر في قضايا فساد حتى قبل سقوط بوتفليقة. وفي عام 2016، تم تداوله اسمه في قضية أوراق بنما، التي كشفت أنه يملك شركة “أوفشور” تدير محفظة عقارية بقيمة 700,000 يورو. وبعد أن مكث 3 سنوات في الحكومة، رحل بوشوارب عن الوزارة عندما تم تعيين عبد المجيد تبون في 25 أيار/مايو 2017 وزيراً أول، بعد أن تعرض لانتقادات حادة بسبب إدارته لرخص استيراد السيارات.
وكان بوشوارب قد غادر الجزائر قبل انطلاق الحراك الشعبي، وبقي مكان إقامته لغزاً حيث تردد في البداية أنه موجود في لبنان. لكن ذلك لم يمنع القضاء الجزائري من متابعته في عدة قضايا فساد خاصة بفترة بوتفليقة، حيث أدين غيابياً بأحكام تصل إلى 20 سنة سجناً نافذاً. ويعرف هذا السياسي الذي نشط في حزب التجمع الوطني الديمقراطي، بأنه مقرب من السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس الراحل، كما كان من أبرز وزراء العهدة الرابعة للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الذي كان مسؤولاً في حملته الانتخابية خلال رئاسيات 2014.