هل يعاني حزب الله الشيعي من اختراق إسرائيلي كما يحدث مع إيران؟
شكل الاعتداء الذي نفذه الكيان الإسرائيلي ضد مواطنين لبنانيين، ومنهم أعضاء في “حزب الله”، وأدى إلى مقتل تسعة أشخاص وجرح أكثر من 2800، مفاجأة، بحكم أن الاعتداء جاء عبر قطاع حساس للغاية يتوجب الحذر الشديد، هو مجال الاتصال والأجهزة المرتبطة به “بيجر”، ما يطرح فرضية تغلغل إسرائيلي وسط “حزب الله”، كما يحدث مع إيران.
وتعتبر إسرائيل متطورة في عمليات الاغتيال عن بعد، حيث تستفيد من تطورها التكنولوجي، وانتشار اليهود في العالم، والدعم اللامشروط للغرب لها. ولهذا، لا تشكل بعض عمليات الاغتيال مفاجأة، غير أن عملية تفجير قرابة ثلاثة آلاف من أجهزة الاتصال “المناداة”، أو “بيجر” في لبنان شكلت مفاجأة حقيقية، وذلك نظراً لحرص “حزب الله” على تحصين اتصالاته بتكنولوجيا غير غربية.
ورغم أن تكنولوجيا بيجر تعود إلى التسعينات، واستغنى عنها الجميع تقريباً في العالم، إلا أنها ما زالت هي المفضلة للاستخبارات وعصابات التهريب والهيئات العسكرية، لأن رسائلها تبقى محمية أكثر، مقارنة مع الهواتف الذكية التي تعتمد الإنترنت، وهو ما تبين مع برنامج التجسس بيغاسوس الإسرائيلي.
وبينما تنقل الصحافة الدولية، مثل “نيويورك تايمز”، أن هذه الأجهزة قد جرى زرع عبوات صغيرة فيها في مصنع في تايوان لتفجيرها عن بعد برسالة، وتؤكد “رويترز”، نقلاً عن مصدر لبناني، تلقيح هذه الأجهزة في المصدر بعبوات ناسفة، تنقل جريدة “الباييس”، اليوم، عن عدد من الخبراء، ومنهم مارك ريفيرو، رئيس قسم الأبحاث في شركة كاسبيرسكي المضادة للفيروسات أن انفجار جهاز بيجر في لبنان لا يمكن تفسيره سوى بزرع عبوة ناسفة فيه.
وبدوره، يذهب الخبير دفيد ماروغان إلى الفرضية نفسها، مؤكداً زرع العبوات الناسفة يدوياً. ويستعيد حالة اغتيال إسرائيل ليحيى عياش، مهندس التفجيرات في فلسطين، الذي جرى اغتياله بهاتف تم زرع عبوة ناسفة فيه مسبقاً.
ويبقى التساؤل الكبير؛ لماذا اشترى “حزب الله” أجهزة بيجر من تايوان بدل الصين؟ والمتعارف عليه هو أنه رغم عدم وجود علاقات دبلوماسية قائمة بين تايوان وإسرائيل، تمتلك الأخيرة مكتباً اقتصادياً في تايبي، يشرف على التعاون العلمي بين الطرفين، خاصة في مجال المعلوميات. كما أن تايوان هي من المدن التي فيها مختلف أجهزة الاستخبارات العالمية، لا سيّما الكبرى، لمراقبة والتحكم في صناعة الأجهزة الرقمية الدقيقة. ويبقى تفضيل تايوان، المخترقة من طرف الاستخبارات الغربية والموساد، بدل الصين علامة استفهام كبيرة.
من جهة أخرى، يمتلك “حزب الله” الخبراء الكافيين والأجهزة المتطورة مثل سكانير لفحص كل الأجهزة الحساسة التي يتوصل بها من الخارج، وخاصة في مجال الاتصالات، وبالتالي: كيف لم يفحص هذه الأجهزة لأن زرع عبوات ناسفة جرى في آلاف الأجهزة وليس في بضع عشرات؟
وارتباطاً بهذا، كيف لم ينتبه خبراء “حزب الله” بأن تلك الأجهزة هي من صنع شركة من المجر تحمل علامة الشركة التايوانية غولد أبولو، بمعنى كيف لم تتبع لجنة مكافحة التجسس في استخبارات “حزب الله” الطريق التي سلكتها هذه الأجهزة؟
لا يمكن استبعاد غياب الحذر بسبب الثقة الزائدة والإهمال، لكن، في الوقت ذاته، لا يمكن استبعاد فرضية الاختراق على شاكلة إيران.
وتعاني إيران من نجاح إسرائيل في تجنيد عملاء، هم الذين ينفذون عمليات اغتيال علماء المشروع النووي، وبعض قادة “الحرس الثوري”، وحتى بعض الضيوف، مثلما وقع مع اغتيال إسماعيل هنية، زعيم حركة “حماس”، نهاية يوليوز الماضي. وأعلنت إيران في أكثر من مناسبة تفكيك خلايا مكونة من إيرانيين تعمل لصالح إسرائيل، وكشف الرئيس السبق أحمدي نجاد أن رئيس قسم مكافحة التجسس الإسرائيلي في جهاز الاستخبارات الإيراني كان يعمل للموساد.