رفع الحظر عن الجماعة الإسلامية ببنغلاديش
رفعت الحكومة البنغلاديشية المؤقتة برئاسة كبير مستشاريها محمد يونس أمس الأربعاء الحظر الذي كان مفروضا على النشاطات السياسية لحزب الجماعة الإسلامية وجناحها الطلابي، لتلغي بذلك قرار الحظر الذي أصدرته حكومة حزب رابطة عوامي قبل أيام من سقوطها باستقالة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة واجد في الخامس من أغسطس/آب الجاري.
كما يأتي هذا القرار بعد 11 عاما من قرارين قضائيين سابقين قضيا بإلغاء تسجيل حزب الجماعة الإسلامية، وبالتالي منعها من المشاركة في الانتخابات منذ عام 2013.
وأشارت وزارة الداخلية في قرارها أمس الأربعاء إلى أن رفع الحظر تم بناء على عدم وجود أدلة على تورط الجماعة الإسلامية وجناحها الطلابي في نشاطات إرهابية.
وكانت الحكومة السابقة قد حظرت الجماعة الإسلامية والمنظمات التابعة والمرتبطة بها، بموجب المادة 18/1 من قانون مكافحة الإرهاب الصادر في بداية حكم الشيخة حسينة عام 2009، التي استندت فيه على اتهام الجماعة الإسلامية بالتورط في أعمال إرهابية وأنها وجناحها الشبابي كانوا بالأساس متهمين -في حكم سابق لمحكمة جنائية بداكا- بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال حرب التحرير والاستقلال عام 1971.
نبذ الانقسامات والكراهية
وفي حديثه خلال ندوة مع صحفيين ومحررين في العاصمة داكا، قال أمير الجماعة الإسلامية شفيق الرحمن إن جماعته حاضرة في المجتمع البنغلاديشي من أجل حماية القيم العليا للإسلام والوطنية والوحدة بين أبناء الوطن، وأنهم لم يسعوا للانقسامات بين المواطنين من أتباع مختلف الديانات الأربعة وهي الإسلام والمسيحية والبوذية والهندوسية، لأن ذلك يضعف بنية البلاد من الداخل.
وأضاف: خلال أكثر من 15 عاما لم يكن بإمكاننا أن نوصل خطابنا إلى جميع الناس، لم يكن بإمكاننا مشاركة الناس في أعمالنا، لقد ظللنا نحاول إيصال وجهة نظرنا من خلال الإعلام، ولكن لسبب ما لم يكن بوسعنا أن نعبر عما يجول في خاطرنا، لينتهي عهد العجز ذاك.
وقال شفيق الرحمن في جلسة أخرى مع صحفيين من وسائل إعلام هندية إن الجماعة الإسلامية لم تشارك في أي أعمال تخريبية، وإن كان هناك دليل على تورط أحد من أعضائها في عمل إرهابي فستقدم الجماعة اعتذارها وتسلم المتهمين للعدالة، مشيرا إلى أن جماعته حزب وحركة سلمية وديمقراطية، وأن أعضاء حزبه شاركوا في حماية دور العبادة للأقليات، دون النظر إلى تقسيم المواطنين إلى أقلية وأكثرية.
ودعا إلى وقف خطاب الكراهية السياسي، وإعادة النظام والأمن إلى بنغلاديش، وإصلاح الدستور والإدارات والنظام القضائي والثقافة السياسية، دون تقسيم المواطنين على أساس الدين أو الحزب.
وقال أمير الجماعة إن من أبرز ما يواجهه حزبه هذه الأيام هو الوقوف إلى جانب العوائل التي فقدت أبناءها خلال المواجهات الأخيرة.
وبشأن سبب حظر حزب جماعته، قال شفيق الرحمن إن القرار جاء خلال فترة الاحتجاجات الطلابية ضد الحكومة السابقة، وكان هدفه إبعاد الأنظار عن الحراك الطلابي وهدفه الرئيسي، مع توقع أن يتسبب قرار الحظر في احتجاج الجماعة الإسلامية على ذلك، فتحدث تطورات أخرى تبعد التركيز عن مسار الحركة الطلابية المحتجة ويتوسع الشغب.
تاريخ من الحظر والمشاركة
ويعد حزب الجماعة الإسلامية أقدم حزب إسلامي في بنغلاديش، وقد واجه أول حظر إثر استقلال البلاد وانفصالها عن باكستان بعد حرب التحرير عام 1971، بتهمة وقوفها مع باكستان في تلك الأحداث الدامية ولعلمانية توجه الدولة حينها، ثم رفع الحظر بعد اغتيال الشيخ مجيب الرحمن أول رئيس للبلاد على يد عسكريين في أغسطس/آب 1975 وحدوث انقلاب عسكري.
بعد ذلك، أسست الجماعة مع أحزاب أخرى “الرابطة الديمقراطية الإسلامية” وحصلت على 20 مقعدا برلمانيا عام 1979، وكانت في المرتبة الثالثة حينها، واستمرت مشاركة الجماعة الإسلامية في الانتخابات بعد ذلك، وكانت حاضرة في الحكومات البنغلاديشية في الأعوام 1991-1996، وبين عامي 2001 و2006.
وتفاوت حضور الجماعة البرلماني بين 10 مقاعد (انتخابات 1986)، و18 مقعدا (1991)، و3 مقاعد (1996)، و17 مقعدا (2001)، ثم حصلت على مقعدين فقط في انتخابات عام 2008، وكانت تلك آخر مشاركة للجماعة في الانتخابات مع بدء عهد الشيخة حسينة.
وفي الخامس من أغسطس/آب 2013 حكمت محكمة التمييز بقرار يلغي تسجيل الجماعة الإسلامية كحزب سياسي، تأكيدا لقرار المحكمة العليا، وبالتالي أصبحت في نظر القضاء آنذاك غير مؤهلة لخوض أي انتخابات.
وفي الفترة نفسها وتحديدا منذ عام 2010 بدأ القضاء في عهد الشيخة حسينة يلاحق عددا من قادة الجماعة الإسلامية إلى جانب آخرين من أحزاب معارضة أخرى كالحزب الوطني البنغلاديشي وحزب جاتيا في قضايا حرب التحرير لعام 1971، وحكم على عدد منهم بالإعدام والسجن.
حزب عمار بنغلاديش
ويأتي قرار رفع الحظر عن حزب الجماعة الإسلامية وجناحها الشبابي بعد أيام من إعادة تسجيل “حزب عمار بنغلاديش” من قبل مفوضية الانتخابات البنغلاديشية، ليكون الحزب الـ45 في البلاد، وذلك تنفيذا لأمر قضائي من المحكمة العليا موجه لمفوضية الانتخابات بإعادة تسجيل الحزب.
وحزب “عمار بنغلاديش” هو حزب إسلامي آخر منشق عن حزب الجماعة الإسلامية، تأسس عام 2020، وكان يواجه عراقيل في إثباتات شروط التسجيل وفروع الحزب خلال فترة الحكومة السابقة.
وقوبل سعيه للمشاركة في الانتخابات السابقة بالرفض، كحال عشرات الأحزاب الأخرى التي أقصيت عن المشاركة في الانتخابات التي عقدت في يناير/كانون الثاني مطلع العام الجاري.