92 بالمئة من مسلمي بريطانيا لا يشعرون بالأمان
نشرت صحيفة “إندبندنت” تقريراً، أعدّته سلمى أوغيه، قالت فيه إن تأثير اليمين المتطرف على مسلمي بريطانيا ظهرَ من خلال استطلاع وجد أن نسبة 92% منهم باتوا يشعرون بعدم الأمان للعيش في بريطانيا.
وبحسب دراسة مسحية لمنظمة “مسلم سينس”، والتي تقوم بجمع البيانات عن المسلمين والأقليات العرقية، فإن عنف وشغب اليمين المتطرف ترك أثره على المسلمين وجعلهم يشعرون بأنهم أقل أماناً في بريطانيا.
وتم تنظيم الدراسة ما بين 5-6 آب/أغسطس، بمشاركة 1,519 شخصاً من أرضيات مختلفة، وتوصّلت إلى أن نسبة 1 من كل 6 أشخاص عانوا شخصياً من الهجمات العنصرية، منذ بداية الشغب في 30 تموز/يوليو.
وقالت نسبة 2 من 3 أشخاص إنهم شاهدوا هجمات عنصرية. وتعتبر الاعتداءات اللفظية الأكثر شيوعاً، وقالت نسبة 28% إنهم تعرضوا لهجمات لفظية عنصرية، ونسبة 16% عبر الإنترنت، وتعرّضت نسبة 4% لهجمات عنصرية بعد أسابيع من الفوضى والشغب الذي أحدثه اليمين المتطرف.
وقال صادق دورسات، المؤسس المشارك لـ “مسلم سينس”: سمعنا عن قصص حول محجبات لا يشعرن بالأمان للخروج من بيوتهن او الذهاب إلى العمل، بل وشاهدنا عملية تصيّد للمسلمين الذين يذكرون اسم الله ورسوله وأناساً يخشون على سلامتهم.
وهاجم اليمين المتطرف، وعلى مدى أيام، المساجد والمحلات التجارية التي يملكها المسلمون، والفنادق التي تؤوي طالبي اللجوء السياسي في لندن وليفربول وبريستول وبلاكبيرن وبلفاست.
وانتشر الشغب بعد حملة تضليل عبر منصات التواصل الاجتماعي، في أعقاب طعن ثلاث بنات صغيرات في حفلة رقص بمدينة ساوث بورت، في 29 تموز/يوليو.
وتم استهداف المركز الإسلامي في ساوث بورت، حيث قام المتطرفون بإشعال النيران بالسيارات، وإلقاء الحجارة على البنايات. وتم اعتقال أكثر من 900 شخص، منذ بداية الشغب، ووجهت اتهامات لأكثر من 400 منهم، وتشمل على نشر الكراهية العنصرية.
وطلبت المساجد في بريطانيا من المصلين توخي الحذر، ونصحتهم بعدم المشي لوحدهم، وتجنّب مغادرة بيوتهم بعد زوال الشمس، والتنقل في مجموعات، و “تجنّب الاستهداف”، حسب نصيحة من مركز ليستر الإسلامي.
وعبرت الهيئة المنظمة للاستطلاع عن قلقها من زيادة حالات العنصرية، وانتشار المخاوف الأمنية، والصعود الصادم للإسلاموفوبيا، والتي لم تعد حالات معزولة.
وقال دورسات: هذه مشكلة متنامية ومتزايدة، ورأيناها يوماً بعد يوم، ولم يفاجأ حتى بعض الناس من الشغب. وأضاف: منذ بداية العام، يعاني المسلمون من هذه الحوادث الإسلاموفوبية، ولكنها تسارعت فقط في الأسبوع الماضي، ويجب ألا يندهش أحد.
ويناقش أن زيادة حوادث العنصرية والكراهية لم تحدث بين ليلة وضحاها، فهي في تصاعد خلال السنوات الخمس الماضية، مثل “أثر الدومينو”، ما قاد إلى العنف في كل أنحاء البلد.
وبحسب الدراسة المسحية، قال نصف المشاركين في الدراسة إنهم كانوا ضحايا لهجمات عنصرية في العام الماضي. وقالت نسبة كبيرة من المسلمين، 93%، إن إسلاموفوبيا زادت خلال الأعوام الخمسة الماضية.
وتعتقد المنظمة المسلمة أن على الحكومة شجب العنف، وبأشد العبارات، وانتقدت قادة الأحزاب لعدم عملهم على تحديد تعريف لمصطلح الكراهية للإسلام، أو إسلاموفوبيا. وقال دورسات: “لم تستخدم إلا نادراً، خلال الأسابيع الماضية، وبدا التردد في استخدامها نظرا لعدم وجود تعريف واضح للإسلاموفوبيا متفق عليه من الحكومة الحالية والسابقة”. وأقرب شيء توافقت عليه الأحزاب لتعريف إسلاموفوبيا جاء في 2019، بأنه “عنصرية متجذرة، وهي نوع من العنصرية التي تستهدف المظاهر الإسلامية، أو تلك التي تفهم على أنها إسلامية”. ومع أن الساسة يستخدمون المصطلح، من العمال والليبراليين الديمقراطيين والمحافظين الإسكتلنديين، إلا أن حكومة المحافظين السابقة لم تعترف به. وقال دورسات إن هناك حاجة لإحياء النقاش بشأن المصطلح، بحيث نستطيع وصف الأحداث بدقة ونحن نناقشها، ومن ثم التعامل معها بطريقة مناسبة، وفي الوقت الحالي يستخدم بعض الناس عبارة الكراهية الموجهة ضد المسلمين.
وفي أثناء الشغب، قال رئيس الوزراء كير ستارمر إن حكومته مكرسة لمعالجة العنف والكراهية ضد “من تأثروا بها”، ووعدت وزيرة الداخلية بتوفير حماية موسعة للمساجد في البلاد.
ودعا دورسات رئيسَ الوزراء لتوضيح التهديد الذي تمثله العنصرية على المجتمعات العرقية، و”شجب مرتكبيها ومعاقبتهم”. وأضاف: نأمل أن يتسبّب ما نراه في الشوارع برد فعل حقيقي لمنع حدوث ذلك في المستقبل. كما أنه يشكل سابقة تعني أن الاستهداف ضد مجموعة دينية معينة ستتم معاقبته بشكل مناسب.
وقال: أحث هؤلاء الأشخاص على التحدث إلى الشرطة، والتحدث إلى وحدة الاستجابة للإسلاموفوبيا. لا تعتقد أن هذا أمرٌ مقبول أو متوقع وكل ما عليك فعله هو التزام الصمت. قم بدق ناقوس الخطر لأن هذه الحالات يجب التعامل معها بشكل صحيح.
وفي استطلاع مماثل أجرته شبكة النساء المسلمات وجد أن نسبة 75% تخشى على سلامتها، مقارنة مع نسبة 16% قبل أحداث الشغب. وأجرت الشبكة استطلاعها بمشاركة 200 من أعضائها، ووجدت أن واحدة من كل خمسة قلن إنهن تعرضن لتصرفات عدوانية منذ أحداث ساوث بورت.
ونقلت شبكة “سكاي نيوز” عن ليلا تاميا، التي لجأت إلى مسجد عبد الله قويليام في مدينة ليفربول بعد المواجهات بين اليمين المتطرف والمحتجين ضدهم، في يوم الجمعة 2 آب/أغسطس، إنها حتى قبل الشغب شعرت أنها لا تستطيع الاعتماد على الشرطة لحمايتها وعائلتها.
وقالت طالبة الدكتوراه: “كان هناك حس بأن الشرطة لن تحمينا”، ولهذا كان من الضروري إظهار نوع من التضامن وليس فقط من المجتمع المسلم، وكان هناك عدد كبير من غير المسلمين الذين جاءوا يوم الجمعة لحماية المسجد.
وقالت أمينة عتيق، الشاعرة البالغة من العمر 29 عاماً: “شعرت بأنه لم يكن عدلاً ألا يسمح لنا كعائلة مسلمة أن نحزن على مقتل البنات الثلاث”، ولأننا بعد ذلك مباشرة شعرنا بأننا المشتبه بنا بذلك الهجوم.
وعبّرت أمينة عن إحباطها من خطاب المشاغبين: كيف سأقنعكم بأن تروني كبشر.
وحثت البارونة شيستا غوهير، المديرة التنفيذية لشبكة المرأة المسلمة، الحكومة للنظر في قانونها عن جريمة الكراهية “فقد ارتفعت نسبة جرائم الكراهية في العقد الأخير، ولم تعد إستراتيجية مكافحتها صالحة”. وأريد رؤية تقوية قانون جريمة الكراهية وتعريف مصطلح العدوانية.
وتدفع البارونة غوهير باتجاه تشجيع النساء المسلمات للإبلاغ عن جرائم الكراهية، حتى يكون هناك فهم أفضل لأثر جرائم الكراهية.