كيف تخدم الإمارات مصالح الاحتلال في غزة؟
تستمر دولة الإمارات بالتعاون الوثيق مع الاحتلال الإسرائيلي، الذي طبعت علاقاتها معه رسميا في آب/ أغسطس 2020، رغم حرب الإبادة الإسرائيلية ضد قطاع غزة المستمرة منذ نحو 11 شهرا، وخلفت أكثر من 132 ألف شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
وخلال الأسبوع الجاري، أعلنت الإمارات عن إقامة فرع لشركة “رافاييل” الإسرائيلية في أبو ظبي لتحويل طائرات “طيران الإمارات” إلى طائرات شحن، إضافة إلى استنقاذ رجل الأعمال الإسرائيلي، باتريك دراحي، المتعثّر ماليا، عبر ضخ مليار دولار استثمارا مباشرا في دار “سوثبيز” للمزادات المملوكة له.
ويعد رجل الأعمال الإسرائيلي دراحي مالك قناة “HOT” الإسرائيلية وشبكة «i24» الإخبارية، التي تدافع بقوة عن المذابح الإسرائيلية في غزة.
وجاء في تقرير لصحيفة “الأخبار” اللبنانية أنه “ليس في سياسة الإمارات حيال إسرائيل أي تناقض أو تردّد، بعدما حسمت أمرهما منذ أمد بعيد: وهو مع إسرائيل بالمطلق، ومع سحق حركة حماس وفصائل المقاومة كافة، بل هي أكثر حماسة لما يسمّيه العدو إنجاز المهمة من إسرائيل نفسها”.
وأضافت الصحيفة أنه “يكاد لا يمر أسبوع منذ توقيع اتفاقات أبراهام في 2020، من دون الدخول في استثمار جديد في إسرائيل أو معها، رغم أن الإعلانات عن الأرقام التي تعكس نمو العلاقات التجارية بين الجانبين تراجعت في أثناء الحرب، وكان آخرها إعلان سفير إسرائيل لدى الإمارات، أمير حايك، في منتصف العام الماضي، أن التبادل التجاري مع إسرائيل، بلغ 1.29 مليار دولار في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2023، باستثناء تجارة البرمجيات التي لم يُعلن عن حجمها.
وذكرت أن عملية “الفارس الشهم” الإماراتية لمساعدة الغزّيين، والتي أنتج منها الإماراتيون 3 نسخ حتى الآن، “لا تنطبق عليها لا الفروسية ولا الشهامة، وهاتان الصفتان تفترضان أولا مقاطعة العدو الذي يبطش بالفلسطينيين، لا الاستثمار المباشر في آلة بطشه”.
وبينت أن “المساعدات التي تقدّمها الدولة الخليجية للفلسطينيين في غزة لا تضاهي بأي شكل من الأشكال ما ينتجه الكوريدور، الذي فُتح لإسرائيل عبر السعودية والأردن، لتزويد إسرائيل بكلّ ما تحتاجه انطلاقا من الموانئ الإماراتية، بعد أن نجحت حركة أنصار الله في إطباق الحصار على ميناء إيلات الإسرائيلي في البحر الأحمر”.
وأوضحت: من قال إن ذلك الفتات ليس إحدى أدوات الحرب الناعمة الموازية لحرب الإبادة الإسرائيلية على القطاع؟ الواقع أنه بالفعل ذو أهداف مشبوهة، تصبّ في النتيجة في مصلحة الدور الذي يمكن أن يلعبه نظام زايد في غزة ما بعد الحرب: أولاً، هذا الدور مطلوب إسرائيليا، ولذا، يمكن لأبو ظبي إقامة مستشفى ميداني في القطاع لا يتم قصفه، فيما تتم تسوية كل المستشفيات الفلسطينية هناك بالأرض.
وزادت: لذا أيضا، يمكن للإمارات أن تقيم أفرانا في غزة ولا تُقصف، بينما لا يُبقي العدو حجرا على حجر في أي فرن آخر. وعلى المنوال نفسه، باستطاعة الإمارات إخراج ألف جريح من غزة ومعالجتهم في مستشفياتها، بينما يموت جرحى آخرون ممن لا يُسمح لهم بالخروج.
وكشفت أن الإمارات كان لها الدور الأساسي في ما سُمح بإدخاله من مساعدات عبر قبرص، قبل أن يجري وقفه، بعد أن لاحظ الإسرائيليون أن بطون الفلسطينيين في غزة ربما بدأت تشبع للمرة الأولى منذ بداية الحرب. وفي كل التصوّرات التي وُضعت من قبل الأمريكيين والإسرائيليين لكيفية إدارة القطاع ما بعد الحرب، ستجد الإمارات، التي تؤدي الدور الذي أُسند إليها بأمانة “فارس شهم”، على رأس القائمة.
وقالت إن الإمارات توفّر ولو على نطاق مصغّر حاليا، ربما يكبر لاحقاً، ما تأمل هي وأمريكا و”إسرائيل” في أن يكون بديلاً لإدارة حركة حماس لغزة، سواءً في توزيع المساعدات حاليا أو ربما إدارة القطاع لاحقا، ولا سيما أن أبو ظبي تملك أداة حتى أمنية للقيام بهذه المهمة، هي محمد دحلان وجماعته.
وأضافت أن ثمة أهداف أخرى تتعلق بالداخل الإماراتي، إذ يمكن أن تنطلي تلك المساعدات على الكثير من الإماراتيين العاديين، بوصفها عملا إنسانيا يُنفّذ باسمهم لمصلحة الفلسطينيين، ولا سيما أن الجرائم الإسرائيلية في غزة أنتجت احتقانا شعبيا إماراتيا مكبوتا نتيجة نوع العلاقة التي تقيمها بلادهم مع العدو.
وأكدت الصحيفة أن الهدف الحقيقي لإسرائيل هو إبادة الفلسطينيين في غزة، أو تهجيرهم منها، فإن دور الفارس الشهم الإماراتي يصبح إطعام الذبيحة قبل موعد سوقها إلى الذبح. وما تستطيع الإمارات فعله لإسرائيل لا يستطيع غيرها القيام به، وفشل الجسر البحري الأمريكي هو مثال واضح على ذلك.
وختمت: هي دولة عربية اللسان، ويمكن لها التواصل مع فلسطينيي القطاع، وبمقدورها التأثير عليهم من خلال كونها القناة الوحيدة، في بعض الحالات، التي يمكن عبرها أن يدخل شيء إلى أفواههم وبطونهم في ظل الجوع. لكن حتى الآن، لم يصل الدور الإماراتي إلى حد تشكيل استفزاز مباشر للمقاومة التي يعنيها وصول نزر من المساعدات إلى الفلسطينيين، ولو عن طريق الشيطان.