مقال رئيس التحرير

قصة واقعية.. ليلة القبض على بقرة في مصر

كان لواء السجون طارق مرزوق الذي يشغل الأن وظيفة محافظ يمر بشوارع مدينة جمصة مع حاشيته، فوجد بقرة تسير في الشوارع فأمر بالقبض عليها فورا، وكان له ما أراد، وأمر بإيداعها مجلس مدينة، فوجد رئيس المدينة نفسه في مأزق؛ إذ لا مأوى للبقرة ولا طعام ولا شراب، فأمر بنقلها لجهة إيواء حتى ينظر في أمرها ويرى فيها ما يرى.
تواصل مسئولون مع المحافظ شارحين له أن كافة جهات المحافظة ليس لديها مأوى للأبقار، وأن مديرية الشئون البيطرية والزراعية جهة علاج وتحصين وليست جهة إيواء، فما كان من اللواء إلا أن وجه سيلا من الشتائم لهم.
حاول بعض الأهالي أن يوضحوا للمحافظ أن البدو من أهل المحافظة يتعايشون بأبقارهم على الحشائش وبقايا الزراعات، وأن هذا الأمر معروف بين العامة والخاصة، فلم يكن من المحافظ إلا أن أصر على حبس البقرة، وهنا اعترض الجميع لأنه ليست هناك جهة إيواء للحيوانات أو غذاء، وأن حبس البقرة قد يودي بحياتها.
قبل أن يحل المساء على أهل الدقهلية كان عدد الأبقار الحبيسة أربعة أبقار، وقد أصدر المحافظ غرامة قدرها عشرة آلاف جنيه على كل بقرة، مع إصرار المحافظ على سجن البقر، واشتد النقاش بينه وبين المسئولين ورفض المسئولون الانصياع إلى الأمر، مؤكدين للمحافظ أنهم لا يملكون مأوى للأبقار ولا غذاء، ولابد من نقل الأبقار إلى جهة أخرى.
أصدر المحافظ قرارا بنقل الأبقار إلى مدينة بلقاس، وبالفعل نقلوها بسيارة نقل، ووجد رئيس مدينة بلقاس نفسه في مأزق، واتصل بالمحافظ، مؤكدا لسيادته أن مجلس المدينة ليس لديه زريبة، وليس لديه مخصصات مالية لإطعام الأبقار، وأن حياة البقر في خطر.
ومع تواصل النقاشات وعقد العديد من الاجتماعات أقنعوا اللواء المحافظ أن يفك أسر الأبقار بعد تعهد أصحابها بعدم تكرار ترك الحرية لها لكي تقتات من خشاش الأرض، مع إصدار قرار من اللواء المحافظ بفرض غرامة على كل بقرة تتجرأ وتسير في شوارع جمصة قدرها عشرون ألف جنيه، وإن لم يتسلمها صاحبها خلال أسبوع تذبح وتؤكل.
وأخيرا، أفرجت سلطات الدقهلية عن الأبقار الأربعة بعد أن أقر أصحابها في تعهدات مكتوبة بالتزامهم وأبقارهم بتعليمات اللواء المحافظ، وعادت الأبقار وسط تهليل وتكبير من أصحابها وأسرهم الذين تكبدوا ويلات الانتقال متابعة لأبقارهم مع قليل من البرسيم وبعض الأعلاف خوفا على ممتلكاتهم من الموت جوعا.

لهذه الدرجة وصلت مصر فماذا تتوقعون أن تصبح عن قريب.

حمد الخميس

زر الذهاب إلى الأعلى