مياه الشرب المعبأة ليست آمنة كما تظن
تشهد السوق العالمية للمياه المعبأة نموًّا سريعًا، فقد استهلكت ما يقرب من 600 مليون أسرة المياه المعبأة في عام 2022. كذلك يتزايد استهلاك المياه المعبأة بمعدل 5% سنويا، ومن المتوقع أن يبلغ حجم الاستهلاك نحو 515 مليار لتر بحلول عام 2027.
وهناك تصور سائد لدى كثير من المستهلكين أن المياه المعبأة هي بديل أكثر أمانًا يحتوي على كمية أقل من الملوثات مقارنة بمياه الصنبور، وهو ما تنفيه جزئيا دراسة جديدة نشرت في دورية “آيكون إينفيرونمينت آند هيلث” في فبراير/شباط الماضي، فعبوات المياه المعبأة في زجاجات بلاستيكية يمكن أن تكون أيضًا مصدرًا محتملًا للتلوث.
المادة الأساسية المستخدمة في صنع هذه العبوات البلاستيكية هي البولي إيثيلين تيريفثاليت (PET)، كما يتم أيضا دمج إضافات مختلفة مع المادة الأساسية، والتي قد تتسرب إلى المياه المعبأة أثناء التخزين والاستخدام.
وقد ركزت معظم الأبحاث السابقة على الملوثات العضوية المذابة التي تنتقل من العبوات البلاستيكية إلى المياه المعبأة. ولكن هذه الدراسة الجديدة تتعرض للملوثات المتطايرة التي توجد في الهواء داخل زجاجة المياه وأيضا في الهواء المحيط بأماكن تخزين العبوات البلاستيكية، والتي تنطلق عند تعرض زجاجات المياه البلاستيكية للأشعة فوق البنفسجية الصادرة من الشمس، وذلك ما يؤكد الحاجة إلى ممارسات تخزين أكثر أمانًا لضمان سلامة مياه الشرب.
وفي هذه الدراسة، قام الباحثون من جامعة جينان الصينية بتحليل المركبات العضوية المتطايرة المنبعثة من 6 أنواع من عبوات المياه البلاستيكية المعرضة للأشعة فوق البنفسجية وأشعة الشمس التي تم الحصول عليها من قارات مختلفة. وأظهرت النتائج أن جميع العبوات التي تم اختبارها ينبعث منها خليط معقد من الألكانات والألكينات والكحولات والألدهيدات والأحماض، مع وجود اختلافات كبيرة في تكوين المركبات العضوية المتطايرة وتركيزها بين العبوات.
وإلى جانب ذلك، تم تحديد مركبات عضوية متطايرة شديدة السمية، منها مواد مسرطنة مثل ن-هيكساديكان، كما أن تعرض الزجاجات البلاستيكية للشمس لفترات طويلة يؤدي إلى زيادة تركيز المركبات العضوية المتطايرة، وذلك يزيد من الخطر التراكمي.
هل عبوات المياه آمنة؟
ومن الأمثلة على ذلك، تخزين المياه المعبأة في السيارة لفترة طويلة، مما يؤدي إلى تعريض عبوات البولي إيثيلين تيريفثاليت البلاستيكية لإشعاع شمسي طويل ودرجات حرارة مرتفعة، وإطلاق المركبات العضوية المتطايرة في الهواء داخل الزجاجة. ونتيجة لذلك، قد يستنشق المستهلكون الهواء الملوث بالعبوات وذلك قد يعرضهم لمخاطر صحية.
لكن لحسن الحظ، فإنه رغم اكتشاف ملوثات مختلفة في زجاجات المياه المعبأة، فقد وجدت الدراسة أن تركيزاتها تظل أقل من حدّ الخطورة. فبالنظر إلى متوسط وزن الحاوية الذي يبلغ نحو 20 جم، وجد أنها تنتج مركبات عضوية متطايرة سامة تراوح من 0.02 نانوجرام/جرام إلى 0.79 نانوجرام/جرام بعد فترات تشعيع ممتدة.
ولذلك، فإن الإجماع السائد بين العلماء يظل قائمًا على أن المياه المعبأة في عبوات بلاستيكية من مادة البولي إيثيلين تيريفثاليت آمنة بوجه عام إلى الآن. لكن الباحثين أقرّوا في دراستهم أنه مع ازدهار سوق المياه المعبأة فإن فرصة ظهور عبوات غير آمنة ترتفع يومًا بعد يوم، وهناك حاجة ملحّة إلى إيجاد بدائل أكثر أمانا، وهو ما يؤكد ضرورة إجراء بحث متعمق عن مواد تصنيع وطرق إنتاج أكثر أمانًا لعبوات المياه وأيضا زيادة وعي المستهلك.